آراء

نزار العوصجي: الفاشية بين النظرية والواقع.. إيران نموذجاً

تعرف الفاشية انها تيار سياسي وفكري من أقصى اليمين ، ظهر في اوربا في العقد الثاني من القرن العشرين ، لهُ نزعة قومية عنصرية تُمجّد الدولة إلى حدّ التقديس ، ويرفض نموذج الدولة الذي ساد أوربا منذ أواخر القرن التاسع عشر القائم على الليبرالية التقليدية والديمقراطية البرلمانية التعددية ، وهو وصف لشكل راديكالي من الهيمنة ، تمثلت تاريخياً في تجارب لحركات سياسية قومية أو وطنية ، وَنُظُمٍ أسَّسَتْهَا تلك الحركات ، تبلورَتْ عبر تجارب الفوهر السياسية التي خاضتها عدد من بلدان أوربا في فترة ما بين الحربين العالميتين لتصل إلى شكل فكري واعٍ بذاته ..
سعت الحركات الفاشية لتوحيد الأمة التي تنتمي لها عبر الدولة الشمولية مروجةً للتحرك الجماعي للمجتمع الوطني وتميزت بالحركات الهادفة إلى إعادة تنظيم المجتمع بحسب مبادئَ متسقةٍ مع الأيدولوجية الفاشية ..
اشتركت الحركات الفاشية بملامح مشتركة تتضمن تبجيل وهيبة الدولة ، حب شديد لقائد قوي ، وتشديد على التعصب الوطني والعسكري ..
ترى الفاشية في العنف السياسي والحرب والسطوة على أمم أخرى طُرُقاً للوصول لبعث نهضةٍ وطنيةٍ ، ويقر الفاشيون برؤيتهم أن الأمم الأقوى لها الحق في مد نفوذها بإزاحة الأمم الأضعف ..
كانت إيطاليا أولى البلدان التي تأسَّسَ بها نظامٌ فاشيٌ ، ويشار إليها كثيراً لتمثل النموذج الذي تقاس عليه تجاربُ لاحقةٌ ..

ماتقدم يمثل فلسفة نظرية أكاديمية لمفهوم الفاشية ، في حين ان الواقع مختلف تماماً ، ذلك لأننا نعتقد ان الفاشية تمثل مذهب معين وخاص في التطبيق والسلوك ، حيث يأتي الفاشيون إلى السلطة في أغلب الحالات ، على إثر حدوث انهيار اقتصادي بالبلاد أو هزيمة عسكرية أو كارثة أخرى ، ويكسب الحزب الفاشي تأييداً شعبياً لما يبذله من وعود بأنه سينعش الأقتصاد ، وسيسترد كرامة البلاد ، وقد يستغل الفاشيون خوف هذه الشعوب من الأقليات ، ونتيجةً لذلك قد يستحوذ الفاشيون على السلطة عن طريق انتخابات سلمية أو عن طريق القوة ..
بعد أن يستولي الحزب الفاشي على السلطة ، يتسلم أعضاؤه الوظائف التنفيذية والقضائية والتشريعية في الحكومة ، وفي أغلب الحالات يتولى رئاسة الحكومة شخص واحد ، وغالباً ما يكون ذا نزعة أستبدادية وجاذبية لدى الجماهير ، وأحياناً ، تتولى قيادةَ الحكومة هيئةٌ من أعضاء الحزب ، ولا يسمح الفاشيون بقيام حزب آخر أو معارضة لسياستهم ..
يؤدي شغف الفاشيين بتمجيد الوطنية إلى ازدياد الروح العسكرية ، وقد يجنحون ، عندما تزداد القوات المسلحة قوة ، إلى غزو بلاد أخرى واحتلالها ..
وتسمح الفاشية ، بل وتشجع النشاط الاقتصادي الخاص ، ما دام يخدم أهداف الحكومة ، بَيْدَ أنَّ الفاشية تسيطر سيطرة تامة على الصناعة للتأكد من أنها تنتج ما تحتاجه البلاد ، وتعوق الحكومة الاستيراد بوضع رسوم جمركية عالية على بعض المنتجات الضرورية ، أو بحظر استيرادها ، ذلك أنها لا تريد الاعتماد على بلاد أخرى في المنتجات الحيوية ..
وتحظر الحكومة أيضاً الإضرابات ، حتى لا يضطرب الإنتاج ، وتحرم الفاشية النقابات العمالية وتستعيض عنها بشبكة من المنظمات في الصناعات الكبرى . ويطلق على هذه المنظمات التي تتكون من العمال وأصحاب الأعمال ، اسم المؤسسات ، لكنها تختلف عن تلك التي تنشأ في بلاد أخرى ..
يفترض في المؤسسات الفاشية أن تمثل العمال وأصحاب العمل معاً ، وفي حقيقة الأمر فإن هذه المؤسسات تخضع لسيطرة الحكومة ، وعن طريقها تحدد الحكومة الأجور ، وساعات العمل ، وأغراض الإنتاج ، لهذا السبب يسمى البلد الفاشي أحياناً دولة ..
يتميز مذهب الفاشية بالخصائص الآتية :

  • تركيز السلطة في يد طبقة محددة ، تمتلك غطاء مذهبي ..
  • تقييد حريات الفرد مثل حرية الصحافة وحرية الأجتماع ..
  • سيطرة جهاز الحكم على وسائل الإعلام وأستخدامها للتأثير في الرأي العام ..

ماتقدم أعلاه يجسد واقع نظام الملالي في طهران تماماً ، كونه أعتى نظام فاشي في العصر الحديث ، حيث يعتبر الفاشيون كل الشعوب الأخرى أدنى من قوميتهم التي ينتمون إليها ، لذلك فمن حق الأنظمة الفاشية ان تضطهد أو تقتل من ينتمون إلى أقليات أخرى ..
كما ان الحرية الشخصية مقيدة تقييداً شديداً في ظل الأنظمة الفاشية ، فعلى سبيل المثال ، تقيدها للسفر إلى البلاد الأخرى ، وتحد من أي اتصال بشعوبها ، وتهيمن على الصحف ووسائل الاتصال الأخرى في بلدها ، وتبث الدعاية للترويج لسياساتها ، وتمارس رقابة صارمة على المطبوعات لقمع الآراء المناوئة لها ..
فرضها على الأطفال الالتحاق بمنظمات الشباب ( الباسيج ) حيث يتدربون على المسيرات ويتعلمون المفاهيم الفاشية ، وتسحق الشرطة السرية أية مقاومة ، وقد تؤدي المعارضة إلى السجن والتعذيب والموت ..
كما تؤمن الفاشية بإحياء مجد الأمة والسمو بها إلى مدرج الكمال ، وعدم المساواة بين الأفراد ، كما تؤمن بأن الطبقة المرتبطة بها هي الوحيدة القادرة على تحمل المسؤولية التي تعمل لصالح الشعب ، وان النظام الحاكم فوق الجميع ، أي يحق للنظام أن تتدخل في حياة الفرد الخاصة ، و وظيفة الفرد هي خدمة مجتمع معين وفق ما يرسم له ، إلى جانب إلغاء الحريات الفردية مثل : حق الحياة ، حق الكرامة ، الخصوصية ..
لذا نجد ان الفاشية تريد أن تكون قوية وعظيمة على حساب الآخرين ..
وعلى هذا الأساس تشك الفاشية بأن يكون هناك سلام دائم بين جميع دول العالم ..

بعد الأحتلال البغيض في 2003 ، أنعكس الواقع الفاشي لنظام الملالي في طهران ، على واقع الحكم في العراق ، كون الأخير أسيراً لما يسمى بالفاشية المذهبية ..

زر الذهاب إلى الأعلى