آراء

نزار العوصجي: ازيلوا الغشاوة عن عيونكم

المفاضلة في علم النفس تعني عملية تفكير ، يوازن فيها المرء بين أمرين بقصد اختيار أحدهما ..
اما في أحتساب القيمة ، فكل شيئ في العالم له قيمة محددة ، يعرف بها تبعاً لما يميزه عن سواه ، لذا فان المفاضلة لها تكلفة ، حين نستبدل ميزة بأخرى ، وتسمى تكاليف الفرصة ، للحصول على ميزة أو شيئ بديل ، مقابل التنازل عن ميزة أو شيئ آخر ..
اما في السياسية فان المفاضلة تستند الى الوعي والأدراك للواقع ، ومن خلاله يتم تحديد المسار الاصلح الذي يمضي فيه ، حتى النهاية ..
ببساطة اكثر فالمفاضلة هي الاختيار بين أمرين ، اما هذا او ذاك ، الأمر الذي يحتاج الى تفكير قد يصل الى حد التشاور مع من هم حولنا ، للوصول الى قناعة تامة حول اي الكفتين ارجح ، هذه ام تلك ..

لقد بنى نظام الملالي في طهران حساباته على مبدء فرض الأرادة التي تتناسب مع رغباته ، دون الألتفات الى مصالح الدول الأخرى الأقليمية والدولية ، من خلال سياسة لي الأذرع وارغام الجميع على الرضوخ لأرادته ، كونه يمتلك القوة الفاعلة على الساحة الأقليمية ، المتمثلة بالميليشيات التي زرعها في عدد من الأقطار العربية ، بعد ان اسماها بمحور المقاومة ، ليتلاعب من خلالها بالقرار السياسي وفقاً لمصالحه ، الى جانب السيطرة على الموارد الأقتصادية والتحكم بها ،
من منطلق ان الدستور الإيراني يكفل له حق دعم مايسمى بالمقاومة اينما كانت ، لذا وضعت الأدارة الأمريكية نظام الملالي في طهران ، امام خيارين لا ثالث لهما ، تاركةً له خيار المفاضلة بينهما واختار احدهما :
الأول : يتمثل في رفع العقوبات الأقتصادية المفروضة عليه ، والعودة الى فتح ملف التفاوض الخاص بالمشروع النووي الإيراني ..
والثاني : الاصرار على الأستمرار في دعم مايسمى بفصائل المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن ..

وبالمفاضلة مابين الخيارين ، استشعر نظام الملالي في طهران جيداً حقيقة الخطر الذي يحدق به ، جراء أستمرار العقوبات الأقتصادية المفروضة عليه ، بالأضافة الى مخاطر وقف التعامل مع الملف النووي الإيراني ، لذا عمدوا الى اتباع سياسية استرضاء الطرف المقابل ، فباع النظام عملائه كما تباع الماشية حين تساق الى ذبحها ، باعطاء الضوء الأخضر لتصفية القيادات الإيرانية المتشددة والمعارضة ، للتقارب مع السياسة الأمريكية في المنطقة ، كجزء اول ، بدءاً من استهداف قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني ، الذي قتل في بغداد ، مروراً بالجنرال محمد رضا زاهدي وسبعة من قادة فيلق القدس ، الذين قتلوا داخل القنصلية الإيرانية في دمشق ، وصولاً الى حادث تفجير طائرة الرئيس الإيراني حسن رئيسي ، اثناء تحليقها في الجو ..
اما الجزء الثاني فيشمل تصفية قيادات المقاومة بدءاً بمقتل قائد الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس في بغداد ، مروراً باغتيال رئيس المكتب التنفيذي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران ، وصولاً الى مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في لبنان ..
وفي كل مرة كان لابد من القيام بحركة استعراضية مسرحية تحقظ له ماء الوجه ، من خلال اطلاق بعض الصواريخ على مواقع محددة مسبقاً ، دون وقوع اي اصابات تذكر ، وهذا ماحصل في الهجوم الصاروخي على قاعدة عين الأسد في العراق ، يوم الثامن من كانون الثاني من عام 2020 انتقاما لمقتل سليماني ، اعقبه الهجوم الصاروخي على الكيان الصهيوني ، في 13نيسان 2024 رداً على مقتل الجنرال محمد رضا زاهدي وسبعة من قادة فيلق القدس ، تلاه هجوم يوم الثاني من اكتوبر ، الذي جمعوا فيه الرد على ثلاثة عمليات اغتيال صهيونية ، ولم تقتل المائة وثمانين صاروخاً صهيونياً واحداً ، بل قتلت فلسطينياً من اهل غزة ..

ووفق المخطط المتفق عليه ، فقد تبنى الجيش الصهيوني مهمة قتال حركة حماس في غزة ، ومن ثم ضرب حزب الله في لبنان بهدف القضاء عليه ، وتصفية ماتبقى من عناصره في سوريا ، في المقابل فقد اوكلت مهمة القضاء على الميليشيات الموالية لإيران في العراق واليمن الى القوات الأمريكية والتحالف الدولي ..
من هنا نقول : ستشهد الأشهر القليلة القادمة نهاية حقبة أحزاب الأسلام السياسي الى الأبد ، بعد ان اثبتت انها إسوء مرحلة في تأريخ العراق المعاصر والمنطقة ، لتستقر في مزبلة التأريخ ..
هذا هو مصير العملاء والذيول ، الذين خانوا اوطانهم وشعوبهم ، تقرباً للولي السفيه ..

عاش العراق ..
وليخسأ الخاسؤن ..

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى