تدوينات مختارة

حسين علي الأسدي: مفارقة بين عبادة الهندوس وعبادة العراقيين!

لفت انتباهي منشور لطيف يقارن بين عبادة المقدسات عند الهندوس وبين العبادات التي سادت في العراق المحتل بعد ٢٠٠٣….
يُقال إن الهندوس يقدّسون البقرة لأنها مصدر رزقهم وحليبهم بينما يُتهم كثير من العراقيين بأنهم يقدّسون من “يحلبهم” ويستنزف مقدراتهم. هذه المقارنة الحادّة ليست مجرد عبارة ساخرة بل هي انعكاسٌ لتباين أنماط الوعي الجمعي بين مجتمعين مختلفين في التاريخ والثقافة والدين.

في الهندوسية تُعدّ البقرة رمزًا للخصب والعطاء والسلام. احترامها ليس خضوعًا أعمى بل نتاج عقيدة ممتدة ترى في الامتنان لمصدر الخير وسيلةً لحفظ التوازن الكوني والاجتماعي. أما في الحالة العراقية فإن الولاء للسلطة أو للزعيم – رغم استنزافه للناس والموارد – يعكس ثقافة سياسية تراكمية تداخل فيها القمع مع الطائفية والعشائرية والخوف التاريخي من الفراغ والفوضى.

الفارق الجوهري هنا هو في آليات النقد والمساءلة:
-الهندوسية تقدّس ما يُغذّي ويعطي.
-في العراق يقدس المعممين وشخصيات ونخب تستنزف وتنهب نتيجة غياب ثقافة المحاسبة وانهيار مؤسسات المواطنة.

هذا الفارق ليس قدَرًا محتومًا بل نتيجة لخيارات مجتمعية وأطر تربوية وسياسية فرضت علينا منذ ان دنس الاحتلال بلادنا وعلينا إصلاحه وهذا لا يكون بالشعارات أو بالسخرية بل عبر إعادة بناء مفهوم المواطنة وتعزيز ثقافة المحاسبة وترسيخ فكرة أن الحاكم خادم للناس لا سيد عليهم.

إن الانتقال من “عبادة الاستغلال” إلى “تقديس العطاء” يحتاج إلى ثورة هادئة في العقول والضمائر قبل أن يكون ثورة في الشوارع أو في صناديق الاقتراع.

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى