ماكرون أبعد اليمين المتطرف عن السلطة.. لكنه أغرق فرنسا في “الفوضى”
رأت شبكة “سي إن إن” الأمريكية أن النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية الفرنسية كانت مفاجئة للبلاد واعتبرتها “مقامرة متفجرة”، بعد أن جاء تحالف اليسار الفرنسي في المركز الأول بحصوله على 182 مقعداً، بينما احتل اليمين المتطرف المركز الثالث، وهو ما يمثل انعكاساً صادماً لنتائج الجولة الأولى التي جرت يوم الأحد الماضي.
وقوبلت النتائج في ساحة الجمهورية بالعاصمة الفرنسية باريس بالتصفيق الحار والألعاب النارية، واحتضن الناس بعضهم بعضاً وتنفسوا الصعداء، بعد أن تم سحب فرنسا من حافة الهاوية.
وكانت نسبة المشاركة يوم الأحد هي الأعلى في الانتخابات البرلمانية منذ أكثر من 20 عاماً، حيث خرج المواطنون الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع للتعبير عن مشاعرهم، وقالوا إنهم لا يريدون لليمين المتطرف أن يحكم.
ومع ذلك، مع فشل اليسار في الحصول على 289 مقعداً اللازمة لتحقيق الأغلبية، من المتوقع أن تكون الجمعية الوطنية أكثر انقساماً من أي وقت مضى.
مرحلة الفوضى
الأمر المؤكد هو أن فرنسا على وشك الدخول في فترة طويلة من عدم الاستقرار، حيث تحاول ثلاث كتل متعارضة ذات أفكار وأجندات متنافسة تشكيل ائتلاف أو تجد نفسها عالقة في حالة من الشلل.
وبخيبة أمل واضحة، قال زعيم التجمع الوطني اليميني جوردان بارديلا إن هزيمة حزبه لم تكن ممكنة إلا من خلال التصويت التكتيكي الذي نظمه ماكرون وائتلاف اليسار الذي قرر سحب 200 مرشح من السباق هذا الأسبوع. محاولة لعرقلة اليمين المتطرف.
وعلى الرغم من أن أداء حزب الجبهة الوطنية لم يكن جيداً كما كان متوقعاً، إلا أنه لا يزال يمثل انتصاراً لعميدة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان، حيث يحصل حزبها على المزيد من الأصوات مع كل انتخابات تجرى سواء في عام 2017 و2022 بمساعدة الحلفاء.
وبالنسبة لتحالف اليسار الفرنسي، سيكون من الصعب عليه التحدث بصوت واحد، وفي المرة الأخيرة التي شكلت فيها كتلة تحت اسم نوبيس، في عام 2022، انهارت بسبب الخلافات الشخصية وكذلك السياسة.
كيف يؤثر عدم استقرار باريس على المستوى الدولي؟
وفي ظل هذا البرلمان المنقسم، لا يوجد أمل في إجراء إصلاحات هيكلية كبرى على المستوى المحلي، وأفضل ما يمكن أن يأمله اليساريون هو تحالفات مخصصة للتصويت على التشريعات الفردية.
ومن الصعب بنفس القدر أن نتصور كيف قد تسمح المجموعة الحالية لفرنسا بلعب دور مهم فيما يتعلق بأوكرانيا، وتعهد ماكرون في الماضي بمواصلة دعم أوكرانيا عسكرياً، بينما قالت لوبان إن حزبها سيمنع كييف من استخدام الأسلحة بعيدة المدى التي زودتها بها فرنسا لضرب داخل روسياـ وستعارض إرسال قوات فرنسية.
ولقد ظل اليسار هادئاً نسبياً فيما يتعلق بأوكرانيا – حيث إن الأحزاب المختلفة في الائتلاف لها مواقف مختلفة قليلاً.
ويبدو أن كتلة ماكرون المركزية صمدت بشكل جيد، حيث فازت بـ 163 مقعداً. وعلى الرغم من خسارته ما يقرب من 100 نائب، إلا أنها نتيجة أفضل بكثير مما كانت تقترحه استطلاعات الرأي، على الرغم من أننا سنشهد تحولًا في السلطة من الإليزيه إلى الجمعية الوطنية.
وربما تكون مقامرة ماكرون قد منعت اليمين المتطرف من الوصول إلى السلطة، لكنها قد تغرق فرنسا في الفوضى. ومع عدم تحديد موعد لإجراء انتخابات برلمانية لمدة عام آخر، فإن فرنسا تمر بوقت غير مؤكد، حيث تتجه أنظار العالم نحو باريس وهي تستعد للترحيب بالألعاب الأولمبية في غضون 3 أسابيع.