نزار العوصجي: المصالح والمكاسب
التفاوض فن لا يتقنه الكثيرين ، يهدف الى تحقيق أكبر قدر من المكاسب عبر الشد و الجذب اثناء الحوار ، لذا يتطلب أشخاص مقتدرين يمتلكون تصوراً و فهماً كاملاً لظروف و حاجة الطرف المقابل ، و إستغلال ذلك على طاولة المفاوضات ، لجني المزيد من المصالح و المكاسب !!
ففي ظل الوضع الاقتصادي البريطاني السيئ ، فأن من غير الواضح ان كان لدى رئيس الحكومة العراقية تصوراً كاملاً عن ضعف الاقتصاد البريطاني ، و هل تم استغلال هذا الوضع و حاجة بريطانيا لعقود أقتصادية ، للتفاوض و تحقيق مكاسب إضافية أمنية و جيوسياسية لصالح العراق قبل توقيع العقود ؟!
إم ان هذه الفرصة التاريخية مرت مرور الكرام دون استغلال ؟!
فالعديد من العقود التي وقعها العراق مع الجانب البريطاني خلال زيارة رئيس الحكومة الحالي الى لندن ، ستضخ أموال عراقية ضخمة داخل الاقتصاد البريطاني ، و هذه تعتبر هدية من السماء لأقتصاد بريطانيا المنهار ، الذي قد تتجه حكومته للأقتراض قريباً من صندوق النقد الدولي ، حالها كحال الدول الفقيرة !!
فلقد جاءت زيارة رئيس الوزراء العراقي في وقت يمر فيه الاقتصاد البريطاني بأسوء مراحله منذ عقود طويلة ، مع عجز مالي قرابة 100 مليار دولار و نمو أقتصادي ضعيف ، و أرتفاع التضخم و هروب لرؤوس الأموال يرافقها ضعف في الأستثمار ، لذا فان زيارة رئيس الوزراء العراقي لبريطانيا تعد بمثابة جرعة أنعاش لأقتصاد بريطانيا الضعيف !!
هنا لابد من السؤال عن دواعي هذه الزيارة ؟؟
لقد إقدمت حكومة بغداد على إتخاذ هذه الخطوة العبثية لحماية نفسها من عدوانية ترامب ، لذا توجهت غرباً لتقدم رِشوة بقيمة 15 مليار دولار (12 مليار جنيه إسترليني) لبريطانيا حليفة ترامب الأقوى ، لتشفع لها عنده بعد التغييرات الجيوسياسية الهائلة التي حدثت في الإقليم خلال الأشهر القليلة الماضية ، و التي توِّجت بانهيار نظام الأسد و وصول السلفية الجهادية إلى الحكم في دمشق ، و ما حدث في لبنان من تغيير في موقف حلفاء حزب الله ، و نهاية مشروع ولاية الفقيه ..
فمع قدوم الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض ، بدأت بعض حكومات المنطقة تستعد لمواجهة تداعيات هذه التغييرات ، فقد أطبقت تركيا قبضتها جيداً على سوريا كفريسة ثمينة لها بالتعاون مع قطر و برضا أميركا و الكيان الصهيوني ..
أما إيران فقد تحركت شرقاً و عقدت اتفاقية تعاون استراتيجي ضخمة مع روسيا قبل أيام من تنصيب ترامب ..
أما قادة الفساد في العراق و لأن حكمهم فساد فقد تحركوا غربا ليقدموا رِشوة ضخمة إلى بريطانيا العجوز ، على شكل عقود نافلة أو غامضة بقيمة 15 مليار دولار تتضمن “حزمة مشاريع يبدو انها رسمت على عجل ، بدءاً بإدامة و تأهيل قواعد ، على ترصين الحدود ، على توفير المياه نظيفة ، على أستشارات بشأن الصرف الصحي ، على تطوير شبكة الهاتف ، على انشاء بعض وصلات السكك الحديدية ، على تصدير سيارات اطفاء بريطانية بقيمة 550 ألف دولار للسيارة الواحدة … الخ الخ”..
و هكذا و عوضا أن تتحرك حكومة المحاصصة الطائفية في بغداد شرقاً لتحاول فك قيود التبعية التي تربطها بنظام الولي الفقيه فقد تحركت غربا نحو الحليف الأقوى للولايات المتحدة و هي بريطانيا و قدمت له ما قدمت على أن أمل أن تشفع لندن لحكم التبعية و العمالة عند الإمبراطور الغاضب ترامب !!
كيف تكون التبعية و العمالة إذن إن لم تكن هكذا ؟!
ما زاد الطين بله كما يقال ، تمثل في سلوك السوداني و لقاأته بالنطيحة و المتردية في لندن ، و التي استهلها بلقاء الفيلسوف الكبير ( ابراهيم الجعفري ) !!
ابراهيم الجعفري ، الطبيب الفاشل الذي حاول ان يعمل باختصاصه في لندن و لكنه فشل في امتحان اللغة الانكليزية IELTS ، و اعاده عدة مرات دون جدوى ..
ثم قرر ان يعيش على المعونة Benefit ، و شقة بسيطة في منطقة Cricklewood التابعة للبلدية او الكاونسل ..
عاش حياة التقشف في التسعينات من القرن الماضي ، و لما كانت المساعدات غير كافية هي 50 باوند بالاسبوع قرر ان يعمل تقرير بانه مصاب بكآبة حادة Severe depression ، حسب نصيحة جماعة ( دار الاسلام ) التي يتردد اليها ، فذهب الى طبيب عراقي و عمل له تقرير الكآبة ، عندئذ تحسن دخله ليصبح 600 باوند شهرياً و شقة البلدية مدفوعة لانه عاطل عن العمل ..
ثم عمل ( حملدار ) للحج ، لكي يحسن دخله ، و لكن شغله بقي بدون علم السلطات بل كما يقولون ( بالاسود ) ، فهو لا يفصح عن دخله لكي لا يقطعوا عنه مبلغ المعونة ..
بقي هكذا الى 2003 ، و عندما عاد الي العراق لم يكن لديه بيت يؤوي اليه فسكن في بيوت القصر الجمهوري في ( حي التشريع ) ..
بعد رئاسته للوزراء ثم وزيراً للخارجية و رئيسا لحزب الدعوة ، اصبح ثرياً ..
ممتلكات الجعفري :
فيلا في منطقة Pinner الراقية في لندن ب 8 مليون دولار ..
شقتين فاخرة قريبة على ( دار الاسلام ) في Cricklewood ، قيمة الشقة مليون و نصف المليون باوند ..
مجمع سكني من 8 طوابق للشقق الفندقية في مدينة مشهد الايرانية ..
بيوت عدد 2 في العطيفية في بغداد ..
مزرعة 20 دونم في كربلاء ، انفق عليها ما يقارب من 5 مليون دولار لتصميمها و زرعها و مضيفها ..
مجمع من الشقق في مسقط في منطقة ( القرم ) على البحر العربي ..
شريك لحسين الصدر في معمل للورق في مدينة شفيلد البريطانية ..
هذا عدا السيولة المالية ..
مع كل هذه العقارات التي تدر عليه دخلا شهريا لا يقل عن 50 الف دولار ، و راتب رئيس وزراء سابق ، فان احد العاملين في عيادة Marble Arch مقابل فندق الهيلتون في اجور رود ، يقول بان الجعفري زبون دائم للعيادة ، و انه يقوم بتوقيع ورقة تخص المتقاعدين ذوي الدخل المحدود من اجل الحصول على ( اطار نظارات ) مجاني !!
هؤلاء خبراء في مجال الاحتيالات و طبعا لديهم تبرير شرعي لكل تصرف ، فحتى املاكهم و عقاراتهم هي باسم زوجاتهم او اولادهم او ازواج بناتهم !!
ثاني لقاأت السوداني الكارثية في لندن كانت مع المدعو ( ناظم الزهاوي ) ، المدان بالفساد و المؤيد لإسرائيل و حرب الابادة على غزة ..
و السياسي البريطاني ناظم الزهاوي من أصول عراقية ، يدعم إسرائيل و يطالب باجتثاث المقاومة الفلسطينية ..
حيث قال الزهاوي ، و هو عضو البرلمان عن ستراتفورد أبون آفون ، في خطاب له في مجلس العموم في برلمان المملكة المتحدة “أريد أن أضم صوتي لكل من يقف مع إسرائيل ، و يدعم حقها المطلق في الدفاع عن نفسها ضد جريمة لا توصف”..
و أضاف “كشخص ولد في الشرق الأوسط و كأب و كإنسان كانت مشاهدة ما يحصل مؤلمة للغاية ..
إسرائيل عليها أن تتخذ الإجراءات الضرورية لاقتلاع هذا الفيروس الشرير المتمثل في التعصب ، و الذي أصاب حماس بكل وضوح و بالطبع أن تدمره ، و كما وقفنا سويا ضد داعش سنقف مجددا”…
من هل المال حمل جمال ..
و تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي ..
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز