نزار العوصجي: إمتدادات نشوء الحركات الإجرامية

لكل أنسان رأي فيما يعتقد ، وله مطلق الحرية في التعبير عن رأيه بأسلوبه الخاص ، مستنداً في رؤيته إلى ما يمتلك من معلومات ، وصل اليها من خلال متابعة مجريات الإحداث ، إلى جانب البحث والتقصي وسعة الأدراك ، وهذا مؤشر يدل على أن تلك المعلومات لم تأتي من فراغ ..
ومن الطبيعي جداً إن لا يتطابق الرأي الذي يطرحه المحلل او الباحث مع رؤية الأخرين في بعض الأحيان ، وهذا أمر وارد بكل تأكيد ..
ومن هنا جاءت مقولة : الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية ..
هذه المقولة جاءت للتأكيد على أهمية احترام وجهات النظر المختلفة ، وعدم تحويل الاختلاف في الرأي إلى خلاف شخصي قد يؤدي إلى قطيعة في العلاقة مابين الأشخاص ..
حين كانا نجلس على مقاعد الدراسة طلباً للعلم ، تعلمنا من درس الرياضيات ، إن النظرية العلمية تبنى على ثلاثة أسس مترابطة تكمل بعضها البعض ، تلك الأسس تشكل الأركان الداعمة لأي نظرية ، وهي : المفروض ، والمطلوب إثباته ، والبرهان ..
وعلى سبيل الفرض أننا تطرقنا إلى نظرية تتناول نشأت المجاميع الإجرامية التي تجمعها صفة مشتركة ، الا وهي قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ، وهو المطلوب إثباته بالبرهان القاطع الذي لايقبل الشك والتأويل ، ذلك ما نسعى اليه لكي نكمل أركان النظرية أعلاه ..
بين الحين والأخر يخرج على الأعلام من يدعي بإن أعداء المقاومة الإسلامية المدعومة من إيران ، يروجون لنظرية باطلة لا اساس لها من الصحة ، مفادها إن مصدر نشوء تنظيمات القاعدة الإجرامية ومجاميع الميليشيات المسلحة وعصابات داعش التكفيرية وفصائل الحشد الشعبي الولائي ، واحد (( النظام الإيراني )) ، وإن عملية الخلط بين مقومات نشأت هذه العصابات فيها من التجني الشيئ الكثير ..
في حين إن كل المؤشرات تشير إلى أن جميع ماورد من مسميات قد نشأت في بيئة واحدة ، و ولدت من رحم واحدٍ ، ورضعت الخبث والشر من ذات الثدي المشوه المملوء بالغل ..
ولكي نبرهن على صحة نظرية نشوء تلك المسميات ، علينا أعطاء الوصف الشافي لكل حالة من الحالات الأربعة كلً على إنفراد :
- لقد تبنت الإدارة الأمريكية الأشراف على نشأت وتمويل تنظيمات القاعدة الإجرامية ، وهذا ماجاء علناً على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق هيلاري كلنتون ، التي قالت بصريح العبارة إن الإدارة الأمريكية باشراف ال CIA هي من أنشأت ومولت تنظيمات القاعدة لمواجهة تفاقم الوجود الروسي في أفغانستان ، وقد تم ذلك بالتنسيق مع النظام الإيراني ، الذي تبنى عملياً رعاية تنظيم القاعدة واحتضان قياداته وتهيئة معسكرات الإيواء والتدريب على الأراضي الإيرانية ، بالقرب من الحدود الأفغانية مع إيران ..
- لقد عمدت الأحزاب الموالية للنظام الإيراني منذ اليوم الأول للعدوان الغاشم الذي أقدمت عليه الولايات المتحدة الأمريكية ومن معها بغزو العراق واحتلاله ، إلى تشكيل مجاميع من الفصائل الميليشياوية المسلحة تحت عدة مسميات ، بلغ عددها 67 فصيل مسلح ..
كل ذلك تم بتوجيه ودعم من المرشد الاعلى لنظام الملالي في طهران ، لغرض فرض السيطرة على جميع مفاصل الدولة ، وأحكام القبضة على القرار السياسي في العراق .. - كما نشئ تنظيم داعش التكفيري في السجون العراقية وتحديداً في سجن أبو غريب بتوجيه وأشراف مباشر من قبل المجرم قاسم سليماني ، قائد ما يسمى بفيلق القدس الإيراني ، الذي تولى عملية الأعداد والأشراف على تنفيذ خطة الهروب المفبركة لعناصر التنظيم من داخل السجن بنية مبيتة تهدف إلى إشاعة الفوضى ونشر الطائفية بين أبناء الشعب العراقي ..
ذلك ما جرى فعلاً بالإتفاق والتنسيق مع المجرم نوري المالكي ، الذي تبنى مهمة تجهيز عناصر التنظيم بما يحتاجونه من مستلزمات في عملية الهروب الجماعي ، حيث كان يشغل موقع رئيس الوزراء آنذاك ، وبالتنسيق مع وزير العدل العراقي ..
وفعلاً تمت عملية الهروب إلى سوريا بعد ان تبنى المجرم بشار الأسد عملياً تهيئة المعسكرات اللازمة لأستيعابهم ، داخل الاراضي السورية وعلى مقربة من الحدود العراقية ، تمهيداً لتنفيذ عملية دخول العراق .. - أعقب ذلك عملية تشكيل فصائل الحشد الشعبي الولائي ، بفتوى جهادية من المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الإيرانية علي خامنئي وليس السستاني كما يدعون ، ليكون إمتداداً لوجستياً للحرس الثوري الإيراني داخل العراق ، بحجة فتوى الجهاد لتحرير المحافظات العراقية التي وقعت تحت سيطرة تنظيم داعش التكفيري ، في حين أنه أستكمال لما سبقه من المخططات التي أشرنا اليها ، وبداية لفصل جديد من فصول الاحتلال الإيراني الأقتصادي والعسكري للعراق ..
ماتقدم من إيجاز مبسط يمثل برهاناً لا يرتقي اليه الشك مهما حاولوا القفز عليه ، يثبت للعقلاء صحة نظرية إن مصدر نشوء تنظيمات القاعدة الإجرامية ومجاميع الميليشيات المسلحة وعصابات داعش التكفيرية وفصائل الحشد الشعبي الولائي ، هو إيران الشر ..
وأن من يقف خلف الوضع المأساوي الذي يستهدف الوجود العربي في العراق والمنطقة عموماً ، هو نظام الولي السفيه المجرم المتعطش للدماء الذي يستهوي القتل ..
كل ذلك يتم بدعم وإسناد من العملاء الذين جاء بهم الاحتلال البغيض في 2003 ..
أبعد كل هذا هل لازال هنالك من يعتقد بإن نظرية النشوء هي عملية خلط للأوراق ، فيها الكثير من التجني ؟؟
لذا نقول لهؤلاء البغاة إن ضوء الشمس لا يحجب بغربال ، وإن نور الحقيقة لابد من إن يسطع مهما طال الزمن ، وإن ساعة الحساب قد باتت أقرب من ما يتصورن ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبً ينقلبون ..
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز
