آراء

موفق الخطاب: تحت المجهر.. نهضة اليابان وتراجع الأوطان

لا معنى بعد اليوم لوجود وزارات للدفاع في دول العالم الثالث والدول النامية والمستضعفة بعد العدوان الصهيوني الغادر على الشقيقة قطر، بعد أن أصبحت الأجواء مستباحة ومفتوحة أمام المجرم نتنياهو وسيفعل المزيد من الجرائم لأن ردة الفعل لم ترتقِ لعِظم الجرم.
ولا جدوى بعد اليوم من التعاقد بمزيد من تريليونات الدولارات التي تستقطع من الميزانيات وتذهب لتشغيل مصانع الجانب الأمريكي وحتى الأوروبي والروسي وحسابات تجار السلاح، فعند ساعة العسرة يتم تعطيل هذه المنظومات الدفاعية أو يُحظر تشغيلها لنتلقى الضربات الموجعة ، ومسموح لنا بعدها فقط بعقد المؤتمرات وإصدار بيانات الإدانة.

وما تغيير إسم وزارة الدفاع الأمريكية إلى وزارة الحرب إلا رسالة واضحة للعالم أن قابل الأيام والأعوام لن يكون فيه أمن ولا استقرار بل إستضعاف ونهب وإستكبار ، وأن أمريكا الجديدة بقيادة المتهور ترامب لم تعد في وضع الدفاع ولا تنتظر أو تتوقع أي إعتداء لتدافع عن نفسها، بل هي من ستصنع الأزمات وتشعل الحروب لا أن تطفئها كما يدعيه رئيسها وبطانته ، فاستعدوا للسيناريوهات التي ستغير وجه العالم.

وما المنظومات الدفاعية التي تم عن طريقها نهب البلدان النامية إلا حديدًا وخردة وهي عبئ عليها في الصيانة والتشغيل حتى نهاية العقود التي تمتد لعقود، لكن لا مانع لديهم من استخدامها بقدرتها التشغيلية القصوى لينحر بعضهم بعضًا دون تحفظ وبلا خوف ولا إستئذان.

واليابان هو البلد الوحيد في العالم الذي فهم تمامًا اللعبة ونأى بنفسه عن الصراعات والإنفاق على التسليح ولم ينجر الى عقد التحالفات بعد الحرب العالمية الثانية.

وفي معظم الدول هنالك وزارات دفاع تدير جيوشًا لها صلاحيات هجومية ودفاعية، أما في اليابان فالأمر مختلف، إذ إن الدستور الياباني (المادة 9) منه يحدّ من استخدام القوة العسكرية، وينص على أن اليابان “تنبذ الحرب كحق سيادي للأمة”.
لذلك فإن مهام الوزارة تقتصر على إدارة قوات دفاع ذاتي وليست جيشًا تقليديًا، وقد استمر هذا الحال حتى عام 2007، فلم تكن تسمى “وزارة دفاع” بل “وكالة الدفاع”
وهذا يعكس الطبيعة المحدودة لمهامها، في حين أن باقي الدول تسميها وزارات دفاع أو جيوشًا وطنية أو حرسًا وطنيًا أو ثوريًا كما في إيران ومليشيات تتربع المشهد هنا وهناك ، حيث تقوم بمهام كاملة تشمل الهجوم والدفاع وجميعها بائت بالفشل ولم تعد قادرة على درء اي خطر .

وكما هو معلوم فإن اليابان نادرًا ما تعمل قواتها خارج البلاد، إلا في حالات حفظ السلام الأممي أو الإغاثة الإنسانية، وبصلاحيات مقيدة جدًا.
ومنذ تعافيها من عواقب الحربين العالميتين وكارثتي هيروشيما وناغازاكي التي وقعت في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية في أغسطس عام 1945، فقد قيّدت إنفاقها العسكري بنسبة لا تتجاوز 1% من الناتج المحلي.
وركّزت باقي ميزانيتها في الصناعات والتطوير والبناء والتعليم والصحة والزراعة وقد غزت العالم بتقنياتها ، وخلال عقود قفزت إلى مصافّ دول العالم اقتصاديًا وتقنيًا،
وهي اليوم دولة صناعية وتكنولوجية عظمى
و قوة اقتصادية عالمية تصنف ضمن أكبر اربع مراكز اقتصادية في العالم.

على العكس تمامًا من توجه دولنا التي هي في ذيل الدول تخلفا وما يميزناعن العالم فقط هو اقتصادياتنا الضخمة والتي بسببها تتكالب علينا الأمم ويستخفنا الأمريكي بالتسليح وحمايتنا من العدو وكلها عروض و مسرحيات كاذبة لا تريح ..

فهلا ندرس ونطبق تجربة اليابان؟
فلقد جربنا لأزمنة غابرة وعقود طويلة البؤس والحروب الطاحنة والحرمان ، فلعلنا نحظى بما تبقى لنا من أيام بشيء من الرفاه والأمان.

زر الذهاب إلى الأعلى