هولندا.. روته يسلم السلطة للحكومة الجديدة ويغادر على متن دراجة
لاهاي- أ.ف.ب
أدى رئيس الاستخبارات الهولندي السابق ديك شوف اليمين الدستورية أمام الملك، الثلاثاء، كرئيس وزراء جديد على رأس حكومة ائتلافية يمينية، مهمتها تنفيذ سياسة الهجرة «الأكثر صرامة على الإطلاق» في البلاد، في حين غادر رئيس الوزراء السابق مارك روته مقر الحكومة في لاهاي على دراجته الشهيرة، بعد نقل السلطة لديك شوف، والذي سيقود حكومة تعد الأكثر تطرفاً في تاريخ البلاد.
وبعد 223 يوماً من فوز زعيم اليمين المتطرف خيرت فيلدرز في الانتخابات التي أدهشت أوروبا والعالم، يتولى شوف المنصب خلفاً لمارك روته الذي بقي 14 عاماً في السلطة.
وقدم شوف وزراءه إلى الملك وليام ألكسندر في القصر حيث تقدم كل منهم ليقسم الولاء للملك والدستور. وكتب على منصة «إكس»: «اتطلع للعمل في منصب رئيس الوزراء» وأرفق العبارة بصورة يظهر فيها إلى جانب الملك خلال التوقيع على مراسيم.
وأضاف: «من أجل هولندا تنعم بالأمان والعدالة مع ضمان اجتماعي للجميع. ضبط الهجرة والحوار والقيام بخيارات وإعلان موقف واضح بهذا الشأن. يمكنكم الاعتماد عليّ». واضطر فيلدرز للتخلي عن طموحاته في تولي منصب رئيس الوزراء لإنقاذ محادثات الائتلاف المتعثرة، إذ يعتبر بعض شركاء المفاوضات تصريحاته المناهضة للمسلمين والمشككة في أوروبا، متطرفة جداً لقيادة الأمة.
وبدلاً من ذلك، اتفق الشركاء الأربعة في الائتلاف على عدم مشاركة زعماء أحزابهم في الحكومة، واختاروا شوف (67 عاماً) الذي كان في السابق مدير جهاز الخدمة السرية الهولندي (الاستخبارات). وسيحتاج شوف إلى كل قوته وخبرته في أروقة السلطة في لاهاي لإبقاء الشركاء المترددين ضمن الائتلاف.
وقالت أستاذة التعددية السياسية في جامعة أمستردام سارة دي لانغ: إن شوف «سيكون أمامه الكثير من العمل للسيطرة على الصراعات الإيديولوجية والشخصية». وقد تعهد بأن ينفذ «بشكل حاسم» خطط الائتلاف ل«أشد سياسة قبول على الإطلاق لطالبي اللجوء، وأكثر حزمة شاملة للسيطرة على الهجرة».
ودعا اتفاق الائتلاف المكون من 26 صفحة وحمل عنوان: «الأمل والشجاعة والفخر»، إلى النظر في فكرة نقل السفارة الهولندية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. وقال شوف إنه يسعى لأن يكون «رئيس وزراء لجميع المواطنين الهولنديين»، مضيفاً: «لا أنتمي لحزب. لا أرى نفسي أخضع للسيد فيلدرز».
وقالت دي لانغ: إنه سيكون أمام فيلدرز الكثير من العمل لإبقاء حزب الحرية التي يتزعمه تحت السيطرة لإفساح المجال أمام شوف. ورأت أنه «نظراً لخبرته الواسعة في قيادة الوكالات الحكومية، سيعرف بالتأكيد كيف يدافع عن منصبه».
وأضافت: «لكن لا يزال السؤال مطروحاً بشأن كيفية استجابته إذا حاول فيلدرز ممارسة ضغط عليه من خلال التعبير عن انتقادات علنية لعمله على منصة إكس».
وأظهر استطلاع رأي جديد أجرته مؤسسة «إيبسوس آي آند أو» ونُشر، الثلاثاء، ارتفاع نسبة الثقة في الحكومة من 29 في المئة في سبتمبر/أيلول 2022 إلى 42 في المئة.
- «البرج الصغير»
لعب شوف دوراً رئيسياً خلال أزمات، وترأس التحقيق الهولندي في إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية الرحلة «إم إتش17» في يوليو/تموز 2014 فوق أوكرانيا التي تمزقها الحرب. وقُتل جميع من كانوا على متن الطائرة وعددهم 298 شخصاً، 196 منهم هولنديون، بصاروخ روسي الصنع من طراز بوك (متوسط المدى) أطلق من الأراضي التي يسيطر عليها مقاتلون موالون لروسيا.
وحصل شوف، العضو السابق في حزب «العمال»، على دعم زعيم المعارضة اليسارية فرانس تيمرمانس الذي وصفه رغم ذلك بأنه «مرشح فيلدرز بالتأكيد». وتأتي الانعطافة الهولندية نحو اليمين في وقت سجلت الأحزاب اليمينية المتطرفة في العديد من الدول الأوروبية ارتفاعاً في شعبيتها.
ففي فرنسا، حقق حزب «التجمع الوطني اليميني المتطرف» بزعامة مارين لوبن فوزاً ساحقاً في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية، الأحد.
ويسدل تولي شوف رئاسة الحكومة الستار على 14 عاماً من رئاسة روته لمكتب رئيس الوزراء في «البرج الصغير»، وهي فترة قياسية على المستوى الوطني. وروته المعروف بركوب دراجته للذهاب إلى العمل، وكثيراً ما يتناول تفاحة في الطريق، سيصبح الأمين العام القادم لحلف شمال الأطلسي ومقره بروكسل.
وقد تميزت فترات ولايته بفضائح أطاحت بحكومته، لكنه ظل في السلطة، وبات يطلق عليه اسم «مارك تيفلون» بالإشارة إلى أواني الطهي المضادة للالتصاق، لتمكنه من البقاء في السلطة لفترة طويلة. وفي خطاب وداع مهيب، الأحد، اعتذر عن الفضيحة التي اتُهم فيها آلاف الآباء ظلماً، وفي بعض الحالات بعد تصنيف عنصري، بالمطالبة بمخصصات مالية للأطفال عن طريق الاحتيال. كما عبر عن أسفه للزلازل التي ضربت منطقة خرونينغن (شمال) بسبب استخراج الغاز، وأكد مدى تأثير حادثة إم إش 17 على المشاعر.