آراء

د. عبدالرزاق محمد الدليمي: بين العالِمة رحاب العزاوي والنائبة أمطار.. حين تنقلب المعايير في العراق

اطلعت على صورة تجمع بين العالمة رحاب العزاوي وبين الناهبة امطار المياحي وقد أثارت هذه الصورة حفيظتي لان اكتب هذا المقال لاسيما بعد ان شاهدت كم من الفديوات التي تظهر فيها امطار المياحي ممثلة حقيقية للطائفية المقيته ووجه كالح هجين للعملية السياسية الفاشلة في العراق المحتل انها ازمة في المعايير السياسية والإعلامية في العراق

في بلاد أنجبت علماء بقامة رحاب العزاوي – التي وصفتها تقارير أمريكية بـ”أخطر امرأة على كوكب الأرض” بعد أن حازت على خمس براءات اختراع في المجال النووي – لا نكاد نسمع اليوم عن إنجاز علمي أو أكاديمي عراقي يُدرَج على لوائح الشرف، بل تصدّر المشهد وجوه تفتقر إلى أي سجل معرفي أو تشريعي أو وطني حقيقي.
إحدى هذه الظواهر هي الناهبه أمطار المياحي، التي تحوّلت إلى مادة يومية متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي، ليس بسبب مبادرة تشريعية رصينة أو موقف وطني مؤثّر، بل عبر سلسلة تصريحات وظهورات إعلامية تستند إلى الجدل، والتنمّر اللفظي، والادعاءات الفارغة، وصولًا إلى مهاجمة دول مثل سوريا وإسرائيل في سياقات غير مفهومة، لا تخدم لا السياسة الخارجية للعراق ولا مصالح شعبه.

انها فعلا أزمة معايير.. وليست أزمة أشخاص فالمشكلة لا تتعلق بأمطار وحدها، بل بمنظومة سياسية أفرزت هذا النوع من “النجومية البرلمانية”، القائمة على الصوت العالي والانفعالات، لا على الكفاءة أو البرنامج السياسي.

والسؤال الملح كيف وصلنا إلى لحظة يُمنَح فيها مقعد نيابي لشخصيات لا تمتلك أي تأهيل علمي، ولا سجلًا وطنيًا مشهودًا، في حين تُقصى العقول، وتُهمّش الخبرات، وتُسجن الكفاءات أو تُدفن في المنافي؟

ما الذي تعنيه لنا المقارنة البسيطة بين:
العراقية الشريفة الوطنية رحاب العزاوي العالِمة العراقية النووية المطاردة من أميركا بسبب علمها.
وأمطار المياحي نائبة متخلفة تشغل الرأي العام بتصريحات عن عمليات التجميل والعباءة والديناميت!

تشويش متعمّد وتشويه على الوعي
إن وجود شخصيات من هذا النوع في مواقع المسؤولية، ثم تضخيمها إعلاميًا – سواء بالسلب أو الإيجاب – ليس بريئًا. إنه جزء من استراتيجية قديمة تُعرف بـ”إلهاء الجماهير”، وتتمثل في ملء الفضاء العام بالضجيج والهامش، لصرف الأنظار عن الفشل السياسي والفساد، ولضرب ثقة الناس بمؤسساتهم التشريعية.
تصريحات النائبة التي تمسّ قضايا خارجية تتعلق بدول اخرى مثل سوريا وغيرها دون سند دستوري أو دبلوماسي، تضع العراق في مواقف محرجة، وتُفقد البرلمان ما تبقّى من هيبته المسلوبه أمام الرأي العام الدولي. الأسوأ أنها تُسوَّق أحيانًا بوصفها “بطولات كلامية”، بينما هي لا تعدو كونها خرقًا للّياقة السياسية والدستورية.

إلى أين يمضي العراق؟
عندما تُقصى النخبة العلمية لصالح ظواهر صوتية متخلفة يفقد الشعب البوصلة. وعندما تتحوّل المؤسسة التشريعية إلى منبر للشخصنة والتهريج الطائفي يُصبح الإصلاح مستحيلًا ما لم يُعَد النظر بمنظومة الانتخابات نفسها: قانونها، آليات الترشيح، ومراقبة الكفاءة.
ليست أمطار سوى عرض واحد متخلف من أعراض مرض أكبر في زمن سقوط المعايير وإذا استمرت العملية السياسية تُنتج مثل هذه النماذج، فإن السؤال لم يعُد: من سيمثّلنا؟ بل أصبح: من سيتجرأ على احترام عقل المواطن العراقي وسط هذا الركام؟

انها دعوة للتفكير فنحن نحتاج اليوم إلى تحالف وطني يعيد الاعتبار للكفاءات وإلى إصلاح انتخابي يُقصي المال السياسي والصوت الطائفي وإلى إعلام لا يصنع الأبطال من الفراغ، بل يُحاسب بصوت الحقيقة لأن العراق لا يستحق أن يُدار بـ”الجعجعة وهذه الوجوه الكالحة الطائفية المتخلفة بينما العلماء يُدفنون بصمت.

زر الذهاب إلى الأعلى