آراء

خليل ابراهيم الزبيدي: دعوا الحسين بحاله ووفروا الكهرباء للشعب

اضاف وزير “اللا كهرباء” نفسه الى قائمة من يلقون بأسم الحسين كقارب نجاة لفشلهم يبدو أن تصريح وزير الكهرباء العراقي مثير للجدل وغير منطقي، خاصة عندما أشار إلى الحسين (عليه السلام) كنموذج يحتذى به في سياق غياب الكهرباء، وهو أمر يمكن أن يُعتبر بعيدًا عن الواقع ومتناقضًا مع المسؤوليات المتوقعة من المسؤولين في الوقت الحالي.من المؤكد أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان سيُظهر اعتراضه بشدة على أي نوع من الظلم أو الفساد، ويُعبر عن رفضه لأية ممارسات تتعارض مع المبادئ التي ضحى من أجلها في كربلاء. الحسين (عليه السلام) ناضل من أجل العدالة والحرية، وكان ضد الظلم والفساد بشكل عام، وهو رمز للمقاومة ضد الطغاة والمستبدين.إذا كان الإمام الحسين (عليه السلام) في زماننا الحالي، فمن غير المحتمل أن يقبل بأن يُساء إليه أو يُستغل اسمه من قبل نظام فاسد

المسؤوليات الحكومية في الوقت المعاصر تتطلب حلولًا عملية ومباشرة للمشاكل التي يواجهها الناس، مثل توفير الكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى. وربط قضايا معاصرة بمواقف تاريخية قد يؤدي إلى تشويش وتفادي المسؤولية عن القضايا   التي تحتاج إلى حلول ملموسة.

مواجهة مشاكل الكهرباء في العراق ليست مجرد مسألة تاريخية بل قضية حيوية تؤثر بشكل كبير على حياة المواطنين. ولذلك، من المهم أن يكون لدى المسؤولين استراتيجية واضحة وفعّالة لتحسين الوضع، بدلاً من تبرير الفشل بإشارات إلى أحداث تاريخية قديمة.

هذه التصريحات تزيد من تعقيد الأمور في العراق

ظاهرة ربط مشاكل العراق الحالية، مثل التخلف وغياب الخدمات، بالأحداث التاريخية القديمة أو الشخصيات مثل الإمام الحسين (عليه السلام)، يمكن أن تُفسر بعدة طرق، تتعلق بالثقافة السياسية والدينية والاجتماعية في المنطقة وهذا يؤكد لنا ان السلطة المارقة في العراق ماتزال تتعكز على الخرافات والهرطقات لبرير فشلها في ادارة البلادويمكن الاشارة الى بعض التفسيرات لهذه الظاهرة:

1. استخدام الرمزية التاريخية للتبرير:

في بعض الأحيان، يُستخدم التاريخ كأداة للتبرير أو لتوجيه النقد بشكل غير مباشر للمشاكل الحالية. من خلال ربط الأمور بما حدث في الماضي، يسعى البعض إلى تحفيز مشاعر دينية أو وطنية لدى الشعب، وهو ما قد يقلل من الضغط على المسؤولين أو يعفيهم من تقديم حلول عملية. ربما يكون هذا نوعًا من محاولة تجنب المسؤولية المباشرة.

2. توظيف الثقافة الدينية لتفسير الواقع:

في العراق، كما في العديد من البلدان ذات التقاليد الدينية العميقة، يتم اللجوء إلى رموز دينية مثل الإمام الحسين (عليه السلام) لتعزيز الوعي الجماعي وإيجاد تفسيرات للأوضاع الصعبة. البعض يرى في معركة كربلاء نموذجًا للصبر على المحن والظروف القاسية، فيحاولون إسقاط هذا الفهم على مشاكل العصر الحالي رغم أنه ليس له علاقة مباشرة بالتحديات المعاصرة.

3. الإحساس بالعجز والتاريخ:

قد يكون ربط المشاكل الحالية بحوادث تاريخية ناتجًا عن شعور بالعجز في مواجهة الواقع الصعب. في حالة العراق، وبالذات بعد الفترات التي تلت الاحتلال والحروب، قد يكون البعض يشعر أنه لا يمكن حل المشاكل بشكل فوري أو جذري، فيلجأ إلى ربط هذه المشاكل بمصير تاريخي أو قدسي كمحاولة لتفسيرها أو قبولها كجزء من “القدر” أو “المحنة”.

4. التشويش على المسؤوليات الحالية:

من خلال الربط المستمر بين المشاكل الحالية وأحداث تاريخية قديمة، يُمكن لبعض الشخصيات السياسية أو أصحاب المصالح أن يوجهوا الانتباه بعيدًا عن مسؤولياتهم. بدلًا من التركيز على تحسين البنية التحتية، توفير الكهرباء، وتقديم خدمات أساسية، قد ينجح البعض في تحويل النقاش إلى تفسيرات غير ذات صلة بالصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الشعب العراقي اليوم.

5. إعادة إنتاج الخطاب السياسي التقليدي:

استخدام الرموز التاريخية يساهم في استمرار الخطاب التقليدي الذي قد يُرى أكثر قبولًا من الناس، خصوصًا في المجتمعات التي تحمل فيها هذه الرموز دلالات عميقة. ربط الصعوبات المعاصرة بمعركة كربلاء، مثلا، يمكن أن يكون جزءًا من إدامة الخطاب الديني الذي يتخطى المسؤوليات الواقعية ويعزز من هوية سياسية معينة.

رغم أن ربط الأحداث المعاصرة بالرموز التاريخية قد يبدو غير منطقي في بعض الأحيان، في النهاية، يجب على المسؤولين التركيز على تقديم حلول عملية تُعالج القضايا الاقتصادية والاجتماعية بدلاً من الانشغال بالربط مع أحداث تاريخية لا تمت بصلة للأزمة الحالية.

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى