د. عبدالرزاق محمد الدليمي: التقارب بين ترامب وبوتين من المستفيدين ومن المتضررين

التقارب بين دونالد ترامب و فلاديمير بوتين كان موضوعًا مثيرًا للجدل منذ أن كان ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، وخصوصًا في فترتي رئاسته الأولى. هذا التقارب على الرغم من كونه مصلحة شخصية لعدة أطراف، إلا أن له تأثيرات كبيرة على المستوى العالمي.
من المستفيدين من التقارب بين ترامب وبوتين؟
1. روسيا (بوتين):
• تقوية موقعها الجيوسياسي: التقارب مع الولايات المتحدة ساعد روسيا في تحسين موقفها الدولي وتقليل الضغوط السياسية والاقتصادية من الغرب.
• رفع العقوبات الاقتصادية: بوتين كان يأمل أن يؤدي التقارب مع ترامب إلى تخفيف العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا بعد أزمة أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم.
• تعزيز الاستقلالية عن الغرب: بوتين كان يسعى إلى تعزيز استقلالية روسيا عن الهيمنة الغربية، وتقارب ترامب معه يساعد في هذا الاتجاه.
2. دونالد ترامب:
• تعزيز مواقفه داخليًا: ترامب قد يرى في التقارب مع بوتين وسيلة لكسب دعم من بعض فئات ناخبيه الذين يفضلون سياسات أكثر انفتاحًا على روسيا، واعتقد البعض أن هذا يساعد في تعزيز موقفه كزعيم مستعد للابتعاد عن سياسات الحرب الباردة.
• تحقيق مصالح اقتصادية: خلال فترته الرئاسية، كانت بعض مصالح ترامب التجارية تشير إلى رغبة في تحسين العلاقات مع روسيا لفتح أبواب جديدة للأعمال.
3. الحركات اليمينية المتطرفة:
• العديد من الحركات اليمينية المتطرفة في أوروبا وأمريكا كانت ترى في التقارب مع بوتين فرصة لتعزيز سياساتها المعادية للمؤسسات الغربية والديمقراطيات الليبرالية.
من المتضررين من التقارب بين ترامب وبوتين؟
1. التحالف الغربي (الناتو والاتحاد الأوروبي):
• تعزيز الانقسام بين الحلفاء: تقارب ترامب مع بوتين أدى إلى تباين في المواقف داخل حلف الناتو، حيث شعر البعض أن التحالفات الغربية قد تكون مهددة في حال استمرار هذه العلاقة. قد يزيد ذلك من الفرقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الذين يشهدون تهديدًا متزايدًا من روسيا.
• تصعيد التوترات مع روسيا: العلاقات بين روسيا والغرب كانت دائمًا متوترة بسبب صراعات جيوسياسية متعددة (أوكرانيا، سوريا، التدخلات الإلكترونية)، وتزايد التقارب بين ترامب وبوتين كان يزيد من مخاوف الدول الأوروبية من أن تكون روسيا تستغل هذه العلاقات لتقويض الأمن الإقليمي.
2. الديمقراطيون في الولايات المتحدة:
• الانتقادات الداخلية: كانت سياسة ترامب تجاه روسيا من أهم نقاط الانتقاد خلال فترته الرئاسية. كان خصومه الديمقراطيون يتهمونه بتقديم تنازلات غير مبررة لبوتين، ما أثار المخاوف من وجود علاقات مشبوهة بين الحملة الانتخابية لترامب وروسيا.
• الدور الروسي في الانتخابات الأمريكية: القضية التي طُرحت حول تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية 2016 كانت تثير التوترات بين الديمقراطيين وترامب. لذلك، كان من الصعب أن يقبل العديد منهم التقارب الأمريكي الروسي.
3. أوكرانيا والشرق الأوسط:
• أوكرانيا: تضررت أوكرانيا بشكل كبير من التقارب بين ترامب وبوتين. كان الروس يتوسعون في أوكرانيا في ظل الدعم المحدود الذي قدمته إدارة ترامب للحكومة الأوكرانية. أي دعم دبلوماسي ضعيف كان يضعف موقف أوكرانيا في مواجهة روسيا.
• الشرق الأوسط: وجود تقارب بين ترامب وبوتين قد يعزز قدرة روسيا على توسيع نفوذها في الشرق الأوسط على حساب النفوذ الأمريكي، خاصة في سوريا وإيران. هذا قد يقوض من مواقف الحلفاء الإقليميين لأمريكا مثل إسرائيل والسعودية.
4. الديمقراطيات الليبرالية الغربية:
• تهديد القيم الديمقراطية: تقارب ترامب وبوتين أثار القلق لدى العديد من أنصار الديمقراطيات الليبرالية، حيث كان هناك تخوف من أن يكون هناك “تفاهم” ضمني بين الزعيمين على تقويض المؤسسات الديمقراطية وتعزيز الأنظمة السلطوية، وهو ما قد يفتح الطريق لانتشار الأنظمة الاستبدادية في بعض الدول.
المستفيدون من التقارب بين ترامب وبوتين هم بشكل أساسي روسيا وترامب نفسه، بالإضافة إلى الحركات اليمينية المتطرفة. بينما المتضررون هم الديمقراطيات الغربية (التي قد تتعرض لضغوط في مواجهتها مع روسيا)، والدول التي تدور في فلك التحالف الغربي مثل أوكرانيا، وكذلك الشرق الأوسط بشكل عام حيث تعزز روسيا نفوذها على حساب الولايات المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن هذا التقارب كان مثارًا للجدل نظرًا للمخاوف الكبيرة التي أثارها بشأن المصالح الأمنية والاقتصادية الأمريكية، خاصة في ظل النزاع الطويل مع روسيا حول عدة قضايا جيوسياسية.
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز