آراء

نزار العوصجي: ‏إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم!

أنه بيت للشعر من قصيدة طويلة للإمام أبن القيم رحمه ألله ، كتبه في وصف ألجنة ، فأصبح مثلاً يضرب به عندما يرتكب شخص فعلاً ( محرماً ) و هو لا يعلم حكمه ، فتلك مصيبه في حد ذاتها ، و شخصاً إرتكب فعلاً ( محرماً ) و هو يعلم بحكمه ، فالمصيبه عند ذلك تكون أعظم ، لانه يعلم حكمه و لا يعمل به ..
و يقال ايضاً أن هناك حكاية بنيت منها ألقصيدة أو العكس ..
فقيل أن أحد الخلفاء أرسل رسالة مع عدد من قادة جيشه إلى والي مصر ، و كانت الرسالة مختومة بختم الخليفة و مغلقة ، و في الطريق شك هؤلاء القادة بمضمون الرسالة فقاموا بفتحها ، فإذا بها طلب من الخليفة إلى والي مصر ، بإلقاء القبض على هؤلاء القادة فور وصولهم و إعدامهم ..
و هنا بقى هؤلاء القادة في حيرة من أمرهم ، فهم مثال للامانة و الإخلاص و الشجاعة ، فكيف يصدر هكذا أمر من الخليفة بحقهم ، فكتبوا إلى الخليفة رسالة توضح شكهم ، و أرفقوها برسالة الخليفة التي فيها ختمه ، و كتبوا فيها حكمتهم التي بين أيدينا :
(( إن كنت تدري فتلك مصيبة ، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم )) ..

أي أن هذا الأمر إن صدر بعلمك ، فمعناه وجود عدد من الأشخاص إلذين يأتمر الخليفة بأمرهم أو يخاف سطوتهم ، و تلك مصيبة ، و إذا صدر هذا الأمر بدون علم الخليفة فمعناه إن هناك عدد من الأشخاص يستطيعون إن يصدروا الأوامر و يختموها بختم الخليفة ، دون أن يتمكن من ردعهم ، و هنا تكون المصيبة أعظم ..

رباط سالفتنا :
مؤخراً قام السيد محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب الأسبق ، زعيم حزب تقدم ، بزيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، شملت عدد من الولايات من ضمنها ولاية مشيغن التي يقطنها عدد كبير من العراقيين المسيحيين ، حيث زار تحديداً ألمركز الثقافي الكلداني Chaldean Cultural Center ، و قد ادلى بتصريح مهم جداً يبعث الأمل في نفوس الكثيرين ، حول أملاك المسيحيين العراقيين ، حيث قال بالحرف الواحد : أن أملاكهم محفوظة ..

في الحقيقة لا نعلم ماهو مفهوم الحفظ إلذي يتحدث عنه السيد محمد الحلبوسي ، باعتباره شخصية سياسية بارزة ، و زعيم حزب سياسي ، و مسؤول في الدولة العراقية ، كونه خافياً علينا ..
هل هي محفوظة كما يقال بالعامية ( بالحفظ والصون ) لدى الحكومة كحق ، لا تسمح لأحد المساس به ؟؟
إم انها محفوظة لدى أشخاص أو مجاميع ، يمنون النفس بأن يعيدوها إلى اصحابها لاحقاً ، عندما يحن الوقت و تسنح الفرصة ؟؟

لانعلم إن كان السيد محمد الحلبوسي يعلم ، بأن 99% من املاك المسيحيين العراقيين إلتي بيعت بعد الأحتلال في 2003 ، قد اجبروا على بيعها ، نتيجة الأستيلاء عليها ، و التهديد بالقتل و التصفية الجسدية ، لأصحابها و لعوائلهم ، أن لم يتنازلوا عنها ، أو إن طالبوا بأستعادتها ، مما إضطرهم إلى الرضوخ و الأذعان و البيع بثمن بخس ، بما يساوي ‫1\5 من‬ قيمتها الفعلية ، و أقل من ذلك ، ناهيك عن عمليات التزوير إلتي لم يحصل أصحاب العقارات المغتصبة ، على شيئ من قيمتها ..
لذا نتوجه إلى السيد محمد الحلبوسي بالسؤال : هل أن عملية الحفظ إلتي يتحدث عنها تستند إلى مبدء تعويض المتضررين بما يساوي القيمة الفعلية لعقاراتهم في الوقت الحاضر ، مما يتيح لهم إمكانية شراء عقار يسكنون فيه ، او أنشاء عمل يعتاشون منه ، إم أن هنالك شيئ أخر بصيغة أخرى ؟؟

بودنا أن يعلم السيد محمد الحلبوسي شيئاً عن عمليات الأستهداف إلتي طالت المسيحيين العراقيين المسالمين ، إلذين لا يؤمنون بلغة العنف و منطق القوة ..
تلك العمليات إلتي طالت دورهم و أملاكهم و متلكاتهم و محلات رزقهم إلتي سلبت و نهبت ، و إلتي تم الأستيلاء عليها و إستغلالها دون وجه حق ، بحجة شرعية ، حللتها لهم فتوى لاتمت للشرعية بصلة قطعاً ، تجيز الأستحواذ على مقدرات ألغير ، بذريعة أنهم بعثيين و أنهم من أزلام النظام السابق ..

لقد عمد هؤلاء المغتصبين إلى تحويل و نقل ملكية عدد كبير من تلك الدور و العقارات و الممتلكات باسماء أشخاص تابعين لهم ، من خلال تزوير سندات الملكية للكثير من تلك العقارات ، مختلقين الحجج و الذرائع و الاكاذيب إلتي لا تمت للحقيقة بصلة ، بالأضافة إلى الأستحواذ على العشرات بل المئات من دور المواطنين في مناطق المنصور و الكرادة و الجادرية و غيرها ..

لم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل وصل إلى قتل و تصفية عوائل باكملها لعدم الأمتثال لرغباتهم ، إلى جانب الاعتداء على دور العبادة ( الكنائس ) إلتي يمارس فيها المسيحيين المسالمين طقوسهم الدينية ، و أستهدافها بعبوات ناسفة ، ناهيك عن عمليات خطف الأشخاص و الأبتزاز و طلب الفدية و التهديد ، مما صعب من مهمة عودة تلك العوائل الى سابق عهدها ، بل أصبح أمراً شبه مستحيل ، و في غاية الصعوبة ..
هذه الممارسات و السلوكيات دفعت الكثير منهم إلى مغادرة العراق ، و الوقوف في طوابير طويلة إمام ممثليات الأمم المتحدة و المنظمات الأنسانية ، طلباً للأمن والأمان و أملً بالحصول على حق اللجوء الأنساني ، منتظرين عطف دول العالم ، بأن يتصدقوا عليهم في قبولهم كلاجئين أذلاء ، بعد أن كانوا أسياداً في وطنهم ..

كلنا أمل بأن تتبنى الحكومة و المعنيين بالأمر و القائمين على السلطة في العراق ، موقفاً واضحاً من أنصاف المسيحيين العراقيين إلذين غادروا العراق بعد 2003 ، بما يمكنهم من استعادة حقوقهم إلتي قد سلبت بدون وجه حق ، ودياً و دون الحاجة إلى مخاطبة المجتمع الدولي ، ألذي سينصفهم حتماً بكل تأكيد في المطالبة بحقوقهم ، مما يسهل من مهمة عودتهم إلى وطنهم ، ليعودوا و يسهموا بشكل فاعل في بناء ألعراق من جديد ..

لك الله يا عراق ألشرفاء ..

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى