نزار العوصجي: مسرحية الانتخابات البرلمانية

تحت شعار ممارسة الديمقراطية ، أتفق العملاء واللصوص منذ اليوم الاول لغزو العراق على إعداد مسرحية عنوانها الانتخابات البرلمانية ، لعلمهم انها المنفذ القانوني الأسهل للوصول إلى مشروع سرقة خيرات وثروات العراق ..
ولغرض كسب الشرعية الدستورية امام المجتمع الدولي لابد من التأكيد على استمرار عرض المسرحية في موعدها المحدد وإعادة العرض كل أربعة سنوات ، إلى جانب مراعاة أضفاء عامل التشويق والجذب من خلال تغيير ديكور المسرح والإضاءة والمؤثرات الصوتية وإظهارها بحلة جديدة ، بالإضافة إلى استقدام ممثلين جدد (كومبارس) ، بهدف إستقطاب البسطاء من أبناء الشعب ..
ومع انطلاق حملة الدعاية الانتخابية ، تنهال الخطابات الرنانة والوعود الكاذبة للمرشحين على وسائل الأعلام ، الوعود التي توحي بانها كفيلة بمعالجة جميع المشاكل التي يعاني منها المواطنين ، وعند انتهاء الفصل الأخير من المسرحية ، يتوارى هؤلاء المرشحين عن الأنظار ..
لن نجد منهم من يتطرق إلى تردي قطاع التربية والتعليم ، او إلى مشكلة الطلبة الجدد الذين بدؤا الفصل الدراسي في مدارس متهالكة وصفوف كئيبة ، ورحلات مشوهة تشبه وجوه اللصوص المقرفة المملوءة بالحقد ، والمتخمة بأموال السحت الحرام ..
لن نجد من يتطرق الى مشكلة نقص المياه الصالحة للشرب التي يعاني منها المواطن ، كما لن نجد من يتطرق الى مشكلة انعدام الخدمات ونقص الطاقة الكهربائية التي تعاني منها عموم محافظات العراق ..
لن نجد من يتحدث عن غياب السيادة ، ولن نجد من يتحدث عن انهيار الصناعة وانعدام الزراعة ، لن نجد من يتحدث عن تردي قطاع الصحة ، كما لن نجد من يتطرق الى مشكلة الأمن المفقود الذي حول حياة المواطن الى كابوس مرعب ، فالمهم هو الوصول إلى قبة البرلمان ، وليذهب الشعب الى الجحيم ..
للوهلة الأولى من بدء اطلاق الدعاية لمسرحية الانتخابات ، يبدو للناظر أنهم جادون في مشروع البناء والاعمار ، وفي الحقيقة ان شعاراتهم ليست من أجل العراق ومصلحة شعبه ، لكنها تمهيدًا لتوزيع المناصب والامتيازات التي ما انزل الله بها من سلطان ..
نعم انها عملية تمهيد لتوزيع المناصب والامتيازات التي تعود بالفائدة على جيوبهم ، وجيوب اللجان الاقتصادية لأحزابهم وميليشياتهم ، ومن خلالها يخدمون اسيادهم الفرس المجوس ..
لذا نجدهم يتعاملون بحذر شديد مع الإحداث ، فعندما تتعرض مصالحهم الشخصية والحزبية للخطر ، سرعان ما يتفقون على تبادل الأدوار لتنطلي مشاهد وأحداث المسرحية على هذا الشعب المسكين ، فسرعان ما يصدق الجهلة والبسطاء ان التغيير قادم ، التغيير الذي سيجلب معه الخير للعراقيين ، ليعيشوا بسعادة وهناء ..
حين ينتهي الفصل الأخير من فصول المسرحية ، يتبادل الفاسدين التهاني ، ويتقاسمون مواقع السلطة ، ويوزعون الكعكة فيما بينهم ..
اما المحصلة التي يخلص اليها الشعب ، فهي عودة نفس الأحزاب الفاسدة ، ونفس الوجوه الكالحة ..
يعودون للهيمنة على مقدرات الوطن وثرواته وخيراته برعاية قضاء مسيس ، وضع في مقدمة اهتماماته حرمان أبناء الشعب من أبسط حقوقه ..
أجل يعودون مرة اخرى بعد ان يكونوا قد حضوا بمباركة الولي السفيه القابع في إيران ، والمعممين الدجالون القابعون في العراق ..
قد لا يخفى على الكثير من المطلعين بالشأن السياسي العراقي ، ان هنالك علاقة جدلية بين المحاصصة الحزبية و قانون الانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات ..
فلقد رسمت خطوط العلاقة بينهما بما يتناسب مع المصالح الخاصة للاحزاب والكتل السياسية الحاكمة ، بعيداً عن مصلحة الشعب والوطن ..
نعم رسمت الخطوط لتناسب حجم الاستحواذ الذي يسعى اليه سياسيوا الصدفة من عملاء إيران ، سراق المال العام ، المتسلطين على رقاب المواطنين البسطاء ..
هؤلاء السياسيون الذين قطعوا على انفسهم العهد بتدمير العراق ونهب خيراته ..
لقد رسمت الخطوط العريضة لقانون الانتخابات وفق نظام القوائم الانتخابية لكي تخفي بين طياتها أسماء اللصوص والمجرمين والمزورين ، وفاقدي الانتماء الوطني الذين لا يمكن لاي مواطن عراقي شريف ان ينتخبهم ..
من هنا يبدأ دور مايسمى بالمفوضية العليا للانتخابات ، في تولي عمليات التزوير والفبركة واللف والدوران ، وفرض الشخوص والاسماء الذين يمثلون ذاك الحزب او تلك الكتلة ، المتفق عليهم مسبقاً ليكونوا برلمانين ، يتقاسمون المناصب وفقاً لما يسمى بالاستحقاق الانتخابي للمكونات ، المبني على التزوير والتلاعب ..
مما تقدم نستطيع ان نتصور حجم الكارثة التي فرضها قانون الانتخابات في شرعنة وصول تلك الزمر من الخونة والعملاء للاستحواذ على مفاصل ادارة الدولة التي تتحكم بمصير البلاد والعباد ، من خلال ما يسمى بالاستحقاق الانتخابي وصولاً الى المحاصصة المقيتة ..
وبدون هذا القانون لا يستطيعون الوصول الى قبة البرلمان ، القبة التي تصدر عنها القرارت التي تخدم مصالحهم ومصالح اسيادهم ..
قريباً جداً سيتحرر العراق من الاحتلال الإيراني الغاشم بأذن الله ، وقريباً ستغلق مدارس التفرقة والعنف والكراهية إلى الأبد ..
قريباً سيأتي اليوم الذي تسقط فيه الاقنعة المزيفة المتسترة بالطائفية المذهبية بكل اشكالها ..
قريباً سيأتي اليوم الذي ينجو فيه العراق وشعبه من تسلط الدخلاء والطارئين الذين دمروا البلاد والعباد ..
عندها سيأتي دور الكفاءات الوطنية الشريفة الرافضة للتحزب الطائفي والمذهبي لتقود العراق ..
الكفاءات الوطنية المؤمنة بان العراق وطن العراقيين ، ومسؤولية حمايته تقع على عاتق الجميع ..
ان المشاركة في الانتخابات تعني إعطاء الشرعية لمن خان الأمانة وسرق مستقبل الوطن ..
أما المقاطعة فهي الموقف الشريف والرسالة الأقوى التي تعبر عن رفض هذه العملية السياسية الفاسدة برمتها ..
لذا يتوجب على الشعب ان يظهر وعيه وقوته ، ويثبت أن العراق أكبر من كلِ الأحزاب التي جعلت منه غنيمةً ..
ان المقاطعة اليوم ليست انسحاباً ، بل هي ثورة صامتة ضد الكذب والفساد ، والمهزلة التي تتكرر كل أربع سنوات ، لذا نهيب بكل أهلنا العراقيين إلى مقاطعة هذه الانتخابات التي هي عملية تدوير للوجوه الكالحة التي أوصلتكم وأوصلت العراق الى ماهو عليه الحال الان ..
