قصة مجرم خدع دولة بحالها: خنق 11 امرأة بملابسهن.. وساعد الشرطة والصحافة في البحث عن القاتل!
تبدو قصة النمساوي جاك أونترويغر كما لو كانت رواية خيالية مليئة بالأحداث المثيرة على الرغم من أنها حدثت بالفعل. فهو الرجل الذي تحول إلى نجم شهير في النمسا بعد سجل إجرامي مثير.
ولد جاك في منطقة تقع وسط النمسا عام 1950. بدأ مشواره الإجرامي مبكرا في سن السادسة عشر باعتدائه على امرأة، وعقب ذلك أصبح زائرا دائما للسجون ومراكز الإصلاح في جرائم عنف متنوعة.
لكن جاك أونترويغر اعتقل في ديسمبر عام 1974 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة لقتله فتاة تبلغ من العمر 18 عاما بحمالة صدرها، حين ربطها على عنقها بعقدة غريبة مميزة.
استغل جاك المعروف بوسامته الوقت المتاح في فترة سجنه في كتابة سيرة ذاتية بعنوان “المطهر” بأسلوب مؤثر للغاية تصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعا. علاوة على ذلك كتب قصائد رقيقة إلى درجة أنها عرضت في المدارس النمساوية، وامتدحها عدد من الحاصلين على جائزة نوبل في الأدب، كما ألف روايات ومسرحيات وقصصا قصيرة. وحصل كتاب له بعنوان المحطة الأخيرة على جائزة أدبية في عام 1984، وحظي باهتمام واسع بين أوساط النخبة الأدبية في بلاده
اللافت أن جاك النمساوي لم يدخل مدرسة في حياته وكان أميا حين دخل السجن، لكنه تعلم القراءة والكتابة وأصبح ظاهرة فريدة في مجتمعه.
وحسب تقرير لـ”روسيا اليوم” كان المؤرخ والصحفي والإعلامي النمساوي بيتر هومر، واحدا من أشد المعجبين بسيرة جاك الذاتية، وكان يقول عنها إنها “صرخة حقيقية من الروح”، كما امتدحت نفس الكتاب الروائية إلفريدا جيلينك التي حصلت لاحقا على جائزة نوبل في الأدب ووصفت سيرته الذاتية بأنها تتميز بالوضوح والجودة الأدبية الرفيعة.
كما زاره عدد من الكتاب والصحفيين في السجن بعد اشتهاره بكتاب سيرته الذاتية، وقال عنه الصحفي ألفريد كوليريتش وكان بين هؤلاء، “إنه ضعيف للغاية ومؤثر”، معلنا في هذا السياق “قررنا أنه يتوجب علينا العفو عنه”.
واتسعت الحملة المطالبة بالعفو عن القاتل المحكوم بالسجن مدى الحياة وانضم إليها عشرات من المثقفين وحتى المسؤولين الحكوميين. ووصف أنصار الحملة جاك بأنه تائب أعيد تأهيله بشكل كامل وتغلب على ظروفه وأنه يستحق أن يطلق من سجنه مبكرا.
صدق كلمات جاك الرقيقة والرنانة الكثيرون وتحمسوا لمساعدته. بعد أن قضى في السجن 15 عاما وهو الحد الأدنى المنصوص عليه في القانون النمساوي، وأطلق سراحه من السجن في مايو عام 1990.
بعد إطلاق سراحه بأربعة أشهر، عثر على امرأة مقتولة وقد خنقت بحمالة صدرها بنفس الطريقة التي استخدمت في الجريمة التي أدين فيها جاك.
وتزايد عدد الضحايا بعد ذلك بسرعة. في الأشهر التالية، حيث قتلت سبع نساء أخريات (من فتيات الليل) جميعهن جرى خنقهن بحمالات الصدر ورميت جثثهن في الغابة. كان أسلوب القتل في جميع هذه الجرائم يشير إلى جاك أونترويغر.
لكن المفارقة أن أونترويغر الذي أصبح نجما وكاتبا مشهورا في المجتمع النمساوي كان بعيدا في ذلك الوقت عن الشبهات وكان مشغولا بتنظيم مسرحياته والعمل كمراسل صحفي متخصص في التحقيق في جرائم القتل التي ترتكب ضد هؤلاء النساء!
بل وأجرى جاك مقابلة صحفية مع قائد شرطة العاصمة فيينا ونشر مقالات في الصحف حول ملابسات تلك الجرائم العنيفة ضد النساء.
عمله كمراسل صحفي قاده إلى الولايات المتحدة، حيث أجرى تحقيقات ميدانية سلط فيها الضوء على الظروف الرهيبة التي تحتجز فيها البغايا في مدينة لوس أنجلوس. وتجول في أحد فنادق المدينة سيئة السمعة برفقة عناصر من الشرطة الأمريكية لمساعدته.
في فترة إقامته في لوس أنجلوس، ارتكبت ثلاث جرائم والنساء الثلاثة قتلن بطريقة واحدة، خنقا بحمالات الصدر. الشرطة الأمريكية وضعت عينها على جاك، وقارنت شرطة لوس أنجلوس وقت ارتكاب تلك الجرائم بوجود جاك في المدينة.
ومثل ذنب يقظ، هرب جاك النمساوي من الولايات المتحدة إلى سويسرا قبل أن يضيق الخناق عليه. ثم انتقل بعدها إلى ميامي حيث استدرجه عملاء سريون بحجة إجراء مقابلة صحفية مقابل مبلغ كبير من المال. ووقع جاك في الفخ وألقت السلطات القبض عليه في فبراير عام 1992، ثم جرى تسليمه إلى النمسا.
وعلى الرغم من وجود أدلة دامغة ضده، بقي بعض المدافعين السابقين عنه في صفه. وشككوا في تورطه وحاولوا بمختلف السبل إيجاد أي عذر له. حتى أن بعض النساء اللائي كانت على معرفة به بكين خلال محاكمته، واعتبرنه ضحية بريئة.
وأدين الرجل الذي خدع بلدا بأسره في 29 يونيو عام 1994. وفي تلك الليلة نفذ جاك ما كان هدد به، حين أعلن بعد إطلاق سراحه السابق أنه لن يستطيع مرة أخرى العودة إلى الزنزانة فشنق نفسه في السجن، وأنهى حياته المزدوجة المثيرة والعنيفة بيديه.