د. بندر عباس الكعبي: إلى متى تبقى عمليات سرقة اموال العراقيين؟

كعراقيين لانعلم مالذي قدمة النواب والوزراء خلال الاربعة سنوات العجاف الماضية فأداء النخبة السياسية العراقية تراوحت بين الكوارث والسرقات ونهب اموال الشعب
لذلك يثير الخبر المتداول حول تصويت مجلس الوزراء العراقي على منح مكافأة نهاية خدمة بقيمة 100 مليون دينار لكل نائب ووزير موجة غضب عارمة وتعليقات مشوبة بالإحباط واليأس كما يتضح من ردة فعل المواطن العراقي المغلوب على امره على مدى ٢٣سنة سوداء هذا المواطن الذي يتساءل بمرارة مالذي قدموه هؤلاء للعراق غير الكوارث والسرقات؟”. هذا التساؤل يعكس حالة عدم الرضا المتفشية في الشارع العراقي تجاه أداء الطبقة السياسية الفاشلة الفاسدة خاصة في ظل الأزمات المتراكمة التي تعصف بالبلاد لذلك تثير هذه القرارات المستفزة للعراقيين فجدلية المكافأة تأتي في زمن التقشف والأزمات بغض النظر عن دقة الخبر المتداول او صحة منح هذه المكافأة لنهاية الخدمة للنواب بقيمة 100 مليون دينار) فإن مجرد تداوله يلقي الضوء على حساسية موضوع الرواتب والامتيازات الممنوحة لكبار المسؤولين منذ الاحتلال ٢٠٠٣ في بلد يعاني من بنية تحتية متهالكة وتحديات في كل الملفات كالكهرباء والماء والخدمات الأساسية وووو إلى آخره. وارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة والفقر لذلك يُنظر إلى أي قرار يصب في مصلحة النخبة المالية على أنه استخفاف بمعاناة المواطنين. هذا التباين الصارخ بين ثراء المسؤولين وتدهور الأوضاع العامة هو الوقود الذي يشعل الاتهامات بالفساد والهدر.
واقع الخدمات والكوارث الإدارية
إن القول بأن الطبقة السياسية لم تقدم للعراق سوى “الكوارث والسرقات” يلامس جوهر الأزمة والحقيقة المرة . فالكوارث هنا ليست فقط طبيعية بل إدارية وخدمية. العراق منذ احتلاله وتمكين هذه الثلل الفاسدة والمتخلفة من الهيمنة على السلطة وهو أحد أكبر البلدان المنتجة لثروة النفط في العالم اصبح يعجز عن توفير 24 ساعة من الكهرباء المستمرة وتفتقر مدنه إلى ابسط أنظمة الصرف الصحي الحديثة والتعليم والصحة اصبحت يعانيان من التخلف والإهمال المزمن. هذه الإخفاقات تُعزى بشكل مباشر إلى سوء السلطة و الإدارة وتفشي الفساد الذي أصبح السمة الأساسية في الاقتصاد السياسي في العراق منذ احتلاله كما وصفته الأمم المتحدة. ناهيك عن كم كبير من ملفات مثل “سرقة القرن” وغيرها من كم هائل من قضايا الفساد الكبرى التي كشفت عنها هيئات النزاهة تزيد من قناعة الشارع بأن المال العام يُنهب لصالح المليشيات والشبكات السياسية المتنفذة بينما تظل مشاريع التنمية منعدمة ومعطلة.
الفساد السياسي المنظم ورفض الإصلاح
يرى اغلب العراقيين أن الفساد في العراق ليس مجرد سرقات و اختلاسات فردية بل هو جزء أصيل من عمل ونظام مخطط ضمن “المحاصصة السياسية” الذي يقوم عليها النظام الذي أسسه الاحتلال وجوهره تقاسم السلطة والمنافع بين الكتل الطائفية والقومية. هذا النظام يضع الولاء الحزبي والطائفي فوق الكفاءة والنزاهة مما يفسد عملية تقديم الخدمات ويلغي مكافحة الفساد. فرغم إطلاق الحكومات المتعاقبة لحملات دعائية كاذبة ووعود بمحاربة الفساد الذي أسّسوه وتشكيل لجان خاصة إلا أن النتائج على أرض الواقع لم تتحقق ولا حتى بشيئ يسير. فمحاولات الإصلاح المزعومة ان وجدت ؟؟!! تصطدم بجدار من المصالح الحزبية والطائفية والمليشياوية المتشابكة حيث أن محاربة الفساد تحتاج إلى تفكيك النظام السياسي القائم الحالي على المحاصصة أولاً.
الحاجة الماسة جدا إلى المساءلة والتغيير
إن مشاعر الغضب والإحباط التي يترجمها المواطن العراقي المظلوم هي دعوة للتغيير الجذري. فلم يعد مقبولاً استمرار امتيازات النخبة الفاسدة مقابل فشلهم الذريع في إدارة شؤون الدولة وتقديم أبسط الخدمات. إن استعادة ثقة الشعب تبدأ بمساءلة حقيقية للمتسببين في الهدر والفساد منذ ٢٠٠٣ واسترداد الأموال المنهوبة وتوجيه الموارد المالية الهائلة للبلاد نحو مشاريع تنموية مستدامة تخلق فرص عمل وتحسن من جودة حياة العراقيين. وبدون ان يحدث هذا التحول والتغيير ستبقى صورة الطبقة الحاكمة محصورة في أذهان الناس ضمن إطار “الكوارث والسرقات”وسيبقى التوتر الاجتماعي والسياسي قائماً.