آراء

نزار العوصجي: عاتبونا إن كنا مخطئين

الكلام الإيحائي هو أحد الأساليب التي تهدف إلى الإيحاء عن فكرة أو مفهوم دون الإشارة إليه مباشرة ، و يتم ذلك عن طريق أستخدام اللغة و التلاعب بالألفاظ المناسبة ، التي تثير الفضول و تشجع على التفكير و الاستنتاج ، و يتم أستخدام الكلام الإيحائي في الشعر و الخطابة و الأدب بشكل عام ، و يمكن استخدامه لتحفيز الخيال و الإبداع و ألتفكير العميق في أمر ما ، لا أساس له في الوجود ..
من الواضح ان الأحتلال الأمريكي البغيض و معه العملاء ، قد مارسوا خدعة الكلام الإيحائي في بناء الحجة لغزو العراق حيث إنطوت ادعائاتهم على جملة من الإيحائات المزيفة ..
اولها : الإيحاء بأمتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل ..
وثانيها : الإيحاء بأنتهاك الحقوق القومية للأقليات ، وتحديداً شعبنا الكردي ..
وثالثها : الإيحاء برعاية وأحتضان وتمويل تنظيم القاعدة ..
ورابعها : الإيحاء بمظلومية أبناء شعبنا الشيعة في العراق ..

سرعان ما تكشف زيف الأكاذيب و بطلان الإدعات ، فقد أثبتت تقارير لجان التفتيش الدولية خلوا العراق تماماً من أسلحة الدمار الشامل ، رغم أن تلك التقارير قد جاءت متأخرة ، بهذا ثبت زيف الإدعاء الأول و بطلانه ..
كما أثبتت الوقائع زيف إدعاء أنتهاك الحقوق القومية لأكراد العراق ، و الدلالة على ذلك أنهم الوحيدين إلذين حصلوا على حكم ذاتي من بين أكراد دول المنطقة ، إلى جانب التقارير الأممية التي فندت إدعاء ضرب قضاء حلبچة بالكيمياوي ، مما أثبت بطلان الإدعاء الثاني ..
كما أثبتت الوقائع و الأحداث زيف الأكذوبة ألثالثة حول الإيحاء برعاية و أحتضان النظام الوطني لتنظيم القاعدة ، في حين أثبتت الوقائع بان إيران هي راعي الأرهاب الأول في العالم بدون منافس ..
لذا لم يبقى امامهم سوى ألكذبة ألرابعة ، الا و هي الإيحاء بمظلومية أبناء شعبنا الشيعة في العراق ..
هذه النقطة بالذات تحتاج الى وقفة تأمل لخطورة إبعادها ، لذا يتطلب منا التوسع في شرحها ، و تحديد القوى الخفية الداخلية و الخارجية التي تقف خلفها ..

لقد وجدت الاحزاب الدينية العميلة ( الذيول اتباع نظام الولي السفيه ) ، ضالتها في تأجيج الفتنة الطائفية ، بدعم من أدعياء معممين ، بحجة المظلومية و نصرة المذهب ( و المذهب منهم براء ) ، لكي يسهلوا عملية السيطرة على عقول البسطاء من أبناء الشعب المغيبين عن الواقع ، معتمدين في ذلك على تهميش و تجهيل العقول ، لكي يمرروا مخططهم في فرض السيطرة المطلقة على المقدرات العامة ، بعد ان ألبسوا إدعأتهم الزائفة ثوباً دينياً طائفياً مزركشاً ، منحوه القدسية كونه اللباس الذي يرتديه تجار الدين ، ألذين يظهرون أنفسهم على أنهم حماة المذهب ، في محاولة لألزام هؤلاء المغيبين بفتاواهم ، و بعكسه يعد كفراً و خروجاً عن طاعة أهل البيت الأجلاء الأطهار ..
فلقد إستخدموا المذهب وسيلة لتخدير العقول و تمرير السرقات و أستباحة المحرمات ، فعملوا على إصدار الفتاوى التي ما انزل الله بها من سلطان ، ليستقبلها المواطن البسيط المغيب بسلاسة ، كونها صادرة عن مايسمى بالمرجعية الدينية ، فينفذها بحذافيرها مصدقاً كل ما يرد فيها ، من دون تمعن او تمحيص ..

لم يدخر ذيول إيران المجوسية المروجين للطائفية وسعاً في أقناع البسطاء ليتقبلوا العيش في زمن الشعوذة و الخرافة ، ليستسيغوا الفجور و الموبقات و أنتهاك الحرمات ، لكي يندمجوا في حالة التردي و الانحلال و السقوط الأخلاقي ، الذي يعد نتاجاً لزمن الذل و المهانة و غياب قيم الكرامة ..
زمن ظلم النفس لشعب العلم و الحضارات ، حين عمدوا لتحويله الى شعب جاهل و متخلف ، بعد ان نجحوا في نشر المفاهيم البالية المؤطرة بأطر دينية ( و الدين منها براء ) ، مستخدمين كافة الوسائل التي تساعدهم في فرض السيطرة الفكرية على المجتمع ، بهدف إطالة عمر العملية السياسية المقيتة ، رغم كل المؤشرات التي تؤكد سقوطها المدوي ، و ما يرافقها من فشل ذريع للزمر السياسية التي جاء بها الاحتلال البغيض ، بعد ان اثبتوا بالفعل انهم مرتزقة لا يمتلكون أدنى مقومات الشرف و النزاهة ، غايتهم الاساسية ترتكز الى نقطتين رئيسيتين :
الاولى : سرقة ونهب المال العام و الخاص ..
و الثانية : طمس التاريخ و تدمير الحاضر و اضاعة المستقبل ..
مستغلين شتى الوسائل الوحشية و البربرية ، و قد نجحوا في ذلك بامتياز ، بعد ان سرقوا و اهدروا ما يزيد عن الفي مليار دولار ، ( و هذا المعلن فقط ، و ما خفي كان اعظم ) ، الى جانب ما اظهروه من دقة متناهية في تنفيذ الأوامر التي يمليها عليهم سادتهم المجوس ، لتدمير كل ما من شأنه ادامة الحياة ، و تحطيم البنية التحتية بالكامل ، و هذا مايظهر جلياً في كافة المحافظات و المدن دون أستثناء ..

كنا نعي من الوهلة الأولى ان هؤلاء الذيول ليسوا برجال دولة ، يمكن الاعتماد عليهم في بناء الوطن ، كما انهم ليسوا بسياسيين بالمعنى الاصح ، كونهم لا يمتلكون القدرة على النهوض بالمهام التي تقع على عاتق السياسي ، و هاهم اليوم يثبتون صحة ماذهبنا اليه ، بعد ان اتضحت حقيقة صراعاتهم و رغبتهم الجارفة العارمة في الاستيلاء على السلطة ، ليكملوا مابدؤه في مخطط تأمرهم على وطن اسمه العراق ، وطن تمتد حضارته الى سبعة الاف سنة قبل الميلاد ، عرف بقادته الذين علموا العالم اسس القانون و البناء و الكتابة ، و علموا البشرية معاني الرقي و الثقافة ، ليتحول في غفلة من الزمن الى مغارة للصوص و المارقين و تجار المخدرات ، يختبئون فيه ليتقاسموا غنائمهم التي استحوذوا عليها بالباطل ..

المشكلة الرئيسية تكمن في تسخير الدين لأغراض سياسية بحته و الأتجار به ، و نشر ثقافة الجهل بين أبناء الشعب ، و أشغاله بأمور تافهه أكل عليها الدهر و شرب ، ليس لأحد من الأحياء فيها ذنب و لا سبيل ، كما لا يستطيع أحد منهم إعادة الزمن الى الوراء ، لذا يعمدون الى اثارتها ليستفيدوا منها ، و لكي يسترزقوا من عملية تسيس الدين ، و التباكي على مظلومية لا أساس لها من الوجود ..
لذا فان الواجب الوطني يحتم علينا ان نعي خطورة مانحن فيه ، ذلك لأننا إمام تحدي صعب للغاية ، بل هو الأصعب على الإطلاق ، قد يجلب لنا المزيد من الدمار مالم ندرك حقيقته و نشخص سلبياته ، لذا علينا ان نعمل على التخلص منه و إلا سوف لا ينفع إلنحيب و الندم ..
نأسى عليكم يامن ترتجون خيراً من مثل هؤلاء ، و ذكرونا ان أختلف الحال عما قلنا إو بلغنا ، و هانحن نشهد الله إنا قد أدينا ما علينا من أمانة ، بما يمليه علينا الضمير و وزر ألمسؤولية إلملقاة على عاتق ألنخب الواعية ، المحبة لبلدها و شعبها ، و عاتبونا إن كنا مخطئين ..

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى