د. بندر عباس اللامي: التناقض الفاجر بين الخطاب الطائفي والحياة الغربية: قراءة في سلوك رموز دينية مرتزقة

في العراق المحتل تستمر ظواهر التناقض الاخلاقية والانتهازية التي تمثلها بعض الشخصيات الدينية الطائفية التي تعيش في الغرب الكافر العلماني وتستغل المنابر الدينية لخداع السذج والبسطاء والمغفلين بينما يتنعم هؤلاء اللصوص بأرقى أساليب الحياة المرفهه والمليئة بالفسق والمجون بشكل يتناقض مع مايروجون له في العراق
من شعارات الزهد والتضحية
في المشهد العراقي المثقل بالجراح والانقسامات، تبرز فئة من “العمائم” التي لم تكتفِ بتخريب وعي الجمهور وتسييس الدين لصالح مشاريع الفساد والطائفية، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، حين اتخذت من الغربة منصّة لتكريس الازدواجية السلوكية، والانفصام القيمي، بل والخيانة الصريحة لمبادئ ادّعت تمثيلها على منابر الحسين.
تُظهر في محرم مجموعة من هؤلاء الفاسقين ، الذين يعيشون في قلب المدن الأوروبية العلمانية، يتمتعون بكافة امتيازات الحرية والرفاه والخدمات الحديثة، ثم يعودون بين حين وآخر إلى العراق لينفثوا سمومهم الطائفية فوق منابر تدّعي القداسة. يغدقون الوعظ حول الحسين والتضحية، بينما هم أول من باع القيم الحسينية مقابل المال والمنصب والإقامة الفاخرة في لندن أو كوبنهاغن أو برلين.
إن هذا المشهد لا يكشف فقط عن مستوى النفاق والازدواجية، بل يفضح مشروعًا متكاملًا هدفه تحويل الدين إلى أداة للتحكم بالجماهير، لا بوصفه رسالة أخلاقية تحرّرية، بل أداة تسليع سياسي يُستخدم لخدمة مشاريع إيران وأذرعها في العراق. فهم في أوروبا يشربون الخمر، ويرتادون النوادي، ويأخذون راحتهم في أجواء لا تمت بصلة إلى قدسية عاشوراء أو ورع السبط الشهيد، ثم يعودون إلى العراق ليخطبوا بالناس عن الجنة والنار، ويهددوا من يخالفهم بـ”الخلود في الجحيم”.
إن أخطر ما في هذه المعادلة ليس فقط فساد السلوك، بل طبيعة الجمهور الذي لا يزال يستقبلهم وكأنهم أولياء صالحون، يقدّمون لهم العزاء ويتباركون بهم، رغم أنهم في حقيقتهم مجرد مرتزقة، يعملون وفق أجندة محددة، ويتقاضون رواتب من الخارج لتضليل الشارع الشيعي باسم الطف، بينما يحمون مصالحهم الشخصية باسم المرجعية.
لقد تحوّلت هذه العمائم إلى مؤسسات دعائية متنقلة، تتاجر بدم الحسين وتستخدمه كغطاء لتكريس ثقافة التبعية والانقياد الأعمى، في الوقت الذي ينعم فيه أبناؤهم بالتعليم الأوروبي والرعاية الصحية الحديثة، بينما أطفال الفقراء يُدفعون إلى الموت في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
ما يحتاجه العراق اليوم ليس “واعظًا” جديدًا يكرر قصص كربلاء، بل نهضة وعي تفضح هؤلاء الذين سرقوا الدين والدولة معًا، وتعيد الاعتبار إلى العقل والمنطق والوطن. يجب أن يدرك الشعب، وخاصة جمهور الطائفة الشيعية، أن هؤلاء لا يمثّلون الحسين، بل يمثلون مشروعًا مضادًا لكل ما دعا إليه الحسين من كرامة ورفض للذل.
أن المعركة الحقيقية اليوم ليست بين شيعي وسني، ولا بين علماني ومتدين، بل بين من يعيش على حساب جهل الناس، ومن يسعى لتحرير الناس من استعباد الجهل. وإن بقاء هذه الوجوه على الساحة هو وصمة عار في جبين مجتمع لم يزل يخشى مواجهة الكذب المغلف بالدين، ويهاب أن يصرخ في وجههم: كفى نفاقًا.
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز