آراء

د. محمد القيسي: قمة بغداد تكشف للعرب بؤس النظام السياسي في العراق!

القمة العربية الأخيرة في بغداد كشفت للعرب عن مدى بؤس النظام الحاكم في العراق رغم زيف البهرجة والتزويق للأبنية والطرقات والقاعات التي حاول ان يظهر بها اما أنظارهم .

فهذا النظام يستمد وجوده من ثلاث عناصر : الخضوع لايران التي تتحكم بالإرادة السياسية ، والميليشيات المسلحة وأذرعها السياسية ، والمال العام الذي سرقته الاحزاب الحاكمة واتباعهم وشركائهم (الذين أثروا من نهب ذلك المال وأصبحوا رجال اعمال ) والسيطرة على مفاصل الدولة والمجتمع بالفساد والرشوة والتعامل مع العرب السنة بالاحقاد، ومع الجمهور الشيعي بالاذلال، ومع بقية المكونات بالاستصغار .

حتما ان الحكام العرب يدركون ذلك ويعلمون انهم يتعاملون مع ذيول واتباع ولا هم لهم سوى جمع المال وإرضاء ايران للبقاء في سدة الحكم وجعل العراق بلدا هامشيا وشعبا ذليلاً يترقب صرف الرواتب بمنية من الحكومة التي تبذخ المال على اتفه الأعمال و تغدقه على الاتباع و المرتزقة والمتملقين والساقطات( بمختلف مسمياتهن )! وتتبرع به لشراء رضى بعض الأنظمة …

بعض الحكام العرب يفضلون بقاء العراق على هذه الحال وان يستمر نظامه على هذا النحو حيث يحقق لهم ذلك مصالح جيوسياسية واقتصادية ولكن استمرار هذه الحال له تداعيات سلبية على المدى البعيد ستؤثر جوهريا في كل ما يرسم من سياسيات لاستقرار المنطقة وإحلال السلام فيها ، وفي المقابل هناك اطراف عربية لا تقبل بهذه الوضع ويمكن لها ان تساعد العراق على الخروج منه والخلاص من التبعية والاندماج في الحالة العربية والإقليمية كبلد مستقل يمتلك ارادته الوطنية ويمارس دوره الايجابي مع أشقاءه وجيرانه . لكن هذه الأطراف العربية حتما بحاجة إلى التعامل مع جهد وطني عراقي حقيقي موجود على ارض الواقع ولديه رؤية سياسية واضحة تتضمن حلول واقعية والقدرة على المساهمة الفعلية والعملية في احداث التغيير الجوهري في العراق، وليس التعامل مع “دكاكين معارضة” تبحث عن مساعدات مالية تفتح بها مقرات وتُصدِر بيانات وخطابات وتبحث عن دور لها لعل نظام الفساد في العراق يحسب لها حسابا ويمنحهم فرصة الالتحاق بهم ( بعد تقديم الولاء لايران ) كما حصل من قبل مع خميس الخنجر وغيره .

قضية خلاص العراق بحاجة الى جهد كبير و استثنائي ويحتاج الى الانفتاح على الاطراف العربية المؤثرة والتواصل معها برؤيا واقعية وعملية ، لكي تتبنى قضية الشعب العراقي في التغيير لهذه الهيكلية الشاذة للنظام السياسي في العراق ، وتحفيز الفاعل الدولي على ذلك ، من خلال العلاقات الخاصة التي نسجتها مؤخرا تلك الأطراف العربية مع الفاعل الدولي الاول ( الأمريكان ) الذين يفترض بإدارتهم الحالية تحمل مسؤولية اصلاح ما قامت به الادارات الأمريكية السابقة من غزو و خراب في العراق ودمرت مؤسسات دولته واخترعت لنا هذا النظام الشاذ الذي لا مثيل له في التاريخ السياسي، وسلّمت الحكم لاتباع ايران ، وكما توسطت الزعامات العربية لرفع العقوبات عن سوريا فهي حتما لها تأثير لتبني قضية العراق بعد هذا الزخم الهائل من الاستثمارات التي قدمتها لادارة ترامب .

شعب العراق بدون دعم أشقاءه العرب لا يمكن له الخروج من هذا المأزق المأساوي المتفاقم ، ودعك من ما تراه من أبراج مولات و مجسرات وتزويق ، فمن وجهة نظر اقتصادية ، البلد متهالك اقتصاديا ، ان احدث تقرير لخبراء صندوق النقد الدولي الذين درسوا وفحصوا الحال الاقتصادي في العراق مؤخرا ( وقد نشر قبل ايام ) يبين ان الوضع فيه يسير نحو التردي ، ولو اتيح لأبناء العراقيين الخيرين وكوادره المختصة، لكانوا قدموا حلولا وخططا تنقذ البلاد وتجعلها في مصاف الدول المتقدمة لما يملكه العراق من ثروات موارد مادية وبشرية واهمية جغرافية وحل جميع المشاكل العالقة مع دول الجوار بالتسويات الاقتصادية المشتركة وفقا للمصالح المتبادلةً و التي باتت هي اليوم هي الاسلوب الأمثل لمعاجة المشاكل والصراعات

زر الذهاب إلى الأعلى