فنلندا تسعى لتحسين مهارات السباحة لدى الأطفال بعد ارتفاع حوادث الغرق

يورو تايمز / هلسنكي
شهدت فنلندا خلال شهر يوليو الماضي ارتفاعًا ملحوظًا في عدد حالات الغرق، ما أثار نقاشًا واسعًا حول ضرورة تحسين مهارات السباحة لدى الأطفال. ووفقًا للاتحاد الفنلندي لتعليم السباحة والإنقاذ (FSL)، فإن نسبة طلاب الصف السادس الذين يقولون إنهم يجيدون السباحة تراجعت إلى أدنى مستوى تاريخي.
وأظهرت البيانات أن 28 شخصًا غرقوا في المياه الفنلندية خلال يوليو فقط، مقارنة بـ16 حالة في الشهر ذاته من العام الماضي، وكان عدد من الحوادث يتعلق بأطفال.
وأكدت كريستينا هاينونن، المديرة التنفيذية للاتحاد، أن مهارات السباحة لدى الأطفال والشباب في تدهور مستمر، مشيرة إلى أن دراسة أجريت عام 2022 أظهرت أن 55٪ فقط من طلاب الصف السادس قادرون على السباحة، مقارنة بـ76٪ في عام 2016.
صعوبات في الوصول إلى دروس السباحة
ويُعزى هذا التراجع جزئيًا إلى نقص الأماكن في مدارس السباحة منخفضة التكلفة، حيث تجد العديد من الأسر صعوبة في تسجيل أطفالها بسبب قلة الأماكن المتاحة، أو بسبب عدم قدرتها على تحمّل تكاليف الدروس الخاصة.
فعلى سبيل المثال، تقدّم بلدية هلسنكي دروسًا مدعومة في مناطق ياكوماتكي وبيركولا بسعر يقارب 46 يورو لثماني حصص مدتها نصف ساعة، لكن الطلب يفوق العرض بشكل كبير. بينما تتراوح أسعار الدروس الخاصة بين 200 و260 يورو للفصل الدراسي الواحد.
غياب “ثقافة السباحة” داخل الأسر
وأشارت توولي سالوسبوهيا، مديرة خدمات الرياضة في مدينة هلسنكي، إلى أن التحدي الأكبر يكمن في الوصول إلى الأطفال الذين لا توجد لديهم خلفية سباحة داخل أسرهم، قائلة: “الأطفال الذين لا يأخذهم آباؤهم إلى المسبح هم الأكثر حاجة إلى التدريب”.
ورغم تسليط الضوء على الجاليات المهاجرة في هذا السياق، أكدت سالوسبوهيا أن المشكلة أوسع من ذلك وتشمل أنماطًا مختلفة من الأسر، خاصة في ظل تغيّر نمط الحياة النشط الذي كان سائدًا في الماضي، مضيفة: “قد لا تُعد مهارة السباحة اليوم بنفس أهمية ما كانت عليه سابقًا، لكنها يجب أن تبقى مهارة مدنية أساسية”.
مشروع تجريبي للدروس المجانية
وفي محاولة لمعالجة المشكلة، أطلقت بلدية هلسنكي هذا الصيف مشروعًا تجريبيًا بالتعاون مع عدد من البلديات الأخرى (إسبو، فانتا، كاونيانن، كيركونومي)، إضافة إلى الاتحاد الفنلندي للسباحة وشركة FitPit Oy، حيث تم توفير أكثر من 4,000 مكان في مدارس سباحة متنقلة مجانية (Pop-up).
وقالت لورا مانينن، المديرة التنفيذية لشركة FitPit، إن المشروع واجه تحديات في بداياته بسبب برودة المياه، ما قلل من الإقبال، “لكن في النصف الثاني من الصيف، ارتفعت أعداد المشاركين بشكل ملحوظ”.
وأكدت مانينن أن الأطفال يستمتعون بتعلم السباحة، مضيفة: “لم ألتقِ يومًا بطفل لا يحب الماء بعد أن يبدأ بتجربة التعلم. إنها طريقة سهلة ومنخفضة العتبة لتشجيع الأطفال على دخول عالم السباحة”.
الحل في المدارس
وأشادت سالوسبوهيا بنجاح المشروع، لكنها شددت على أن الحل المستدام يكمن في دمج تعليم السباحة ضمن المناهج الدراسية. وقالت: “نحتاج إلى إدراج مزيد من دروس السباحة ومهارات التعامل مع الماء في التعليم المبكر والمدارس. من هناك يمكننا الوصول إلى جميع الفئات العمرية وجميع العائلات بشكل شامل”.