ظاهرة سرقة الهواتف في بريطانيا.. أرقام تكشف حجم الكارثة
أظهرت سلسلة من مقاطع الفيديو على مدى الأشهر الأخيرة عصابات من اللصوص الملثمين على الدراجات الهوائية، وهم يسرقون الهواتف من المارة في عدد من المدن البريطانية، على رأسها لندن، ما أثار مخاوف من الحرية المتزايدة للمجرمين في شوارع العاصمة.
- كيف تتم سرقة الهواتف؟
غالباً ما يستخدم المجرمون الدراجات الهوائية لانتزاع الهواتف المحمولة من الأشخاص، وخاصة في الأماكن المزدحمة، مثل المحطات الخارجية أو مراكز التسوق أو أماكن الحفلات الموسيقية.
وعادةً ما يقترب المجرمون من الضحايا من الخلف أثناء التحدث أو إرسال الرسائل النصية على الهواتف. وقد يتجه المجرمون على الدراجات النارية إلى الرصيف لانتزاع الهاتف ثم العودة إلى الطريق. وفي بعض الأحيان عندما تكون الدراجة بخارية، يقوم الراكب بالخلف بانتزاع الهاتف.
وفي حين أن معظم السرقات تحدث ما بين السادسة والعاشرة ليلاً، فإن عدداً كبيراً من السرقات وقعت خلال النهار أيضاً، فقد سرق أحد اللصوص، الذي تم تقديمه إلى المحاكمة مؤخراً، 24 هاتفاً في صباح واحد.
- أرقام وإحصائيات
نقلت شبكة «بي بي سي» عن إحصائيات رسمية سابقة للشرطة البريطانية، عن سرقة هاتف محمول كل 6 دقائق في لندن، وتسجيل 91 ألف بلاغ في عام 2022 وحده، بمتوسط 248 هاتفاً يومياً.
وأكد خبراء وتقارير حديثة مجدداً، أن حوادث السرقة ما زالت متنامية في العاصمة البريطانية بشكل كبير، وذلك بعد تسجيل بلاغات سرقة كبيرة خلال النصف الأول من 2024.
فيما كشفت خريطة نشرتها صحيفة «دايلي ميل» عن المناطق الأكثر تضرراً من أزمة سرقة الهواتف التي تجتاح إنجلترا وويلز، حيث تمت سرقة ما يقرب من 52 ألف جهاز في العاصمة العام الماضي وحده، إذ يستخدم المجرمون على الدراجات تقنيات التشتيت لاستهداف الضحايا.
وكانت المدينة الأكثر تضرراً هي وستمنستر، حيث يتدفق السياح لمشاهدة العروض المسرحية والتسوق الراقي، حيث تم الإبلاغ عن 18863 حادثة خلال العام حتى ديسمبر/ كانون الأول، مع زيادة بنسبة 47% عن 12836 حادثة في الأشهر الـ12 السابقة.
وكانت منطقة كامدن هي ثانية أكثر المناطق تضرراً، حيث بلغ عدد حوادث السرقة فيها 4806 حوادث، تليها منطقة ساوثوورك (4376)، وهاكني (2761)، ونيوهام (2585)، ولامبث (2394)، وإيسلينجتون (2117). وفي لندن ككل، سُرق أكثر من 52 ألف هاتف العام الماضي.
وتظهر الأرقام أنه تم الإبلاغ عن 165.933 حالة سرقة هواتف محمولة لشرطة العاصمة بين الأول من يناير 2019 و31 ديسمبر من العام الماضي، وهو ما يمثل 52% من الإجمالي في إنجلترا وويلز.
أيضاً ارتفعت سرقات الهواتف بنسبة 20% العام الماضي في جميع أنحاء إنجلترا وويلز ككل، وسجلت الشرطة 316683 حادثة بين 1 يناير/ كانون الثاني 2019 و31 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، وفقاً للأرقام التي نشرتها صحيفة «التايمز».
- روايات الشهود
استمعت التقارير التي أجرتها مؤسسة ديسباتشز إلى شهادات من داخل شبكة إجرامية دولية تجني ما بين 12 ألف إلى 15 ألف جنيه إسترليني شهرياً من بيع الهواتف المسروقة إلى الشركات الصينية، حيث يتم بيعها بعد فكها إلى أجزاء أو فتحها لإعادة بيعها.
وقال أحد سكان لندن الذي وقع ضحية لسرقة هاتف، ويدعى عمران كانجي: «قالت الشرطة إنها لم تتمكن من التقدم في حل القضية لأنها لم يكن لديها أي دليل، ولم يكن هناك أي مشتبه فيهم، ولم تكن هناك كاميرات مراقبة يمكنهم الاطلاع عليها، ثم أغلقوا القضية. وبعد نحو أسبوعين، رن هاتفي مرة أخرى وأخبرني الشخص الذي يملكه أنه في الصين!».
- حوادث وثقتها الكاميرات
أظهر مقطع فيديو رجلاً يرتدي ملابس سوداء يخطف الهاتف المحمول لأحد المارة، قبل أن يهرب بعيداً على طريق مزدحم بالقرب من ساحة تافيستوك في ماريلبون، وسط لندن.
وفي حادث منفصل، تم تصوير اثنين من اللصوص على دراجة وهم يحاولون سرقة هاتف رجل. ويمكن رؤية الضحية، الذي كان يقف على زاوية الشارع في توتنهام شمالي لندن، وهو ينظر إلى هاتفه المحمول، لكن لحسن الحظ استدار عندما اقتربت الدراجة منه. وحاول اللص الموجود في الخلف انتزاع الهاتف لكن الرجل تمكن من سحبه.
أيضاً تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً يظهر فيه رجلاً يتجول في بارك لين، قرب أحد أفخم فنادق لندن، مقابل حديقة هايد بارك، عندما يقترب منه رجل على «سكوتر»، ثم يختطف هاتفه ويفر هارباً في وضح النهار. ويبدو أن الصدمة أصابت الضحية، إذ لم يحاول حتى مطاردة اللص.
والحوادث المشابهة كثيرة في لندن، حيث تم تصنيفها المدينة الأكثر تضرراً في إنجلترا وويلز، ويستهدف المجرمون فيها المتسوقين الأثرياء والسياح الأجانب.
- كيف تواجه لندن سرقة الهواتف؟
أعلن عمدة لندن صادق خان، خطة جديدة للحد من هذه الجرائم، قائلاً في منشور له على حسابه في منصة «إكس»: «ما نقوم به للتصدي للجريمة في شوارعنا هو زيادة عدد الضباط، والعمل مع الشركات المصنعة للهواتف المحمولة لتطوير حلول طويلة المدى تحد من خطر سرقة الهواتف المحمولة».
فيما قال متحدث باسم شرطة العاصمة: «نحن نتفهم التأثير الذي يمكن أن تحدثه سرقة الهاتف المحمول على الضحايا، إنها جريمة عدوانية وعنيفة في بعض الأحيان، ونحن ملتزمون بحماية سكان لندن ومعالجة هذه القضية بينما نجعل العاصمة أكثر أماناً».
وأضاف، «يستهدف ضباط الشرطة المناطق الساخنة، مثل وستمنستر ولامبيث ونيوهام، مع زيادة الدوريات وضباط بملابس مدنية لردع المجرمين وجعل الضباط متاحين بشكل أكثر وضوحاً لأعضاء المجتمع».
وواصل: «نحن نواصل استخدام البيانات والتكنولوجيا لبناء المعلومات الاستخبارية وتتبع الهواتف المسروقة لاستهداف المجرمين بينما نحارب الجريمة المجتمعية.. ونحن نسعى إلى تفكيك السوق الإجرامية التي تغذي السرقة».
كما شجعت الشرطة الإبلاغ في أقرب وقت ممكن عندما يكونون ضحية لسرقة هاتف محمول، حتى يتمكن الضباط من حضور مكان الحادث والتحقيق بسرعة.