آراء

نزار العوصجي: يتحدثون عن الديمقراطية وهم لا يفقهون معناها!

يدعون ‏معرفتهم بالديمقراطية ، فإن كانوا حقاً يعرفون معناها ، فلماذا يتجاهلون ، بل يتعمدون عدم تطبيق فحواها ؟
كما يقولون اننا ننهج منهجاً ديمقراطياً في السلوك والتعامل اليومي ، ولكن الواقع الملموس الذي نحن فيه مغاير تماماً لما يدعون !!
الديمقراطية ياساده ياكرام هي حكم الشعب للشعب ، وليس حكم أقلية صغيرة محدودة ، لشعب متعدد الأعراق بأكمله ..
من ضمن الأسس الثابتة في النهج الديمقراطي للشعوب متعددة الأعراق ، اعتماد مبدء الكفاءة بدلاً عن المحاصصة المقيتة التي ابتلينا بها ، والتي تعتمدها ماتسمى بحكومة العراق في كافة المجالات ، بما فيها الدبلوماسية العراقية لدى المحافل الدولية ، والتي من المفترض ان تعكس وجه العراق امام العالم ، وهذا ما بدى جلياً في تركيبة الوفد الذي مثل العراق في أجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة الذي عقد في نيويورك مؤخراً ..
فبعد أنتهاء رئيس الجمهورية من إلقاء كلمة العراق أمام الهيئة العامة للأمم المتحدة ، انتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي صورة محزنة ، جمعت الوفد العراقي المشارك في أجتماعات المنظمة الدولية ، ضمت الصورة كل من : رئيس الجمهورية ، وزير الخارجية ، مستشار الأمن القومي ، ممثل العراق الدائم في الأمم المتحدة ، مستشار رئيس الجمهورية ، و قوباد طالباني ، ولا نعرف ماهي صفته ليكون ضمن الوفد العراقي ؟؟

وفي الجانب الأخر فلقد بلغت نفقات رئيس الجمهورية والوفد المرافق له لأجتماع الجمعية العامة في نيويورك 58 مليون دولار ، منها خمسة ملايين دولار مصرف جيب (( توزع عطايا للمعجبين والمعجبات في صالات القمار وبحسب درجة الأعجاب ، في حين أنها تكفي لسد جوع الاف العوائل العراقية الفقيرة )) ، بالأضافة إلى 250 الف دولار نقداً لكل عضو من أعضاء الوفد بما فيهم المقربون ، والمتبقي تم تحويله بواسطة البنك (( وأجزم ما يرجع منها ولا فلس )) ..
ان وجود قوباد طالباني مع الوفد في المكان المخصص للعراق ، أثار موجة من الانتقادات الحادة للحكومة العراقية ، في الوقت الذي يتحمل فيه مكتب رئيس الجمهورية هذا الخطأ الدبلوماسي ، كونه من رشح أسماء الوفد الذي ضم في عضويته (( 40 )) شخصاً ، من بينهم خمسة فقط من العرب ، مما أثار موجة من الانتقادات الحادة باعتبار أن الوفد كان كردياً بامتياز ، (( رئيس الجمهورية ، وزير الخارجية ، ممثل العراق الدائم في الأمم المتحدة )) ، وهنالك من يقول أن الوفد قد ضم ايضاً أبنة رئيس الجمهورية وصديقتها المقربة جداً ..

ان هذا السلوك المتعمد يجرنا إلى حديث يثير الشجون ، لم نكن يوماً نتمنى التطرق اليه كوننا لا نؤمن به ، ذلك لاننا نؤمن بوحدة العراق ارضاً وشعباً ، ولكن كما يقال للضرورة احكام في بعض الأحيان ، فبحسب أحصاء التعداد العام لسكان العراق لعام 2024 ، يقدر عدد نفوس سكان إقليم كردستان العراق الذي يسكنه الغالبية العظمى من الأكراد بحوالي 6.5 مليون نسمة وفقاً لتقديرات مختلفة ، بذلك تشكل نسبة سكان الإقليم بما فيهم الكرد 17% من عموم الشعب العراقي ، وهذا يعنى ان نسبة سكان باقي محافظات العراق من غير الكرد تشكل 83% ، من بينهم المسيحيين والصابئة واليزيديين والتركمان ، وغيرهم ..
على أقل تقدير كان من الأجدر برئاسة جمهورية العراق (( ان كانت فعلاً عراقية )) مراعاة تمثيل المكونات الاساسية للمجتمع العراقي عند تسمية أعضاء الوفد ، وان لا يقتصر التمثل على الأكراد دون غيرهم ، كونه اجتماع أممي يضم كافة شعوب العالم بمختلف ثقافاتهم وأطيافهم ، مما يسهم في رسم صورة جميلة امام المجتمع الدولي ، وهذا ماتم تجاهله تماماً ، والسبب في ذلك يعود إلى عدم أيمانهم المطلق بمفهوم الديمقراطية ، فالديمقراطية نظام رفيع المستوى انتجته دول متطورة في الفهم والإدراك ، لذا فانها لاتصلح للمجتمعات المتخلفة ، وهذا ما يؤكد ان الديمقراطية التي يتبجحون بها في عراق مابعد الأحتلال ، هي مجرد شعار لفضي لا أكثر ولا أقل ..

زر الذهاب إلى الأعلى