د. علي الجابري: قراءة في الامكانيات الصاروخية الايرانية بالارقام.. هل تراجعت قدراتها تدريجياً؟

تمكنت إيران خلال أربعة ايام من المواجهات المتبادلة مع اسرائيل، ان تضرب العمق الاسرائيلي بمئات الصواريخ الباليستية، وهو سلاحها الاستراتيجي الذي تخشاه اسرائيل، إذ تبلغ تقديرات المخابرات الامريكية أن ايران تمتلك حالياً اكثر من ثلاثة آلاف صاروخ باليستي بمختلف الانواع ، من بينها حوالي 2000 صاروخ بمدى متوسط الى بعيد قادر على ضرب اسرائيل وجزء من اوروبا.. وهذا الرقم أكده أيضاً الجنرال “كينيث ماكنزي” قائد القيادة المركزية الأمريكية في عام 2022، بينما ذكر المتحدث بإسم الجيش الاسرائيلي الجنرال “إيفي ديفرين”، في يونيو 2025، أن إيران تسعى الى زيادة مخزونها الصاروخي لضعفين او ثلاثة اضعاف
ويعتقد المسؤولون الاسرائيليون ان هدف ايران طويل الأمد هو إمتلاك 8000 آلاف صاروخاً في المستقبل.
أرقــام
وفيما يلي مقارنة للأعداد التقريبية للصواريخ الباليستية الايرانية التي أطلقتها على اسرائيل منذ بداية الحرب، على مدى أربعة أيام، والتي يُعتقد انها بلغت حوالي 370 صاروخاً وفقاً لارقام الحكومة الاسرائيلية:
اليوم الاول : حوالي 150 صاروخاً باليستياً مع اكثر من مئة طائرة بدون طيار
اليوم الثاني : حوالي 50 صاروخاً باليستياً
اليوم الثالث : حوالي 100 صاروخ باليستي
اليوم الرابع : حوالي 50 صاروخ باليستي
وفي المجمل تمكنت اسرائيل من إعتراض والتصدي لحوالي 80% الى 90% من الصواريخ في الجو قبل الوصول لاهدافها، بينما تمكن حوالي 30 صاروخاً من إختراق الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية وإصابة أهداف في العمق.
ومن خلال هذه الارقام يمكننا ملاحظة ان هناك تراجع في عدد الصواريخ عن اليوم الاول الذي شهد اكبر دفعة من الصواريخ، ونعتقد ان هذا التراجع يعود الى الاسباب التالية:
- تدمير منصات اطلاق الصواريخ من قبل الطائرات الاسرائيلية ، وتقول اسرائيل انها دمرت 120 منصة اطلاق صواريخ من أصل 350 منصة، أي ثلث العدد الكلي للمنصات التي تملكها ايران وفقا لتقديرات اسرائيلية.
- نفاذ الذخائر وقيود لوجستية بعد الهجوم الضخم الاول، وضرب خطوط الامداد.
- السيطرة الجوية الاسرائيلية التي مكّنت إسرائيل من مواصلة تدمير قواعد الصواريخ مسبقاً، قبل ان تستخدم للاطلاق.
- التفوق الاستخباري الاسرائيلي الذي مكنها من إستهداف مراكز القيادة ومخازن الذخيرة.
توقعـات الايام القـادمـة
وفقاً للارقام الواردة اعلاه ، يمكن ان نتوقع بعض سيناريوهات الايام القادمة فيما يتعلق بإطلاق الصواريخ على اسرائيل وكالتالي:
السيناريو الاول : استمرار الاطلاق بكميات قليلة بين 30 الى 50 لتثبت انها مازالت قادرة على استهداف العمق الاسرائيلي، وفي الوقت نفسه تحاول الحفاظ على منصاتها من الاستهداف مع تقسيم اطلاق الصواريخ على دفعات خلال اليوم
السيناريو الثاني : ان تُنفِّذ ايران هجمات اكثر نوعية ودقة بدلاً عن الكمية ، وتستخدم صواريخ ذات رؤوس دقيقة
السيناريو الثالث : هدوء تكتيكي بإنتظار منح الدبلوماسية فرصة لوقف الحرب
السيناريو الرابع : إنخراط أذرع ايران، كالحوثيين وحزب الله والميليشيات العراقية في المعركة ، واطلاق الصواريخ من جميع الجبهات بوقت واحد لتخفيف الضغط على الجبهة الايرانية، وارباك الدفاعات الاسرائيلية، وتحقيق ضربات اكثر إيلاماً لإسرائيل.
هذه السيناريوهات الاربعة جميعها واردة الحدوث، لكن عوامل عديدة تلعب دوراً في تقديم سيناريو على الاخر، أبرزها قدرة إسرائيل على الضرب بقوة في داخل ايران، وتدمير القدرات الصاروخية خلال الايام القادمة، خاصة انها تفرض سيطرة مطلقة جواً، وباتت تنوع استهدافاتها في الداخل الايراني، الذي بدا منهكاً يوماً بعد آخر ، مع سخط شعبي كبير نتيجة نفاذ الحاجات الإنسانية الأساسية، ونزوح السكان خارج طهران، وشحة المواد الغذائية والوقود، وهو ما يسبب إنكساراً في الداخل الايراني، وفي صفوف القوات المسلحة أيضاً.
والجانب الاخر الذي يحدد أي من السيناريوهات أكثر ترجيحاً من غيره، هو الموقف الامريكي الذي يتأرجح بين التصعيد والتهدئة حتى الآن، ويبدو ان هناك تطوراً ستشهده الايام القادمة في الموقف الامريكي، خاصة فيما يتعلق بالمساعي الدبلوماسية التي مازالت تراوح مكانها، لكنها لم تتوقف خلف الابواب المغلقة.
رئيس تحرير صحيفة يورو تايمز الناطقة بالعربية