لأيّ الأحزاب يُصوّت مُسلمو فرنسا.. وما هي دوافعهم؟
لمن صوّت المواطنون الفرنسيون من أصول مسلمة في الانتخابات الأوروبية التي جرت يوم 9 يونيو (حزيران) الماضي، وفي الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة للبرلمان الفرنسي يوم 30 من الشهر نفسه؟.
هذا ما تكشف عنه دراسة أجراها المعهد الفرنسي للرأي العام الذي قدّم بيانات مُثيرة للاهتمام، وهو معهد دولي لاستطلاعات الرأي وأبحاث السوق، أسسه في عام 1938 أكاديميون في جامعة السوربون بباريس.
بالطبع فإنّ الرابح الأكبر في الانتخابات الأوروبية هو بلا شك حزب التجمع الوطني اليميني المُتطرّف، لكن هل ساهم الفرنسيون المسلمون في هذا النجاح الانتخابي؟ تكشف الدراسة، أن نسبة المسلمين الذين صوتوا لصالح الجبهة الوطنية لا تكاد تكون بعيدة بحدّة عن المتوسط الوطني.
وحول ذلك تُعلّق حنان بن رحومة رئيس تحرير شبكة “سفيرنيوز” الإخبارية المُعتدلة والمُتخصصة في شؤون المسلمين في فرنسا، بأن هذه الظاهرة تؤكد أن المسلمين الفرنسيين هم في المقام الأول مواطنون فرنسيون، ويشعرون بحساسية تجاه نفس القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يُعاني منها مواطنوهم.
دعوة للمواطنة
بالمقابل، وبينما جاءت النتائج لتؤكد فوز اليمين المتطرف في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية للبرلمان الفرنسي بنسبة 33%، كان عميد المسجد الكبير في باريس شمس الدين حافظ، قد دعا إلى عرقلة حزب الجبهة الوطنية فور إعلان حلّ البرلمان.
وأمام المخاطر الكبيرة التي يشكلها اليمين المتطرف على المجتمع بشكل عام، أطلقت شخصيات دينية وشخصيات من المجتمع المدني من المسجد الكبير في باريس، خلال الفترة ما بين جولتي الانتخابات، دعوة مواطنة للتعبئة بكثافة في صناديق الاقتراع ضدّ التجمع الوطني.
ودعا حافظ جميع المواطنين الفرنسيين، بغض النظر عن معتقداتهم وأصولهم، إلى التصويت بكثافة في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية المبكرة، وقال، “في هذه الأيام الحاسمة لمستقبل فرنسا، نقف صامدين مع مشروع الوحدة الوطنية، والتمسّك بالعقيدة والجذور التي لن ننساها أبداً”.
تحدّي المُمتنعين عن التصويت
وبالنسبة لانتخابات البرلمان الأوروبي، لا تزال نسبة الامتناع عن التصويت مرتفعة للغاية بين المسلمين: فهي تبلغ 59%، أو بنسبة 10% أكثر من جميع الناخبين الفرنسيين المسجلين.
وسيكون التحدّي القادم قبل كل شيء في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية يوم 7 يوليو (تموز) الجاري هو جلب الممتنعين عن التصويت إلى صناديق الاقتراع.
ووفقاً لدراسة المعهد الفرنسي للرأي العام، التي أجراها لصالح صحيفة “لا كروا”، فقد حصل حزب الجبهة الوطنية على 12% من أصوات المسلمين الفرنسيين في الانتخابات الأوروبية. ويعود أداء الحزب الذي يرأسه جوردان بارديلا إلى أنه نجح في أن يكون على قدم المساواة مع حزب الأغلبية الحالي النهضة (12%)، وهو ما يُشير إلى عدم ثقة كبيرة بين المسلمين تجاه الحزب الرئاسي، وهي ظاهرة منتشرة على نطاق واسع.
ولا يزال الناخبون المسلمون مرتكزين إلى حدّ كبير على اليسار، حيث حصلت قائمة حزب فرنسا الأبية على نحو 62٪ من الأصوات، وهو الحزب الذي تعتبره أغلبية المواطنين المسلمين الأكثر تعاطفاً مع هذه الشريحة من السكان. بينما حصلت القائمة الاشتراكية بقيادة رافائيل جلوكسمان على 14٪ من نسبة أصوات مُسلمي فرنسا.
ما هي دوافع التصويت لمُسلمي فرنسا؟
حسب الدراسة، فقد كان الدافع وراء تصويت الناخبين المسلمين بشكل خاص هو الوضع المأساوي الذي يهز قطاع غزة الفلسطيني (83%)، مُقارنة بـ 25% فقط من إجمالي سكان فرنسا. كما أنّ شؤون الصحة أصبحت مصدر قلق كبير بين الناخبين المسلمين 79%، حيث لا تبتعد هذه النسبة كثيراً عن بقية الفرنسيين 66%.
أما على صعيد مكافحة العنصرية والتمييز، فيعتبر 78% من مسلمين فرنسا أنّ هذا السؤال حاسم، مُقارنة بـِ 41% من السكان. ثم هناك مسائل رفع الأجور والقدرة الشرائية 76%، والتعليم ومكافحة انحراف الشباب 73% لكليهما، والسياسة الخارجية 71%، ومكافحة البطالة 65%.