نزار العوصجي: على المكشوف.. إيران ماذا ربحت وماذا خسرت؟

مقارنة يملؤها الحذر والقلق من ما ستأول اليه الأمور في العراق ، نتيجة رد الفعل الإيراني المتهور بكل تأكيد ، جراء ما جرى وما يجري داخل اروقة النظام الإيراني من إنهيار مادي ومعنوي ، الأمر الذي دفع بشخوصه إلى الخروج بتصريحات رعناء ، تفتقر إلى ابسط قواعد اللياقة الأدبية ، وهذا ليس بغريب عن هذا النظام التوسعي الأهوج ..
ان أطلاق المسؤولين الإيرانيين للتصريحات الرعناء في هذا الوقت تحدياً يهدف إلى جذب الأنظار ، والتظاهر بأن إيران لازالت قوة فاعلة في المنطقة ، في حين ان الواقع اثبت لنا وللعالم أن نظام الملالي نمر من ورق ، فالأحداث التي جرت على الساحة تظهر أن النظام فقد اوراقه الواحدة بعد الأخرى ، من ما يثبت فشل مشروعه التوسعي في المنطقة ، بدءاً من سوريا وصولاً إلى لبنان واليمن والعراق ..
لقد تبخرت استراتيجية النظام الإيراني التي يطلق عليها وحدة الساحات ، عندما نجحت إسرائيل وبدعم أميركي من تدمير ما يسمى بمحور المقاومة ، حيث نجحوا بعملية تقطيع سلسلة هذا المحور ، كما تمكنوا من تدمير غزة تدميراً كاملاً واغتيال معظم قادة حركة حماس ، ومن ثم اغتيال صفوة قادة حزب اللات في لبنان بدءاً من أمينه العام ، إلى جانب تدمير البنية التحتية الاقتصادية والعسكرية واللوجستية التابعة له ، وصولاً إلى كارثة تفجيرات أجهزة الإتصالات ( البيجر ) ..
كذلك تدمير البنية التحتية التابعة للحوثيين في اليمن من موانئ ومنشآت ومخازن وصولاً إلى اغتيال معظم أعضاء حكومة الحوثيين ..
إما الكارثة الكبرى التي حلت على رأس النظام الإيراني فقد تمثلت بسقوط حليفه القوي نظام بشار الاسد في سوريا ، والإعلان الرسمي عن طرد الوجود الإيراني نهائياً من سوريا ..
هذه الأحداث بالمجمل تعني تدمير مشروع الهلال الشيعي الذي أسسه النظام الإيراني ، خدمةً لمشروعه القومي التوسعي الذي يستهدف الشيعة العرب بالدرجة الأساس ..
لم يقف الأمر عند هذا الحد بل انه تعدى ذلك بفقدان النظام الإيراني لمعظم قياداته الواحد تل والأخر ، بدءاً من رئيسه الذي أعده المرشد الإيراني ليكون وريثاً له ومعه وزير الخارجية ، بإلاضافة إلى مجموعة مهمة من المسؤولين الذين قضوا في حادث الطائرة التي كانت تقلهم في طريق العودة من أذربيجان ، ولم تفصح إيران عن أسباب الحادث ..
تلاها فقدان عدد من قادة الصف الأول للحرس الثوري الإيراني ، من الذين يثق بهم المرشد الإيراني ، إلى جانب فقدان خيرة مهندسي وعلماء المشروع النووي الإيراني وشخصيات مهمة اخرى ، من المفترض ان تكون محصنة ، بعد ان ثبت اختراقها من قبل الموساد الاسرائيلي ..
بإلاضافة إلى تدمير معظم المنشآت النووية والمنشآت العسكرية والتصنيعية الأخرى ، ومعها مقرات الاتصالات ومخازن السلاح والصواريخ خلال حرب ال 12 يوم بين النظام الإيراني وإسرائيل ..
الكارثة الكبرى التي قصمت ظهر النظام الإيراني ، عندما اكتشف قادته انه منخور من داخله وان مؤسساته الامنية والحساسة مخترقة من قبل جهاز سري على أعلى المستويات تابع للموساد الاسرائيلي ، حيث نجحت إسرائيل بنشره داخل منظومة الحكم الإيرانية ، وكان له الدور الرئيسي والأهم بما حصل خلال الحرب التي دارت بينهم ، ولازالت خلايا الموساد منتشره وتعمل داخل ايران ..
تلا ذلك تخريب وتعطيل المشروع النووي الذي أنفقت عليه مليارات الدولارات ، أغلبها من أموال الشعب العراقي ، وتدمير المنشآت النووية ، بإلاضافة إلى ما تعانيه من عزلة دولية ، مصحوبة بعودة العقوبات ضد النظام بأثر رجعي حسب قاعدة “سناب باك” (Snapback) ، أي مايسمى ب آلية الزناد ، أو آلية إعادة فرض العقوبات ، حيث لا يتطلب تفعيلها إلى أعادة التصويت في مجلس الأمن من جديد ، وقد نفذت ضد إيران اخيراً ..
لذا لم يبقى لدى إيران الكثير من الأوراق التي يمكن ان تلعب بها سوى ورقة العراق ، وهذا ما دفع الرئيس الاميركي دونالد ترامب إلى تعيين السيد مارك سافايا ( وهو من أصل عراقي ) مبعوثاً خاصاً له في العراق ..
لذا نجد ان النظام الإيراني قد سارع لوضع مخطط خبيث يحاول من خلاله خلق الفتنة داخل العراق ، إلى جانب أحداث الفوضى بوجه مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، من خلال تأجيج الفصائل المسلحة بالضد من محمد شياع السوداني بحجة ان السوداني بات يشكل خطراً ضد الفصائل والحشد وضد المصالح الإيرانية ، وهذا ما دفع بالجنرال إسماعيل قاآتي إلى الأسراع بالقدوم إلى بغداد ، محملاً بالخطة التي سيواجه بها مبعوث الرئيس الأمريكي مارك سافايا ، وعلى هذا الأساس استدعت إيران شخصية شيعية لغرض إعدادها بديلاً عن السوداني ، في محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع على الإدارة الأمريكية ، لعلمها علم اليقين بأنها ستفقد العراق سياسياً واقتصادياً ..
من هنا بدء النظام الإيراني يستشعر حجم الخطر المحدق الذي يحيط به ، لذا بات يحرص أشد الحرص على عدم فقدانه للغطاء المذهبي المتمثل بالمرجعية الشيعية الواجهية في النجف ، وان يحكم قبضته في الهيمنة عليها ، وان يوجهها بما يخدم مصالحه الذاتية ، بعيداً عن مصلحة العراق وشعبه ..
فهل لكم ان تصوروا حجم ومقدار الألم الإيراني ، عندما يحصي نظام الولي السفيه خسائره الجسيمة ..
