آراء

د. عبدالرزاق محمد الدليمي: شد الحبل بين خامنئي وترامب إلى أين؟

رغم ماتقوم به ادارة ترامب من محاولة تحجيم النفوذ الايراني في اليمن والعراق ولبنان  والمناطق الاخرى ومنها ماقامت به خلال الايام القريبة الماضية من تنفيذ سلسلة من الضربات  ضد مواقع مختارة للحوثيين في اليمن ..في وقت مازال الاعتقاد السائد بأن خامنئي لا يهتم بشكل رئيسي بالبرنامج النووي، بقدر تركيزه على الحفاظ على استمرار نفوذ إيران الإقليمي، وهو في الحقيقة تصور منطقي لفهم العديد من سياسات إيران وتوجهاتها في العقدين الأخيرين… يعتبر خامنئي أن الوجود الإيراني في الساحات الإقليمية مثل العراق ولبنان وسوريا واليمن هو ركيزة أساسية لتحقيق الأمن القومي الإيراني… وترسخت بشكل اكثر وضوح بعد احتلال العراق حيث كان العراق قبل احتلاله اقوى مصد لكل سياسات ملالي طهران في المنطقة والقادر على افشالها.

التكتيك الفارسي المعلن

دعائيا كان موقف المرشد الأعلى علي خامنئي، من المباحثات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان معارضًا بشكل قوي. خامنئي  يشدد على عدة مواقف ومبادئ تتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة، خصوصًا في سياق إدارة ترامب التي تتبع سياسة “الضغط الأقصى” تجاه إيران.

أبرز تكتيكات خامنئي من المباحثات مع إدارة ترامب:

1. رفض التفاوض المباشر:

• خامنئي كان دائمًا يعارض التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة ما لم يتم رفع العقوبات بشكل كامل. في عدة تصريحات له، أكد خامنئي أنه لا يثق في نوايا الولايات المتحدة، وأن أي مفاوضات يجب أن تكون مبنية على احترام حقوق إيران دون أي ضغوط خارجية.

2. انتقاد سياسة “الضغط الأقصى”:

• ادارة ترامب، فرضت الولايات المتحدة عقوبات شديدة على إيران في إطار سياسة “الضغط الأقصى” التي كانت تهدف إلى إجبار إيران على تغيير سلوكها في مناطق مثل برنامجها النووي، دعمها للمجموعات المسلحة في الشرق الأوسط، وبرامجها الصاروخية. خامنئي وصف هذه السياسة بأنها عدائية وغير مقبولة.

3. الانسحاب من الاتفاق النووي:

• بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الإيراني (الاتفاق النووي الشامل) في عام 2018، وصف خامنئي هذا الانسحاب بأنه خيانة وأكد أن إيران لن تُجري مفاوضات جديدة مع الولايات المتحدة في ظل هذه الظروف. كما رفض العودة إلى المفاوضات طالما أن الولايات المتحدة لم تلتزم بتعهداتها السابقة في الاتفاق.

4. رفض الحوار في ظل العقوبات:

• خامنئي اعتبر أن الولايات المتحدة لا ترغب في التوصل إلى اتفاق عادل مع إيران، بل تسعى إلى إضعافها عبر العقوبات الاقتصادية، وبالتالي كان يرى أن أي محادثات مع الإدارة الأمريكية يجب أن تكون غير مشروطة برفع العقوبات أولًا.

5. التأكيد على استراتيجية المقاومة:

• خامنئي كان يروج لسياسة المقاومة في مواجهة الضغوط الأمريكية، مؤكدًا على أن إيران ستصمد في مواجهة العقوبات وأن الشعب الإيراني لن يتراجع أمام التهديدات الأمريكية. ورأى أن الصمود أمام الضغوط الغربية هو السبيل الوحيد للحفاظ على استقلالية وسيادة إيران

الملالي واستمرار الهيمنةعلى المنطقة

الاعتقاد بأن علي خامنئي لا يهتم بالبرنامج النووي الإيراني بشكل رئيسي، وإنما يركز على الحفاظ على نفوذ إيران في الساحات الإقليمية مثل العراق، لبنان، سوريا، اليمن، وكذلك الهيمنة على الخليج العربي، يمكن أن يُعتبر تفسيرًا معقولًا للعديد من السياسات التي يتبناها المرشد الأعلى ونظامه،ان موقف خامنئي من المباحثات مع إدارة ترامب يقوم على رفض التفاوض في ظل العقوبات، حيث يرى أن أي مفاوضات مع الولايات المتحدة لن تكون مثمرة طالما أنها لا تحترم نظام إيران ولا ترفع العقوبات.

تحليل هذا الاعتقاد:

1. البرنامج النووي كأداة لتحقيق الهيمنة الإقليمية:

• رغم أن خامنئي قد يُظهر في بعض الأحيان موقفًا متشددًا من البرنامج النووي، إلا أن الهدف الأساسي وراء سعي إيران إلى امتلاك قدرات نووية قد لا يكون الأسلحة النووية بالدرجة الأولى، بل استخدامها كأداة ضغط دولية ووسيلة لتعزيز مكانة إيران في الساحة الدولية والإقليمية.

• من خلال الحصول على القدرات النووية أو حتى التلويح بها، تعزز إيران موقفها في مفاوضات مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا، مما يمكنها من التفاوض من موقع قوة بشأن قضايا أخرى مثل نفوذها في المنطقة.

2. الدور الإقليمي لإيران:

• التمدد على حساب الخليج العربي هو أهم المصالح الاستراتيجية لإيران، حيث تعتبره ممرًا حيويًا للطاقة (خاصة مضيق هرمز) الذي تمر عبره كميات ضخمة من النفط والغاز. لذلك، الحفاظ على الهيمنة الإيرانية في الخليج يُعتبر مسألة أمن قومي بالنسبة لإيران، ويتحقق ذلك من خلال نفوذها في دول مثل العراق و البحرين.

• في سوريا و لبنان، يشكل الوجود الإيراني جزءًا من استراتيجيتها لحماية مصالحها الأمنية والسياسية. على سبيل المثال، حزب الله في لبنان يُعد من أكبر الأذرع العسكرية والسياسية الإيرانية في المنطقة، رغم كل الانتكاسات التي تعرض لها اخيرا وكذلك الخسارة التي تعرضت لهيئات  في سوريا وخسارتها  نظام بشار وتكرار محاولاتها لايجاد موطئ قدم فيها من جديد

3. التواجد الإيراني في العراق واليمن:

• في العراق، تُعتبر إيران واحدة من ابرز القوى المؤثرة في السياسة العراقية من خلال الميليشيات، التابعة لها التي تسعى لتوسيع نفوذها في الدولة المجاورة، مما يسمح لإيران بالتأثير على الأمن والسياسة في المنطقة.

• في اليمن، تُعتبر إيران الداعم الرئيسي للحوثيين، الذين يشكلون تهديدًا للنفوذ السعودي في المنطقة، وهو ما يعكس التزام إيران بتوسيع نطاق نفوذها في الساحة العربية.

4. رفض التراجع عن النفوذ الإقليمي:

• خامنئي يرى أن الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط هي عنصر أساسي في استراتيجيات الأمن القومي الإيراني. وبالتالي، هو يعتبر أن التراجع عن هذه الساحات سيضعف من مكانة إيران على الساحة الإقليمية والدولية.

• إيران قد تستخدم النفوذ الإقليمي ليس فقط للدفاع عن نفسها ضد الغرب أو ضد القوى الإقليمية الأخرى مثل السعودية و إسرائيل، بل أيضًا لتقوية نفوذها كقوة إقليمية مؤثرة تملك القدرة على التأثير في مسارات الأحداث في الدول المجاورة.

التوازن بين النووي والنفوذ الإقليمي:

• البرنامج النووي يُعد أداة لضمان الأمن القومي الإيراني والضغط على القوى الكبرى، لكنه ليس الهدف الوحيد. فالهيمنة الإقليمية تظل الأهم في رؤية خامنئي. إيران ترى في قدرتها النووية ورقة ضغط للمطالبة بحقوقها في المنطقة، ويظهر ذلك في محاولات طهران لتحقيق التوازن بين بناء القدرات النووية والحفاظ على نفوذها الإقليمي.

• التفاوض حول الملف النووي، بالنسبة لخامنئي، يمكن أن يكون جزءًا من الاستراتيجية الكبرى التي تشمل تأمين النفوذ الإقليمي، وليس مجرد الحصول على أسلحة نووية

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى