آراء

علي حسين الساعدي: ماذا بعد مسرحية الانتخابات؟

رغم أن نتائج يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 لم تحسم بعد لاسيما عند محاولات الأطراف المهيمنة على المشهد التي سوف تتدخل وتتلاعب بمخرجات الانتخابات التي هي الاضعف والاقل مشاركة مهما اجروا اصحاب المصلحة فيها من ترقيعات وتزويقات ومن السابق لأوانه اعطاء تصور نهائي ومع ذلك فإنني سأقدم تصوراتي بناءً على المعلومات والتحليلات المتاحة حول مسرحية الانتخابات البرلمانية العراقية (التشريعية) المقررة في هذه الانتخابات .
ان تحليلي للمشهد السياسي الحالي يستند على ماسبق ان طرحته والمقالات التي سبق وان نشرتها والاستطلاعات التي تسبق يوم اجراء الاقتراع .

نتائجً الانتخابات بالعراق
التوقعات تشير إلى احتمال تعزيز نفوذ الكتل السياسية التقليدية الموالية للنظام في ايران خاصة جماعة الإطار التنسيقي وذلك لعدة للأسباب ألتالية:
١- هذه الجماعات تعتمد على أصوات الجهات الرسمية من الذين تم تعينهم بزمن المالكي والقوات الامنية والجيش والحشد وحقيقة هؤلاء هم رأسمال جماعة ايران الأساسيين
٢- عزوف اكثر من ٩٩٪؜من الشعب عن المشاركة لمعرفتهن سلفا بانها مجرد مسرحية لتدوير نفايات العملية السياسية البائسة وأنها لن تغير من الواقع شيئا!؟
٣- ربما هناك تأثير لقرار مقاطعة التيار الصدري للانتخابات حيث يُتوقع أن يصب غيابهم في مصلحة القوى الشيعية الأخرى .
٤-العودة إلى نظام سانت ليغو الانتخابي الذي يخدم جماعات ايران على حساب القوى الناشئة والمستقلين مما يسهل على الكتل التقليدية تجميع الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان.
٥-تصدر تحالفات ايران حيث تشير بعض استطلاعات الرأي إلى أن تحالفات الذين يمتلكون السلطة والسلاح والفساد مثل جماعة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد تكون في صدارة النتائج ويليه بشكل طبيعي الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب تقدم !

عزوف ومقاطعة شعبية كالعادة
-التوقعات السائدة تشير إلى احتمالية انخفاض كبير في نسبة المشاركة أو على الأقل استمرار العزوف الشعبي الذي شهدته الانتخابات السابقة (اقل من ١٠٪؜ في 2021)، وذلك بسبب انعدام الثقة العامة حيث يستمر الاستياء الشعبي العميق والتراكمي بسبب استمرار الفساد وتدهور الأوضاع الامنية والسياسية وانعدام الخدمات والبطالة مما يجعل الغالبية العظمى من الشعب العراقي يرى في الانتخابات أداة لاستمرار الفاسدين وأسباب خراب العراق بالسلطة ولا توجد فرصة حقيقية للتغيير.
-من المتوقع أن نسبة كبيرة من الناخبين التقليديين للتيار الصدري ستمتنع عن التصويت وربما تخرج بمواقف كما حدث امس في مدينة الثورة مما زاد من نسبة العزوف الكلي.
-تكرار الوجوه المستهلكة وترشح وجوه اسوء منهم لذلك يرى الرأي العام العراقي أن هذه الانتخابات قد تكون مجرد تكرار واستنساخ سيئ للنظام السياسي القديم والوجوه ذاتها.

الانتخابات الحالية ستعيد نفس الوجوه
-رغم ان هذه المسرحية الانتخابية تجري وسط صراع وتنافس إقليمي ودولي محتدم بين القوى التي تسعى لصياغة شرق أوسطي جديد ووجود محاولات لم تنجح لحد الان ولا نتوقع انها تنجح لكبح النفوذ الإيراني وترسيخ احترام السيادة وبين قوى اخرى ترى في العراق ساحة نفوذ مهمة يجب التغلغل فيها بالنسبة للجدد والحفاظ عليها بالنسبة للقدامى ؟!
-على الرغم من التنافس الخارجي من المرجح أن جوهر النظام السياسي القائم على التوافق والمحاصصة لن يتغير بشكل جذري وفي افضل التوقعات والامال سيكون هناك تغييرات تكتيكيه للوجوه وليس في بنية النظام الفاشل او سياساته مما يعني أن نفس القوى التقليدية ستستمر في الهيمنة وتشكيل الحكومة القادمة على أساس المحاصصة سيئة الصيت والمحتوى التي أوجدها الاحتلال بين المكونات (سني وكردي وشيعي ) بدلاً من التنافس البرامجي.

  • كما لاننسى هنا التأثير الإقليمي والمحلي فالانتخابات رغم انها عملية ممسرحة إلا انها تمثل هي الأخرى إحدى ساحات المواجهة والنفوذ وقد تستخدمها بعض القوى الإقليمية مثل ايران بالإيحاء بقوة حضور وكلاءها وقد لاحظ الجميع يوم امس كيف ان مستشار السفير الايراني في بغداد يتجول في مراكز الاقتراع وكأنها داخل ايران وليس في دولة اخرى كان اسمها العراق ؟؟؟؟!!!!لكن في النهاية فإن المشهد الداخلي لابد وان يعكس انقسامات بنيوية عميقة ونظاماً سياسياً متهرئاً يعيق التغيير الايجابي ويمنعه ؟!

لاوجود للقوى المستقلة

اتوقع أن القوى المستقلة والناشئة ستواجه تحديات كبيرة وقد تتعرض للإقصاء والتهميش ؟! كما ان تأثير القانون الانتخابي سيؤثر كثيرا لاسيما العودة إلى نظام “سانت ليغو” المعدل يضعف بشكل كبير فرص المستقلين والقوى الناشئة. ان هذا النظام صمم ووضع كي يخدم الكتل المهيمنة على الواقع في العراق ويصعّب على المرشحين الاخرين الجماعات او الأفراد الفوز بالمقاعد.
من المتوقع في ضوء قراءتنا للمشهد المعقد والملتبس في العراق المحتل أن يتراجع تمثيل المستقلين والقوى الناشئة بشكل كبير مقارنة بانتخابات 2021 (التي فاز فيها المستقلون بحوالي 70 مقعداً بسبب قانون “الصوت الواحد غير المتحول” الذي أُقر بعد احتجاجات تشرين).ونعتقد جازمين انهم حينها أعطوا بالفرز المزور ٧٠ مقعد للمستقلين لاسباب تكتيكية وسرعان ماتبخر هذا العدد وتبين انه اغلبهم ليسوا مستقلين او تم شراؤهم ؟؟؟؟
اضف إلى ذلك ان التحدي الأكبر للمستقلين يكمن في قدرتهم على توحيد خطابهم واجتذاب “الأغلبية الصامتة” ولا أظن بوضعهم الحالي كانوا قادرين على ذلك وواضح انهم فشلوا في استثمار السخط الشعبي وتحويله إلى تصويت واعٍ وهي مهمة صعبة أمام الهياكل التنظيمية القوية والموارد المالية للكتل التقليدية التي تسيطر على مقدرات الدولة ومواردها .
لذلك فأنا وغالبية العراقيين محبطين سلفا من تكرار ذات التجربة الفاشلة وذات العناوين وسنبقى ندور في الفلك الذي أوجده المحتل ويخطط ويحرص ويعمل على استمراره إلى عقود قادمة !!!

زر الذهاب إلى الأعلى