آراء

نزار العوصجي: حين يكون الذيل إيرانياً أكثر من الإيرانيين

قبيل أندلاع المواجهة العسكرية بين نظام الملالي والكيان الصهيوني ، تحدث أفراد من النظام السياسي في إيران الشر عن “حرق الشرق الأوسط” في حال تعرضهم لهجوم عسكري من إي طرف كان ..
بنفس النبرة ايضاً ظهر ذيول النظام ، وهم يتحدثون ويؤكدون على ان الرد سيكون مختلفاً تماماً ، في حال تعرضت إيران لضربة عسكرية ..
فلقد جهّزت إيران الشر الفصائل المسلحة التابعة لها ، وفي مقدمتها الحشد الشعبي ، الذي يعدّ الذراع الأقوى للحرس الثوري في العراق بمئات الصواريخ والطائرات المسيرة ..
وعندما تأمر الجمهورية الإسلامية ، ستُنطلق هذه الصواريخ والطائرات مستهدفةً معظم آبار النفط العراقية والخليجية ، لتشعل المنطقة بأسرها ..

العجب العجاب في الأمر ، ان رغم الهزيمة الفادحة التي منيت بها إيران الشر خلال حرب ال 12 يوم الماضية ، لا تزال نبرة الفخر في تلك الأصوات عالقة في الأذهان حتى هذه اللحظة ، وكأن إيران هي وطنهم الأم ، بينما العراق الجريح لم يكن يعني لهم شيئاً في يوم من الأيام ..
لذا نجدهم يتفاخرون وهم يرفعون الأعلام الإيرانية ، احتفالاً بالنصر المبين ، ويتوعدون من لا يوالي النظام الإيراني بالويل والثبور ، ولا نعلم ما الذي يقصدونه بذلك ؟
في الجانب الإخر نجد ان هنالك شريحة غير قليلة من مسلوبي العقول ، السذج ، يعتقدون أن إيران هي المسؤولة عن أطلاق السحب الكثيفة من التلوث ، وأنها تتعمد نشرها كلما شعرت بتهديد عسكري وشيك ، بأعتبار أن ذلك يمكن ان يعرقل أنظمة تحديد الأهداف الإسرائيلية والغربية ..

وثوق هؤلاء الذيول بقدرات إيران الخارقة كما يتراوى لهم إلى هذا الحد ، دلالة واضحة على أنهم يعانون من مشكلة الأحتلال الفكري ، الذي يسيطر بالمطلق على سلوكهم وتفكيرهم ، ويتحكم بتحديد أدراكهم للواقع الذي يعيشون فيه ..
فالأحتلال الفكري أو الغزو الفكري ، هو محاولة التأثير على فكر وثقافة مجتمع ما من قبل مجتمع آخر ، بهدف السيطرة عليه وتوجيهه نحو مصالحه ..
ويعتبر هذا النوع من الأحتلال أكثر خطورة من الأحتلال العسكري لأنه يستهدف العقول والنفوس ، وقد يؤدي إلى تغيير الهوية الثقافية والفكرية ..
ويشمل الأحتلال الفكري محاولات التأثير على أفكار ومعتقدات وقيم الأفراد والمجتمعات من خلال وسائل مختلفة ، مثل الإعلام ( وسائل التواصل الأجتماعي ، الإنترنت ) لنشر أفكار معينة والترويج لها ، بالأضافة إلى توجيه المناهج الدراسية والبرامج التعليمية لتستحوذ على عقول الأجيال القادمة ، وفقاً للأهداف المرسومة ..
الهدف من ذلك طمس الهوية الثقافية الأصلية ، وما ينتج عنها من تفتيت المجتمع وإثارة النزاعات والانقسامات داخل المجتمع المستهدف ، مما يضعف قدرته على المقاومة ..
ولا نغالي حين نقول ان المؤسسات الفكرية الدينية تعتبر من أهم المراكز لتمرير الأفكار والمشاريع التي تخدم عملية الأحتلال الفكري ، الذي يعمل على زرع الكراهية والعداء بين أبناء الشعب ..

كما ان الأحتلال الفكري مرتبط بنظام التابع الفكري أو التبعية الفكرية المسمى (Intellectual Dependency System) ، الذي يشير إلى حالة يكون فيها الفرد أو المجتمع معتمد بشكل كبير على أفكار أو مصادر خارجية لأتخاذ القرارات أو لتشكيل رؤيته للعالم ، بدلاً من تطوير تفكيره المستقل ..
هذا النظام يمنع التطور الفكري والإبداع ، ويعيق القدرة على مواجهة التحديات واتخاذ القرارات الصحيحة ..
يفتقر الأفراد في هذا النظام إلى القدرة على التفكير ، أي تحليل المعلومات وتقييمها بشكل مستقل ، مما يجعلهم عرضة للتأثر بالمعلومات الخاطئة أو المضللة التي تفضي إلى الجمود الفكري الذي يؤدي إلى الاعتماد على الآخرين ، حيث يتبنى الأفراد أفكاراً جاهزة دون محاولة تطويرها أو تعديلها ، وهذا يعيق التفكير الإبداعي السليم ..
لذا فان نظام التابع الفكري يمكن أن يؤدي إلى مشاكل اجتماعية ، مثل انتشار الشائعات والمعلومات المضللة ، وعدم القدرة على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية ..

من هنا نجد أنفسنا كنخب وطنية ، أننا أمام مهمة شاقة وصعبة للغاية ، تتطلب منا وقتاً وجهداً أستثانياً وشاقاً ، لأنقاذ شعبنا من تبعات الأحتلال الفكري والتبعية الفكرية التي باتت تشكل الخطر الأكبر على مستقبل العراق ..
لقد ثبت بالملموس ان المهمة الأساسية المرسومة لما يسمى بفصائل المقاومة بكافة مسمياتها ، تركز على تحقيق أهداف محددة ، تتمثل بترسيخ دعائم نظام الأحتلال الفكري والتبعية الفكرية ، الذي يتيح لها سرقة ثروات العراق ومقاومة أستقراره وأزدهاره وأستقلاله ، والتغاضي عن البيان المؤجل المسمى بالسيادة ، وهذا ما يجب ان يفهمه الذيول ..

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى