حين تصير السخرية سياسة: قراءة في غلاف شارلي إيبدو عن خامنئي”

الأستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي
للتذكير ان فرنسا أدت دور كبير وخطير في تأسيس نظام الملالي في طهران وكيف انها احتضنت خميني بعد ان غادر العراق ورتبت اوراقه ووفرت له كل ما اسس كي يهبط إلى طهران ويسرق ثورة الشعوب في ايران ويجيرها له ولتنفيذ ما آمر به من خطط اتفقت عليها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبمباركة صهيونية وقسم مما تم فرضه على خميني هو تنفيذ ما رفض تنفيذة شاه ايران وذلك الرفض كان السبب الرئيسي لخلعه وتشريده ووو
ومع كل ما ذكرناه أعلاه يرى كثير منا ان ما تقوم به مجلة شارلي أيبدو الفرنسية ليس جديدًا عليها فقد عرف خطها التحريري انها تقتحم الخطوط الحمراء وتوظّف السخرية السوداء لتوجيه رسائلها، لكنها حين تضع صورة المرشد الإيراني علي خامنئي على غلافها بهذا الشكل الاستفزازي، فالأمر يتجاوز حدود الصحافة الساخرة إلى حقل الرموز السياسية العميقة. الغلاف ليس مجرد نكتة، بل إعلان موقف يتقاطع فيه الموت السياسي مع الهجاء الغربي العنيف للنظام الإيراني وموقعه في الصراعات الدولية.
الغلاف رمزية بصرية وموت معلّق
تظهر على الغلاف صورة كاريكاتورية لعلي خامنئي، ببشرة شاحبة ونظرات ميتة، توحي بأكثر من مجرد التقدم في العمر. وإلى جانب تاريخ ميلاده “19 أبريل 1939”، تركت المجلة مكان تاريخ الوفاة مفتوحًا، مع علامة استفهام تشير إلى يونيو 2025، مصحوبة بعبارة تهكمية:
“Le premier qui trouve la date gagne un voyage à Téhéran”
أي: “أول من يخمّن التاريخ… يفوز برحلة إلى طهران”.
هذه الجملة الساخرة تحوّل الموت إلى مسابقة، في مشهد يمزج العبث بالسخرية السياسية، وتحيل طهران من عاصمة دولة إلى وجهة جائزة للخيبة أو الفجيعة.
الرسائل الضمنية بين التمني والتحريض
لا يمكن قراءة هذا الغلاف بمعزل عن السياق السياسي العام في الشرق الأوسط والعالم:
-الخطاب الغربي تجاه إيران: الغلاف يمثل امتدادًا لحالة الغضب من سياسات طهران التوسعية، وتورطها في حروب الوكالة بالمنطقة. موت خامنئي يُصوّر هنا كأمنية جماعية لدى خصوم إيران، لا سيما مع تصاعد الانتقادات ضد سياسات القمع الداخلي والتدخل الخارجي.
-الموت كأداة خطابية: ترك تاريخ الوفاة مفتوحًا وكأنه سؤال معلّق لا يبحث عن إجابة قدر ما يزرع الأمل عند المعارضين. هي سخرية مبطنة بأمنية النهاية، لا تنتمي فقط إلى شارلي إيبدو بل تعبّر عن شريحة واسعة من الساخطين على النظام الإيراني.
-العبثية الأخلاقية: تحويل فكرة الوفاة إلى جائزة سياحية – “رحلة إلى طهران” – ليس إلا تمثيلاً متطرفًا لفن السخرية الفرنسي، حيث ينعدم التقدير الإنساني في مقابل الموقف السياسي. وهذا يثير تساؤلات عن حدود حرية التعبير، متى تتحول من نقد مشروع إلى شكل من أشكال التشفّي الثقافي؟
الخطاب المضاد فرصة لإعادة صياغة الوعي
سواء اتفقنا أو اختلفنا مع المجلة، علينا أن نعي أن هذا الخطاب الساخط من رموز السلطة الدينية في الشرق لا يصدر فقط عن جهل أو عنصرية، بل عن إدراك غربي للدور التخريبي الذي تمارسه بعض الأنظمة باسم الدين. الرد هنا لا يكون بإغلاق الأفواه، بل بفتح ملفات الحقيقة.
وهنا تبرز الحاجة لإعلام عربي حر ومسؤول، قادر على نزع القداسة عن الاستبداد، دون أن يقع في فخ الشماتة أو استيراد أدوات السخرية من الآخر. على الإعلام المعارض أن يكون البديل القادر على تفكيك الأساطير دون أن يتورط في صناعة الكراهية.
من يعرف اهمية مجلة شارلي أيبدو يدرك ان ما ينشر على غلافها عن خامنئي ليس مجرد استفزاز، بل مرآة لوعي عالمي ساخط على ما تمثله إيران اليوم في وعي شعوب المنطقة والعالم. لكن الفرق بين إعلام السخرية وإعلام النهضة، هو أن الأول يضحك ليكسر، والثاني يفكك ليبني.
وفي ظل هذا المشهد المربك، تبقى الكلمة الصادقة الواعية هي السبيل لتجاوز الرماد.