نزار العوصجي: ما يميز سياسيي الصدفة
الجهل بالسياسة بات صفة طاغية يتصف بها سياسيو هذا الزمن ، الذين برزوا على الواجهة بعد غزو العراق واحتلاله ..
هذا ان لم نقل انه غباء في أدراك وفهم مفردات السياسة ، لما نلمسه من سذاجة في تصريحاتهم الأعلامية ، وتغريداتهم على صفحات التواصل الأجتماعي ، مع شديد الأسف ..
ليس الجهل والغباء وحدهما ما يميزان تلك الثلة البائسة ، بل انها تمتاز ايضاً بالكذب والتفنن في تزييف الحقائق والتلاعب بالمفردات ..
الادهى والإمر من ذلك ، انهم يكذبون ويصدقون كذبهم ، حين يتحدثون عن بطولاتهم وتضحياتهم ودورهم في تغيير النظام الوطني ، وفي الحقيقة هم إجبن خلق الله ، فلولا الغزو الأمريكي ما كانوا ليتجرؤا على ان تطأ اقدامهم حدود العراق ..
الطامة الكبرى تتمثل في تصور البعض من هؤلاء البائسين ان امريكا قد عبرت بجيوشها ، البحور والمحيطات لتحتل العراق ، تنفيذاً لرغباتهم ، واكراماً لسواد عيونهم ، لتخرج منه بعدها بخفي حنين ، بعد ان تكون قد قدمت العراق للنظام الإيراني المجوسي على طبق من ذهب ..
لم يسأل هؤلاء الساسة الفطاحل انفسهم ، ما الذي جنته امريكا من غزو العراق وأحتلاله ، لتخرج منه لاحقاً ، وتتركه لقمة سائغة لغيرها ، ليتنعم بخيراته ، ويتخذ من أرضه ساحة ينطلق منها ، لتنفيذ مخططاته ألتوسعية في ألمنطقة ..
لا أحد يستطيع أن ينكر دور الحكومات الأمريكية المتلاحقة في تمكين نظام الملالي في طهران ، من فرض سيطرته وبسط نفوذه على العراق بعد غزوه وأحتلاله ، بما يخدم المنافع الشخصية للبعض من ساستها ..
فالبداية كانت مع حكومة المجرم جورج بوش الأبن ، وتبعتها حكومة عراب ألمشروع ألنووي الإيراني باراك اوباما ، ليتراجع الموقف بشكل واضح وملموس في زمن حكومة دونالد ترامب الأولى ، حيث فرضت عقوبات أقتصادية مشددة أثرت بشكل كبير على برامج إيران المشبوهة ، ليعاود نظام الولي السفيه نشاطه في العمل على إستكمال مشروعه التوسعي ، حين تولى جو بايدن الرئاسة ، بعد ان اعطي الضوء الأخضر للمضي بقوة ، لأستكمال مشروعه ألنووي ، على أمل فوز بايدن بولاية ثانية ، مما سيمنح إيران الوقت الكافي لتخصيب اليورانيوم اللأزم لأنتاج القنبلة النووية ، الا ان أملهم قد خاب بأنتهاء حقبة الديمقراطيين ، وفوز دونالد ترامب بأنتخابات الرئاسة ..
كما أن لا أحد يستطيع أن ينكر بان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رجل أقتصاد ، يسعى بشتى الطرق الى إبتزاز دول العالم لصالح الأقتصاد الأمريكي ، الا ان ما يميزه عن سواه انه رجل أعمال ناجح وغني ، ليس بحاجة ملحة للحصول على منافع مادية شخصية ، كما هو الحال مع من سبقوه من الساسة ورؤساء الحكومات السابقة ..
وهنا لابد من الأشارة الى ان الحديث عن ترامب لا يعني التعويل عليه ، فالذي يتغطى بالأمريكان ، ينام عريان كما يقال ، الا ان هنالك مؤشرات واضحة ، تشير الى عزمه على اتخاذ موقفاً متشدداً تجاه توجهات النظام الإيراني ، وقطع اذرعه في المنطقة بكافة مسمياتها ، وهذا ما يردده باستمرار في خطاباته ، عندما يتحدث عن عزمه لجعل أمريكا قوية من جديد ..
هذا الأمر سيسمح له بدخول التأريخ من أوسع أبوابه ، لدوره في التصدي لطموحات النظام الإيراني التوسعية ، والحيلولة دون أمتلاكه لأسلحة الدمار الشامل ، لأسباب يمكن تلخيصها بثلاثة نقاط أساسية :
النقطة الأولى : التأكيد على ضمان أمن الكيان الصهيوني ..
النقطة الثانية : تنفيذ جزء من الأتفاق المبرم مع السعودية ، خلال فترة رئاسته الأولى ، حول وقف التمدد الإيراني وضمان أمن وأستقرار دول المنطقة ..
النقطة الثالثة : أبرام عقود جديدة مع دول المنطقة ، تضمن تحقيق مكاسب مادية ، تعود بالفائدة على الأقتصاد الأمريكي ، باعتباره قوة فاعلة في العالم ..
ان حديثنا بالمجمل لايعدوا عن كونه وجهة نظر وأستنتاج ، فجميع التوقعات تشير الى أن الأيام القليلة القادمة ستكون حبلى بالمفاجأت والأحداث المثيرة ..
وأن غداً لناظره لقريب ..
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز