تحقيقات ومقابلات

باحثة تروي ما شاهدته في دراستها “تجارب الاقتراب من الموت”

“لقد درست تجارب الاقتراب من الموت لمدة 8 سنوات ورأيت عدداً لا يحصى من الناس يموتون، ثمة أمور رائعة لأخبركم بها”، هذا ما تقوله الدكتورة بيني سارتوري.

وما يلي هو مقتطف من كتاب “حكمة تجارب الاقتراب من الموت”، الذي نشرته شركة واتكينز للنشر المحدودة، للدكتورة بيني سارتوري.

وتروي الأخيرة بكلماتها الخاصة ما خبرته، وهي ممرضة، حصلت على درجة الدكتوراة فيما يعرف بـ “تجارب الاقتراب من الموت”.

وتبدأ قصتها مع مريض في الستين من عمره، تقول سارتوري: “كممرضة أبتهج لرؤية مريض يتعافى، هذا كان حال

توم كينارد، كان يعاني من الإنتان بعد جراحة السرطان، وبعد أسبوعين في جناح العناية المركزة، كان في حالة جيدة بما يكفي لنقله من سريره في المستشفى إلى كرسي، وفي ذلك اليوم فقد وعيه فجأة، حاولنا بلا جدوى لكنه لم يستفق، كان يتنفس لكن وضعه كان حرجاً، ولم يفق إلا بعد 3 ساعات، لكنه نظر لنا كمن عاد من رحلة غيرت حياته “.

غرفة وردية

روت سارتوري، إن كينارد أخبرها بما عاشه فيما كان فاقداً الوعي، “قال لي إنه كان يطفو إلى أعلى الغرفة، ورأى جسده على السرير ولم يشعر بأي ألم على الإطلاق، ثم اختفى جناح المستشفى ودخل كينارد غرفة وردية، حيث كان والده يقف بجوار رجل ذو شعر أسود طويل أشعث وعينين جميلتين، ولفترة بقي كينارد يتحدث مع والده، وشعر بامرأة تهزه”.
أكدت سارتوري أن من تحدث عنهما كينارد، كانا طبيباً وممرضة، لم يرهما قبل أن يغمى عليه، وهما هرعا لغرفة الإنعاش بعد أن وضع كينارد على السرير.

“سمع توم كينارد الرجل ذو الشعر الأشعث يقول (يجب أن يعود)، وكان هذا بمثابة صدمة، فهو يتذكر رغبته الشديدة في البقاء، وبعد ذلك بفترة وجيزة، قال إنه أخذ يطفو إلى الخلف ثم عاد إلى جسده على السرير”.

ظواهر تتحدى العقل

وأضافت سارتوري: “كان لهذه التجربة التي اقترب فيها من الموت تأثيران مهمان على حياته، أولاً، يقول توم، إنها أزالت تماماً أي خوف من الموت، ولكن ما هو أكثر غرابة هو ما حدث ليده اليمنى، التي تجمدت منذ ولادته في وضع يشبه المخلب (وقد تم تسجيل ذلك في استمارة دخوله المستشفى)، ومع ذلك، أمامي، بعد فترة وجيزة من تجربة الاقتراب من الموت، فتح توم نفس اليد وشدها، وكان من غير الممكن أن يحدث هذا من الناحية الفسيولوجية حيث انقبضت الأوتار بشكل دائم، فما الذي تسبب في هذا الشفاء المفاجئ والعفوي على ما يبدو؟ حتى الآن، لا يملك العلم إجابات، ولكن عندما تدرس تجارب الاقتراب من الموت، كما فعلت على مدى العقدين الماضيين، فإنك تعتاد على الظواهر التي تتحدى كل تفسير عقلاني”.

وفي حالة أخرى، تذكر سارتوري، ما حدث مع مريضها فريد ويليامز، وهو متقاعد سبعيني كان يعاني المراحل الأخيرة من مشكلة في القلب، فقد وعيه فجأة وظن الأطباء أنه يموت، ليعود ويستيقظ فجأة سعيداً ومرحاً، وذكر أنه شاهد والدته، وأنه يشعر بالراحة والسرور.

الغريب في القصة أن الرجل ذكر أنه شاهد أخته أيضاً خلال إغمائه، وتقول سارتوري: “أخته ماتت قبل أسبوع، ولم يكن يعلم ذلك، أخفينا الخبر عنه حتى لا نعيق شفاؤه، لقد رأى من ماتوا في رحلته”.

ستختبرها، ويتفق الباحثون الآن على أن كل رؤية سوف تحتوي على واحد على الأقل من عدة مكونات معترف بها، مثل السفر عبر نفق نحو ضوء ساطع، أو مقابلة أقارب متوفين، أو تجربة الخروج من الجسد”.

وتقول: “عندما يغادر الشخص جسده، قد يسمع صوت طنين أو صفير أو طنين أو نقرة، ومن المكونات الشائعة الأخرى لتجارب الاقتراب من الموت، حديقة جميلة ذات عشب أخضر وأغصان مورقة وأزهار زاهية، وقد يكون هناك مجرى مائي أو نهر في الخلفية، ويدخل بعض الناس الحديقة، بينما يصل آخرون إلى بوابة أو حاجز  ويعلمون أنهم سيموتون إذا مروا بها، وخلال تجربة الاقتراب من الموت، يصبح السمع والبصر أكثر حدة، ويزداد الوعي، وغالباً ما وُصفت التجربة لي بأنها أكثر واقعية من الواقع، يتوقف الوقت عن أن يكون له معنى، في كثير من الحالات، يبدو الأمر كما لو أن الرؤية استمرت لساعات على الرغم من أن الشخص ربما كان فاقداً للوعي لبضع ثوانٍ أو دقائق فقط، وفي بعض الأحيان، يبدو الأمر كما لو أن الوقت يتسارع، وأحياناً يمر ببطء”.

إخفاء التجارب

وكثير ممن يمرون بهذه التجارب يخفونها، للنأي عن التعرض لعدم التصديق أو السخرية.

كما أن بعض الذين أبلغوا عن تجارب الاقتراب من الموت تم تشخيصهم خطأً بأنهم يعانون من مرض نفسي غالباً ما يكون اضطراب ما بعد الصدمة، وتضيف سارتوري: “ومع ذلك فإن تجارب الاقتراب من الموت ليست ظاهرة جديدة على الإطلاق، فقد تم الإبلاغ عنها عبر التاريخ، كما أنها تظهر في بعض أعظم الكتب في التاريخ ــ بما في ذلك الكتاب المقدس، والجمهورية، للفيلسوف اليوناني القديم أفلاطون، وكتاب الموتى التبتي، وهو نص ديني قديم عن الفترة الفاصلة بين الحياة والبعث”.

وفي العقود القليلة الماضية، حاول العلماء اكتشاف أسباب تجارب الاقتراب من الموت. والنظرية الأكثر شيوعاً هي أنها حالة في الدماغ عندما يفتقر إلى الأكسجين، ولكن هذا يبدو الآن مستبعداً للغاية، فمع انخفاض مستويات الأكسجين في الدم، يصبح الدماغ مشوشاً ومرتبكاً وغير منظم بشكل متزايد، وحين ستعيد المريض وعيه يكون عادة في حالة ذهول وحيرة، على عكس من مروا بتجارب الاقتراب من الموت، إذ يستفيقون بروايات واضحة وتركيز عال، ومنظم.

مواد أفيونية

تقول نظرية أخرى أن تجارب الاقتراب من الموت ناجمة عن الإندورفين، وهي المواد الأفيونية التي يصنعها الجسم نفسه، لكن العدائين لمسافات طويلة لديهم مستويات عالية من الإندورفين، ولا أحد منهم لديه تجارب مماثلة لتجربة الاقتراب من الموت.
وعلاوة على ذلك، إذا أطلق الجسم الإندورفين عندما نموت، فمن المتوقع أن يكون لدى كل شخص يقترب من الموت تجربة الاقتراب من الموت، ولا يبدو من المحتمل على الإطلاق أن تكون تجارب الاقتراب من الموت مجرد نوع من تحقيق الرغبات، كما يُقترح أحياناً، وفق ما ترى سارتوري.
وتقول: “هل تجربة الاقتراب من الموت مجرد هلوسات ناجمة عن المخدرات؟، من الواضح أنها ليست كذلك – حيث لم يتلق 20٪ من المرضى في العينة، بما في ذلك توم كينارد، أي أدوية على الإطلاق، في الواقع، عندما قمت بتحليل بحثي، وجدت أن مسكنات الألم والمهدئات، وخاصة بمستويات عالية، يبدو أنها تقلل من احتمالات تعرض المريض لتجربة الاقتراب من الموت”.

زر الذهاب إلى الأعلى