آراء

نزار العوصجي: من حق السيد إن يملي أوامره

البعض من البشر يخلطون بين النسيان و التناسي ، في حين أن الفرق بينهما كبير وجوهري ..
الفرق الأساسي هو أن النسيان عملية طبيعية غير إرادية ، تحدث غالباً للأمور الثانوية بسبب تراكم المعلومات ، بينما التناسي هو عملية إرادية واعية ومكتسبة تتضمن صراعاً بين الذاكرة والقلب لتجاهل أمر معين عمداً ، وغالباً ما يترك أثراً سلبياً ..

يحاول سياسيي الصدفة تناسي حقيقة إن من جاء بهم لخدمته هو المحتل الأمريكي ، ولولا المحتل لما تجرؤا على الوصول الى حدود العراق لغاية الساعة ، ولما عرفهم العراقيين حتى بالأسماء كونهم نكرات لا محل لهم من الإعراب ..
أن عملية غزو العراق واحتلاله لم تأتي من فراغ ، بل أنها تمت بدفع من ثلة ارتضت لنفسها خدمة المحتل على حساب الوطن ، لذا سعت إلى إختلاق الأكاذيب لتبرر جريمة الغزو النكراء ..
من هنا توجب البحث في قاموس اللغة العربية لإيجاد المصلح الأمثل لتلك الثلة التي ارتضت لنفسها خدمة المحتل ، فتبين أنه مصطلح الخدم ..
أجل أنهم الخدم الذين جاء بهم سيدهم المحتل لينفذوا ما يمليه عليهم وهم صاغرين ..
كما عليهم أن يقدموا له فروض الطاعة والولاء ، وأن يقفوا اجلالاً واحتراماً لقدومه ، وأن ينحنوا كلما صادفهم ، فذلك أقل ما يمكن أن يقدموه إكراماً للسيد الذي سلطهم على رقاب العراقيين ..
يبدوا أن انشغالهم بالسلطة أدى بهم إلى نسيان حقيقة أساسية مفادها ، أن من حق السيد أن يملي أوامره على عبيده كما يحلو له ، وعندما يرى أن وجود هذا العبد أو ذاك لم يعد مناسباً أو مجدياً ، فمن حقه أن يجد البديل المناسب دون إي أعتراض ..

ما لا يفهمه هؤلاء الثلة من سياسيي الصدفة القابعين في المنطقة الخضراء ، هو أن سيدهم المحتل قد جاء بهم وأطلق يديهم في العراق ليس حباً بهم ، وأنما لتبيض وجهه الكالح ، وإظهار جريمة الغزو على أنها تحرير ..
التحرير المزيف الذي سينجم عنه ثورة في الأعمار والتقدم ، مصحوبةً بحالة غير مسبوقة من الرفاهية والازدهار ، بإلاضافة إلى نعمة الحرية والديمقراطية (( الخالية من الكرامة )) التي وعدهم بها ..
عندها سيصبح العراق نموذجاً للتطور والتقدم والعمران ، بحيث يصبح الغزو أمنية من أمنيات دول العالم الثالث ، لتسعدهم كما أسعدت العراقيين من قبلهم ..
الا أن سرعان ما أصيب المحتل بخيبة أمل كبيرة ، جراء الاداء السيئ لعبيده في تنفيذ واجباتهم ، وإخلالهم بالتعهدات التي وعدوا بها للتغطية على جريمة الإحتلال ، والتي من المفترض أن يقوموا بها على مدى الأثنان وعشرون عاماً الماضية ..
فبدلاً من البناء والاعمار والتنمية ، وبناء الأنسان العراقي الجديد ، أنصب إهتمامهم على سرقة الثروات ونهب المال العام ، وزرع الفرقة والفتنة الطائفية ، وتدمير البنية التحتية ، وقتل وتهجير المثقفين من أبناء الوطن ..

كما أنه أصيب بخيبة أمل أخرى عندما تفاجئ بأن ولاء عبيده لغيره ، وانهم عبيد للنظام الإيراني منذ زمن بعيد ، قبل ان يقدموا فروض الطاعة للمحتل ، لكنهم أثروا أستغلال قوته لتحقيق غاياتهم وفق المخطط الذي رسمه لهم سيدهم الفارسي ..
من ما زاد الطين بله أكثر ، أنهم أخذوا يتصرفون كأنهم سادة القوم ، وأصحاب القرار في موقع خدمتهم ، فعملوا على فتح الحدود أمام ميليشيات إيران وحرسها الثوري ، وهو ماجعل من الأرض العراقية حديقةً خلفية لإيران ، وساحةً أنطلاق لتنفيذ مخطط إيران التوسعي الرامي إلى ابتلاع المنطقة ، إضافة إلى فتح الأجواء العراقية امام الطائرات المسيرة الإيرانية لتشن الهجمات على الاهداف المعادية لهم ، والمتمثلة بقوات سيدهم المحتل ..

هنالك مثل شعبي يقول :
(( ركبته ورايا ، مد ايده بالخرج )) ..
كثيراً ما نسمع أن الأمثال تضرب ولا تقاس ، والسبب في ذلك هو العبرة ، حيث إن بلاغة الأمثال فيها الكثير من العبر الكفيلة بأن تعلم الأنسان كيفية التعامل مع الواقع ..
وتقول كوكب الشرق أم كلثوم أنما للصبر حدود ، مايعني أن حالة السكوت على تجاوز الخطوط الحمراء يعد مخالفة تستوجب محاسبة المتجاوز بشدة ..
فالتجاوز يمكن أن ينتج حالة استياء شديدة مصحوبة بردة فعل سلبية ، تكون نتائجها وخيمة على العبد حين يتجاوز حدوده ، يمكن أن تؤدي إلى إنقلاب شامل وكامل عندما يستاء السيد ..

ما لا يفهمه سياسيي الصدفة ، أن لكل بداية نهاية ، ولكل فعل رد فعل مساوياً له في القوة ومعاكساً له في الاتجاه ، وفي السياسة عادةً ما تكون ردة الفعل أقوى بكثير من الفعل نفسه ..
لقد بات واضح للعيان أن أمر هؤلاء الثلة من أشباه الرجال قد وصل إلى مراحله النهائية ، بعد إن عبّر الشارع العراقي عن رفضه لوجودهم بمختلف الوسائل ..
كما أمتد هذا الرفض حتى وصل إلى سيدهم ، فلم يعد يثق بهم و بولائهم ، بحيث إنه بدء يشعر بالحرج من الموقف الذي وضعوه فيه ..
لذا أدرك سيدهم المحتل أهمية تسلم زمام المبادرة ، وإيجاد الحلول اللازمة للخروج من المستنقع الذي وقع فيه ، كما عليه البحث عن الوسائل الكفيلة بتبيض وجهه الأسود إمام الآخرين ..

فهل يوجد بينهم من يدرك المغزى من تعيين المبعوث الخاص ؟؟

للحديث بقية ، والايام القادمة حبلى بالمفاجآت ..

زر الذهاب إلى الأعلى