مقالات رئيس التحريرموضوعات رئيسية

د. علي الجابري: ضغوط ترامب لفرض سلام هش في أوكرانيا.. وقف إطلاق نار ام هدنة تكتيكية؟

في خطوة قد تمثل بداية لانفراجة دبلوماسية في الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ عام 2022، كشفت تقارير عن تزايد الاحتمالات للتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار خلال الايام المقبلة، بالتزامن مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الامريكي دونالد ترامب لروسيا من أجل التوصل الى اتفاق سلام أو مواجهة عقوبات اقتصادية قاسية.

وكان الرئيس الامريكي دونالد ترامب أعلن أن الاجتماع الذي عقده مبعوثه “ستيف ويتكوف” مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الاربعاء أحرز تقدماً كبيراً، لكنه لم يكشف عن المزيد من التفاصيل، بينما تحدثت موسكو بالوقت نفسه عن اتفاق لعقد لقاء مباشر بين الرئيسين الامريكي والروسي خلال الايام المقبلة.. في الوقت الذي تتكثف فيه الجهود من خلال المباحثات حول امكانية وقف اطلاق النار بشكل مؤقت.

تقدم روسي ميداني

على الجبهة، تشير تقارير “معهد دراسة الحرب” الى ان القوات الروسية تقدمت حتى مشارف مدينة “كوبيانسك” شمال شرقي اوكرانيا ، فيما ادعى بوتين السيطرة على بلدة “تشاسيف يار” بعد عام من القتال ، وهي خطوة نفتها السلطات الاوكرانية.

ورغم هذا التقدم البطئ ، يرى بعض المحللين أن روسيا تسعى لخلق انجازات ميدانية محدودة تستخدمها كورقة تفاوضية في المحادثات الجارية ، خصوصاً مع الضغط الاقتصادي الغربي المتصاعد، وتزايد التكلفة البشرية للصراع.

من جانبه أكد الرئيس الاوكراني فلوديمير زيلينيسكي في بيان ان روسيا أصبحت أكثر ميلاً لوقف إطلاق النار ، لكنه شدد على ضرورة أن يكون القرار مصحوباً بضمانات أمنية حقيقية، واكد زيلينيسكي انه بحث التطورات مع ترامب وعدد من زعماء الدول الاوروبية ، وقال ان الاولوية الاولى لدينا هي وقف القتل، وأن توافق روسيا على وقف اطلاق النار ، كما طالب بعقد اجتماع على مستوى القادة للوصول الى سلام شامل، مشيراً الى أهمية التعاون طويل الأمد مع الولايات المتحدة الامريكية واوروبا لضمان امن اوكرانيا.

لكن مراقبين يرون ان الرئيس الاوكراني ، ورغم انفتاحه على التفاوض ، يفتقر حالياً الى أوراق ضغط قوية، خصوصاً مع مؤشرات تراجع نسبي في الدعم العسكري الغربي مقارنة ببداية الحرب.

شكوك اوروبية

وعلى الرغم من الأجواء الايجابية التي تسود هذه الأيام، حذر السفير البريطاني السابق في أوكرانيا ، سايمون سميث ، من أن بوتين “يلعب على المدى الطويل” ، ويأمل ان تتراجع أوكرانيا أو يضعف الدعم الغربي لها مع مرور الوقت. 

ويرى دبلوماسيون غربيون أن روسيا قد تقبل هدنة قصيرة، لكنها لا تزال متمسكة بمواقفها الأساسية ، وعلى رأسها الابقاء على سيطرتها الفعلية على الأراضي التي استولت عليها.

وحتى اللحظة لا توجد إشارات رسمية حول مستقبل المناطق الأوكرانية المحتلة ، بما فيها شبه جزيرة القرم ، وهو ما يثير قلق أوكرانيا والعواصم الاوروبية.

وفي وقت سابق من هذا العام، اقترحت الولايات المتحدة الامريكية وقفاً فوريا لإطلاق النار لمدة ثلاثين يوماً قابل للتمديد، يشمل الجبهة بأكملها ومناطق البحر الأسود ، حينها وافق الرئيس الأوكراني مبدئياً، لكنه اكد أن المقترح لم يتطرق الى الأراضي المحتلة من قبل روسيا، والتي تعد أعقد نقاط الخلاف في أي اتفاق محتمل.

نحو قوة حفظ سلام دولية

ومع اقتراب أي اتفاق ، تعود الى الواجهة مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بشأن تشكيل قوة حفظ سلام أوروبية أمريكية مشتركة لضمان تنفيذ الاتفاق، إلا ان مصادر دبلوماسية ترجح ان تكون القوة محدودة المهام والنطاق ، خاصة في ظل تحفظ بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي على الانخراط الميداني المباشر.

غموض حول القمة المرتقبة

لكن حتى الآن، لم يعلن عن موعد نهائي للقمة المتوقعة بين الرئيسين الامريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، كما لم تتضح التنازلات المطلوبة من الجانبين ، في وقت يسابق فيه الجميع الزمن قبل نهاية الموعد الذي حدده ترامب والذي يصادف اليوم 8 أغسطس ، والذي حدده كحد اقصى قبل فرض مزيد من العقوبات على روسيا.

قراءة مستقبلية.. سلام حقيقي ام هدنة مؤقتة؟

تشير التقديرات إلى ان أي اتفاق قادم ، إن تم ، سيكون بمثابة تجميد للنزاع أكثر من كونه حلاً نهائياً، بسبب غياب وضوح الرؤية حول مستقبل الاراضي الاوكرانية المحتلة، ومصير العلاقات العسكرية بين أوكرانيا والغرب، يعزز فرضية “الهدنة المؤقتة” التي تستأنف بعدها الحرب في ظروف جيدة.

وفي ظل ذلك، يبدو ان الولايات المتحدة الامريكية تراهن على إستثمار هذه النافذة لفرض معادلة جديدة ، بينما تحاول موسكو المناورة لكسب الوقت، فيما تنتظر أوكرانيا دعماً صلباً لتثبيت موقعها على طاولة التفاوض.

رئيس تحرير يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى