د. عبدالرزاق محمد الدليمي: دمية ضعيفة وفوضى متعمدة.. قراءة في مقالة سيمور هيرش

هذا المقال محاكاة وتحليل وتعليق علىً جوهر ماورد في تقرير الصحفي الأمريكي الشهير سيمون هيرش حول مستقبل نظام الملالي في طهران ودور القوى الدولية والإقليمية في صناعة المشهد القادم
في هذا التوقيت بالغ الحساسية من المواجهة الإسرائيلية الإيرانية، نشر الصحفي الاستقصائي الأميركي المخضرم سيمور هيرش مقالًا مثيرًا في مجلة نيويوركر، حذّر فيه من أن ما يُراد لإيران ليس تغييرًا في القيادة بل تفكيكًا ناعمًا للمنظومة، عبر خلق فراغ سلطوي وفوضى مدروسة، تقودها “دمية سياسية ضعيفة”، تشبه ما حدث في العراق ما بعد 2003.
هيرش، المعروف بفضحه لجرائم “أبو غريب” و”ماي لاي” وكواليس قتل بن لادن، يستند إلى معلومات من مصادر استخباراتية قديمة يثق بها، ليقدم سيناريو سوداويًا عن مصير إيران، يُرجّح فيه غياب “المرشد” بهدوء، ورفض عودة الشاه، وتثبيت شخصية كرتونية على رأس النظام، بإجماع غير بريء من واشنطن وتل أبيب.
مستقبل خامنئي… الخروج الآمن
وفق هيرش، لا نية لدى الغرب باغتيال علي خامنئي، بل يُرجّح أن يرحل بطرق “تحفظ ماء الوجه”، وربما ينفى إلى النجف لتفادي ردود فعل شعبية أو مذهبية عنيفة. الهدف ليس “تفريغ الشحنة” باغتيال الرمز، بل إعادة ضبط النظام عبر إزالة الرأس الحادّ واستبداله بممسحة سياسية.
خليفة المرشد دمية ضعيفة
ما يُقلق هيرش ليس من سيخلف خامنئي، بل كيف سيُختار هذا الشخص. فالإجماع – بحسب مصادره – يتجه إلى تنصيب “شخصية مطواعة”، لا تملك كاريزما، ولا نفوذًا داخل الحرس الثوري، ولا طموحًا في استنساخ مشروع الولي الفقيه، أي نسخة فارغة من الخامنئية. شخصية كهذه تُرضي إسرائيل، لأنها تسمح بخلق هشاشة داخلية مستدامة.
لا مكان للشاه ولا للاستقرار
هيرش يستبعد عودة رضا بهلوي، ابن الشاه، رغم الحنين الظاهر له في بعض الأوساط الفارسية. السبب؟ لأن المشروع الغربي – الإسرائيلي لا يبحث عن “حل”، بل عن إعادة تدوير الفوضى، كما حصل في العراق، وسوريا، وليبيا.
الهدف هو إبقاء إيران في حالة “احتقان دائم بلا انفجار شامل”، تسمح بالتدخل عند الحاجة، وتُبقي الملف النووي في قبضة تل أبيب.
البورصة أولاً… ثم الحرب!
في إحدى أكثر النقاط دلالة، يشير هيرش إلى أن واشنطن تنتظر افتتاح سوق البورصة يوم الأحد قبل إطلاق التصعيد ضد إيران، لأن اللحظة الاقتصادية أهم من اللحظة العسكرية. هذا لا يُفهم منه ترددًا، بل تأكيدًا على أن الحملة المقبلة ستكون محدودة ومُحسوبة، وتستهدف البنية النووية لا السياسية
نظام هش مثل تجربة الفوضى بالعراق
رسالة هيرش الأهم هي أن إسرائيل، ومن خلفها الولايات المتحدة، لا تسعى لإسقاط النظام الإيراني فورًا أو استبداله بشاه جديد، بل تريد إنتاج “نظام هشّ دائم الصراع مع ذاته”.
السيناريو يشبه إلى حد بعيد ما جرى في العراق بعد إسقاط صدام، حيث تم “تفكيك السلطة لا تسليمها”، وصناعة نخب طائفية لا تملك قرارها.
اعادة هندسة ايران قد بدأ
ما يطرحه سيمور هيرش ليس تحليلًا عابرًا، بل تحذيرًا صريحًا من أن مشروع إعادة هندسة إيران قد بدأ، وأن المنطقة مقبلة على نموذج جديد من “الاستقرار غير المستقر”، حيث تُترك الأنظمة على حالها من الخارج، بينما تُخرّب من الداخل.
إنها لعبة “الدمية والفوضى”، لا التغيير ولا التحرير.
دور مهم للقوى الإقليمية
-دعم الشعوب غير الفارسية المطالبة بالاستقلال، كأداة ردع ضد المشروع الإسرائيلي الغربي.
-فضح أكذوبة الإصلاح داخل نظام الملالي، وطرح بدائل قومية حقيقية.
-التنبه لخطورة استنساخ تجربة “العراق بعد صدام” في إيران ما بعد خامنئي.
-مراقبة تموضع الحرس الثوري في مرحلة ما بعد المرشد، حيث سيكون الفاعل الأهم.
استاذ الدعاية الاعلامية
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز