د. عبدالرزاق محمد الدليمي: العراق بين فكي كماشة ايران والسيادة المسلوبة!

لفت انتباهي احصائية عن عدد من دخلوا العراق من ايران تحت يافطة واحده من البدع التي لاعلاقة لها بسيدنا الحسين رضي الله عنه وما اخترعته عقلية المعممين من بدع بما سموها زيارة الأربعينية
اظهرت الإحصائيات الواردة والأرقام المتعلقة بقدوم الزوار الإيرانيين إلى العراق في فترة زمنية محددة. وتحديداً:
إجمالي الوافدين: 3,400,000 زائر إيراني.
إجمالي العائدين: 2,000,000 زائر إيراني.
من دلالات هذه الأرقام، يمكن استخلاص النقاط التالية:
ضخامة الأعداد: تشير الأرقام إلى تدفق بشري هائل من إيران إلى العراق، وهو ما يعكس قوة العلاقات بين البلدين، خصوصاً في المجال الديني والسياحة الدينية (كزيارة العتبات المقدسة).
الفرق بين الأعداد: وجود فرق كبير بين عدد الوافدين وعدد العائدين (1.4 مليون زائر) في تاريخ الإحصائية قد يعني أن هذا العدد من الزوار ما زال موجوداً داخل الأراضي العراقية.
أما عن المعاني والدلالات السياسية فهي حتما تعتبر انتهاكا لسيادة العراق المحتل فإن الاحصائيات نفسها تحتوي بشكل مباشر. تحمل بطياتها عن توظيف هذه الأرقام في سياق سياسي محدد وهذا التوظيف يمكن أن يحمل الدلالات التالية:
النفوذ الإيراني: يرى بعض المحللين أن هذه الأعداد الكبيرة من الزوار، وإن كانت في إطار ديني، تشير إلى عمق النفوذ الإيراني في العراق.
السيادة الوطنية: قد يفسر البعض هذه الأعداد الضخمة على أنها تهديد محتمل للسيادة العراقية، خصوصاً في ظل غياب الرقابة الدقيقة على الحدود، وربط هذا الأمر بالوجود السياسي والعسكري الإيراني في العراق.
القوة الناعمة: تُعد هذه الحركة البشرية الهائلة شكلاً من أشكال “القوة الناعمة” التي يستخدمها النظام الإيراني لتعزيز علاقاته الشعبية والثقافية والسياسية في دول الجوار.
من زاوية اخرى إذا أجرينا تحليل أعمق للتغلغل الإيراني في العراق، والذي يتجاوز الجانب الديني ليشمل محاور سياسية وعسكرية واقتصادية وثقافية سنجد مايلي:
اولا :النفوذ السياسي والعسكري: الدولة العميقة
يُعتبر هذا المحور هو الأبرز والأكثر خطورة في النفوذ الإيراني. فبعد عام 2003، تمكنت إيران من بناء “دولة عميقة” داخل العراق من خلال:
الأحزاب السياسية المدعومة: تُمارس إيران نفوذها عبر “الإطار التنسيقي” الذي يضم أبرز الأحزاب الشيعية الموالية لها. وقد لعبت هذه القوى دورًا محوريًا في تشكيل الحكومات والسيطرة على مفاصل الدولة، مما يضمن أن تكون القرارات السياسية العراقية متوافقة مع المصالح الإيرانية، كما ورد في الوثائق المسربة.
الفصائل المسلحة (الوكلاء): تُعد هذه الفصائل، مثل “كتائب حزب الله” و”حركة النجباء” و”عصائب أهل الحق”، الذراع العسكرية لإيران في العراق. وتتلقى هذه الميليشيات الدعم المالي والعسكري والاستخباري من “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، وتعمل على تنفيذ الأجندة الإيرانية، بما في ذلك استهداف القوات الأمريكية. وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية الرسمية قد تنكر وجود تدخل عسكري إيراني مباشر، إلا أن هذه الفصائل تعمل خارج إطار الدولة وتُشكل “سلطة فوق الدولة” حسب بعض التقارير.
فيلق القدس: يُعد هذا الفيلق، الذي كان يقوده قاسم سليماني، المهندس الرئيسي للاستراتيجية الإيرانية في العراق. فقد عمل على تدريب الميليشيات وتوجيهها، وبناء شبكة معقدة من التحالفات التي تضمن لإيران نفوذًا عسكريًا وسياسيًا ثابتًا
ثانيا:النفوذ الاقتصادي: السيطرة على الأسواق
يُشكل العراق سوقًا استراتيجيًا للمنتجات الإيرانية، مما يمنح طهران أداة ضغط اقتصادية قوية.
التبادل التجاري: تُعد إيران الشريك التجاري الأكبر للعراق، حيث تُصدر له منتجات وسلعًا متنوعة، بالإضافة إلى الطاقة (الكهرباء والغاز) التي يعتمد عليها العراق بشكل كبير. وقد ساهمت العقوبات الأمريكية على إيران في تعزيز هذا الاعتماد، حيث يمنح العراق استثناءات من هذه العقوبات لاستيراد الطاقة، مما يُعزز النفوذ الإيراني.
السيطرة على القطاعات الحيوية: يُقال إن النفوذ الإيراني يمتد إلى قطاعات اقتصادية حيوية، عبر شركات ومؤسسات مرتبطة بالحرس الثوري، مما يمنحها سيطرة على مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي.
ثالثا:النفوذ الثقافي والاجتماعي: القوة الناعمة
تستخدم إيران روابطها الدينية والتاريخية لتعميق نفوذها الثقافي والاجتماعي.
السياحة الدينية: تُعد السياحة الدينية أحد أبرز أدوات “القوة الناعمة”. فزيارة ملايين الإيرانيين للعتبات المقدسة في العراق لا تُعزز الروابط الدينية فحسب، بل تُسهم أيضًا في التبادل الثقافي وتُعزز من انتشار اللغة الفارسية والعادات الإيرانية.
الروابط المذهبية: تُعد الروابط المذهبية أساسًا استغلتها إيران لتوسيع نفوذها. وقد أدى هذا التغلغل إلى انقسامات داخل المجتمع العراقي، حيث يرى البعض أن إيران تسعى لعزل العراق عن حاضنته العربية من خلال تعزيز الولاء المذهبي على حساب الولاء الوطني.
نستنتج مما تقدم وبشكل لايقبل الشك او التأويل ان التغلغل الإيراني في العراق اصبح متعدد الأبعاد، ولا يقتصر على جانب واحد. فهو يجمع بين القوة العسكرية المباشرة عبر الفصائل المسلحة، والنفوذ السياسي عبر الأحزاب الموالية، والسيطرة الاقتصادية عبر التبادل التجاري، بالإضافة إلى القوة الناعمة الثقافية. هذه الشبكة المعقدة من النفوذ تُشكل تحديًا كبيرًا للسيادة العراقية او ماتبقى منها ؟!؟ وتُعقد من جهود الحكومة المركزية لاستعادة سلطتها الكاملة.
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز