آراء
د. عبدالرزاق محمد الدليمي: الحرب الأعجوبة بين الكيانين الفارسي والصهيوني إلى أين؟

الصراع بين إسرائيل والنظام الإيراني دخل مرحلة جديدة وأكثر خطورة مؤخرًا، حيث تحول من حرب بالوكالة وعمليات سرية إلى مواجهات مباشرة وتبادل للضربات. فيما يلي تحليل للمستقبل المحتمل لهذا الصراع، بناءً على المعلومات المتاحة حاليًا:
المسار الحالي والتصعيد المحتمل:
- الضربات المتبادلة: تشير التقارير الأخيرة إلى أن إسرائيل شنت حملة عسكرية واسعة النطاق ضد إيران استهدفت منشآت نووية وعسكرية ومسؤولين كبار في النظام. ردت إيران بشن هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ. من المرجح أن يستمر هذا النمط من “الرد والرد المقابل” لبعض الوقت.
- الأهداف الإسرائيلية: تسعى إسرائيل إلى تعطيل البرنامج النووي الإيراني، الذي تعتبره تهديدًا وجوديًا، وإضعاف القيادة العسكرية الإيرانية وبنيتها التحتية. قد تكون إسرائيل أيضًا تستهدف تغيير النظام في إيران، أو على الأقل إضعافه بشكل كبير.
- الرد الإيراني: تسعى إيران إلى إثبات قدرتها على الرد والحفاظ على هيبة النظام، مع تجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب شاملة مع الولايات المتحدة. قد تستهدف إيران أهدافًا اقتصادية بالإضافة إلى الأهداف العسكرية، وقد تسعى إلى إلحاق خسائر مدنية.
- البرنامج النووي: رغم الضربات الإسرائيلية، لا يزال هناك شك حول مدى تأثيرها على البرنامج النووي الإيراني. إذا فشلت إسرائيل في تدمير جميع المخزونات أو المنشآت الرئيسية، فقد تسرع إيران في سعيها لامتلاك قنبلة نووية كرادع مستقبلي.
- العوامل الداخلية في إيران: تواجه القيادة الإيرانية ضغوطًا داخلية كبيرة. أي تصعيد كبير قد يؤدي إلى اضطرابات داخلية أوسع نطاقًا، خاصة إذا أثرت الحرب على الاقتصاد وتسببت في خسائر بشرية كبيرة.
سيناريوهات المستقبل المحتملة: - تصعيد محكوم (السيناريو الأكثر ترجيحًا):
- ستستمر الهجمات السرية والضربات المحدودة في مناطق مثل سوريا والعراق، وربما في البحر الأحمر.
- لن تكون هناك حرب شاملة، ولكن عدم استقرار مطول يشارك فيه وكلاء إيران (مثل حزب الله والحوثيين) والقوات الإسرائيلية.
- ستستمر الهجمات السيبرانية واضطرابات الملاحة.
- سيزداد عسكرة النظام الإيراني، وتتدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب العقوبات.
- تدخل أمريكي أكبر:
- إذا أثرت الهجمات الإيرانية على المصالح الأمريكية (مثل استهداف القواعد الأمريكية أو تعطيل مضيق هرمز)، فقد تضطر الولايات المتحدة للانخراط عسكريًا بشكل مباشر.
- قد يؤدي تدخل أمريكا إلى تدمير المواقع النووية الإيرانية الأكثر حماية، مما يضع إسرائيل في موقف أقوى. ومع ذلك، قد تثير هذه الخطوة ردود فعل أوسع من إيران ووكلاءها في المنطقة.
- صراع إقليمي أوسع:
- يمكن أن ينجر الفاعلون الإقليميون (مثل دول الخليج) إلى الصراع إذا تعرضت مصالحهم أو أراضيهم للهجوم من قبل إيران أو وكلائها.
- قد تحاول إيران استخدام ورقة مضيق هرمز، مما قد يؤدي إلى اضطراب عالمي في أسعار النفط والاقتصاد.
- حزب الله في لبنان قد يجد نفسه مضطرًا للانخراط بشكل أكبر، مما يفتح جبهة جديدة مع إسرائيل.
- تغيير النظام في إيران:
- قد يكون هذا هو الهدف النهائي لإسرائيل، لكنه سيناريو محفوف بالمخاطر.
- إذا نجحت إسرائيل في إضعاف النظام الإيراني بشكل كبير، فقد يؤدي ذلك إلى فراغ في السلطة وصراع داخلي، أو ظهور نظام أكثر تشدداً.
- حل دبلوماسي (أقل ترجيحًا في المدى القريب):
- قد تسعى الأطراف الدولية لتهدئة الوضع والدفع باتجاه مفاوضات دبلوماسية.
- قد تكون هناك محاولات للعودة إلى الاتفاق النووي، ولكن ذلك يبدو صعبًا في ظل التصعيد الحالي ومطالب كل طرف.
التحديات والمخاطر: - الخسائر المدنية: أي تصعيد كبير سيؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح المدنية من الجانبين.
- تدهور الوضع الإنساني: الصراع سيؤثر سلبًا على الوضع الإنساني في المنطقة، الذي يعاني بالفعل من عدة أزمات.
- تداعيات اقتصادية عالمية: قد يؤدي الصراع إلى ارتفاع أسعار النفط واضطرابات في الأسواق العالمية.
- نشر أسلحة الدمار الشامل: إذا شعرت إيران بأنها محاصرة تمامًا، فقد تلجأ إلى تسريع برنامجها النووي لامتلاك سلاح رادع.
بشكل عام، يبدو أن الصراع بين إسرائيل وإيران سيبقى في حالة من التوتر والتصعيد المتقطع، مع مخاطر كبيرة لاندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقًا. تعتمد شدة وتطور الصراع على عوامل متعددة، بما في ذلك ردود فعل القوى الكبرى (خاصة الولايات المتحدة)، والوضع الداخلي في كلا البلدين، وديناميكيات التحالفات الإقليمية.
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز