آراء

د. بندر عباس اللامي: إياد جمال الدين.. حين يتحول الحقد الطائفي إلى خطابٍ للعمالة السياسية

في عام ٢٠٠٦ اثناء مؤتمر عقد في استنبول صادف إن التقى احد معارفي بالمعمم المدعو اياد جمال الدين وكان معه شخص لحمايته ؟! عرفه بانه كان منتسب في الحرس الجمهوري لانهم استقلوا نفس السيارة التي أقلتهم من المطار إلى الفندق وكان اياد حسبما فهمت حينها من معارفي محسوب على جماعة اياد علاوي وشاءت الصدف ان معارفي اضطر للجلوس معه ايضا في صالة الفندق قرابة ساعتين (لحين تجهيز ادارة الفندق الغرف المخصصة لهم )اتذكر جيدا ان صديقي اخبرني عن بعض ماطرحه اياد حينها وكانت اراء غريبةً منها ان والده كان يحب ويحترم الرئيس المرحوم صدام حسين ونظم في مدحه قصيدتان وكذلك انتقد اياد علاوي لانه لم يأخذ بنصيحة اياد ويؤسس مليشيا مسلحة وووو.
وبعد ان انتهى المؤتمر التقيا صديقي وإياد في السوق الحرة لمطار استنبول !!وحقيقة يقول صديقي ضننت انه شخص وطني بصرف النظر عن عمامته!!
بعد هذه الصورة المشوشة عن اياد وصلتني بعض لقاءاته وكانت متفاوته ومتناقضة مرة يهاجم ولاية الفقيه ومرة يمتدح النظام في طهران ؟! اغلب توجهاته وآراؤه أقنعتني اخيرا انه انسان متذبذب بآرائه وكأن هناك من يملي عليه مواقفه او انه يعمل مع جهة تلزمه بتوجهات معينة سيما بعد استقراره في ؟؟!!
لذلك ما كتبه إياد جمال الدين في منشوره الأخير ليس تحليلاً سياسياً كما يدّعي بل كان انفجاراً طائفياً رخيصاً يكشف حجم الكراهية التي يختزنها هو وامثاله من بعض أدعياء “الاستقلال” و”العلمانية” تجاه غالبية مكوّنات الشعب العراقي. فبدلاً من أن يستخدم لغة العقل والمنطق لجأ إلى أوصاف منحطة تنطبق عليه وعلى امثاله مثل “الحثالة” و“ديك المزابل” في إساءةٍ مقصودة للغالبية العظمى من الشعب العراقي والبعثيين على حد سواء وهو بذلك يثبت أنه لا يفرّق بين الموقف السياسي والنَسَب الطائفي بل يتغذّى من نار الانقسام الذي كان هو وامثاله حطبا له ليدمّر العراق منذ 2003.

يحاول جمال الدين ان يقدم نفسه كعادته كناقدٍ ديني وسياسي لكنه في الواقع يمارس دور المحلل المأجور الذي يردّد روايات طهران وواشنطن وكل اعداء الشعب العراقي معاً وكأنّ مهمته أن يُقنع العراقيين بأنّ الاحتلال الأمريكي والهيمنة الإيرانية وجهان لعملة واحدة اسمها “الحكم الشيعي”. إنّ زعمه بأن “أمريكا لا مشكلة لها مع المليشيات الشيعية ما دامت لا تمس إسرائيل” هو اعترافٌ صريح منه واقرار بتبعية هذا الحكم وكل من تلونوا بصبغته السوداء للصفقات الخارجية لا للإرادة الوطنية.

الأخطر من ذلك هو دعوته الوقحة لإيران بصناعة سلاح نووي ثم عقد سلامٍ مع إسرائيل. حقيقة هذه ليست رؤية سياسية بل تسويق مفضوح للتطبيع باسم التشيّع السياسي الذي يعملون عليه منذ احتلال العراق ومحاولة لتجميل الخيانة تحت عباءة “الواقعية” المخرومة! لذلك هو لا يرى في السلاح وسيلة للدفاع عن الأمة بل أداةً لترسيخ سلطة المليشيات المرتبطة بولاية الفقيه في العراق ولبنان واليمن شرط ألا تُزعج إسرائيل. إن ما تطرق اليه اياد هي في الواقع رسالة عارٍ موقّعة بمداد الطائفية والعمالة معاً.

إنّ من يتابع ماذكره المدعو اياد جمال الدين يدرك أن هذا المعتوه يمثل صوت مشروع الخراب المبرمج مشروع يقوم على شيطنة مكوّن يمثل الجزء الأكبر من العراقيين وشرعنة من اختاروا الارتهان للخارج وعلى تصوير التبعية على أنها “حكمة سياسية”. وما يقوله اليوم هو تكرار لما قاله قبله منظرو الفتن الذين مزّقوا العراق إلى طوائف ومحميات ليبقى البلد مرتهناً للإملاءات الإقليمية والدولية.

الرد الحقيقي على اياد وامثاله لا يكون بلغة الشتيمة بل بإحياء الوعي الوطني العراقي الجامع البعيد عن الطائفية والارتهان للخارج الذي يرفض تحويل الدين أو المذهب إلى سلعة سياسية. العراق لا يُبنى بخطاب الحقد بل بالإرادة الوطنية والعدالة والكرامة لجميع أبنائه. أما أمثال اياد جمال الدين فهم مجرد أدوات مستهلكة في لعبةٍ أكبر منهم سرعان ماينتهي دورها وترمى في القمامة وسيذهبون مع غبار المرحلة ويبقى الوطن أقوى من كل أصوات الطائفية والارتزاق.

زر الذهاب إلى الأعلى