آراء

د.قحطان صديق: هل الدولة كيان هش؟

اي دولة في العام يديرها نظام وقوانين والنظام والقوانين كيان هيكلي ورقي او رقمي مصاغ بدقة ليلبي حاجاتها في ادارة امورها وحاجة مواطنيها في حياتهم ومعاشهم..
هذا النظام يقوم عليه ويعمل به رجال الدولة وعناصرها نزولا من رئيس الدولة ورئيس الحكومة حتى عامل النظافة..
هذا النظام مهما كان دقيقا ومهما كان يختزل الارث الانساني وتجارب السنين، فانه يبقى نظاما هشا سهل الاختراق وسهل التدمير ان فقدت فيه أمانة القائمين عليه من اعلى تسلسل ونزولا الى اسفل.. فان تخادمت بعض مفاصل هيكله الاداري على اختراقه..فانه سيغدو عديم فائدة لا قيمة له..ايا كان تنظيمه رقميا ام ورقيا.
صحيح ان نظام الدولة يبدو متين وقوي ولكنه قوي بهيكله الاداري وبعنصره البشري اولا وبدقة نظامه وعدالته ثانيا..
أمانة شخوص هيكله الاداري ودقتهم هي الضمان الوحيد لكفاءة هذا النظام مهما بذل من جهد في اعداده وسد مثالبه وتجاوز نقاط ضعفه الهيكلية..
لاضرب مثلا على تخادم الفاسدين في هذا النظام وكيف يمكنهم من تعطيله كليا..!
لنأخذ مثلا على آلية وخطوات تطوع جندي في الجيش او سوقه كمكلف ونفسها قد تنطبق الى على تعيين موظف ..
فالجندي المكلف مثلا عندما يبلغ الثامنة عشرة فان اسماء مواليده تصل التجانيد من دوائر السجل المدني ..ان اتفق التجنيد مع مراكز التدريب مع صنوف الجيش مع وحداته ومديرياته من خلال منظومة فساد تؤسس تدريجيا فانه يمكن تسويق شخص من التجنيد الى مركز التدريب على الورق اي انه غير موجود ماديا (فضائي)..يدربه مركز التدريب ويتم توزيعه على احد الصنوف تستلمه ادارة الصنف مع كنيته وتفاصيلها وغيابه ونشاطه وانهاؤه التدريب في المركز وهو لم يصل مركز التدريب اصلا.. ثم تنسبه الى وحدة والوحدة تنشره وتستكمل مع الوقت كنيته وتدخله في قوتها وموجودها وتديم كنيته وسيرته وتنشره القدر ويدخل اسمه ويظهر في اوامر القسم الاول والثاني وتدام كنيته مع الوقت وعندما يحين تسريحه يسرح حسب الاصول وحدته وصنفه ومن ثم من تجنيده ويؤشر ذلك في دفتر خدمته وفي حقيقته كما اسلفنا هو كيان غائب وربما قد يكون خارج بلده ..
المافيا او منظومة الفساد المتخادمة تتقاسم راتبه وثمن ارزاقه وملابسه ومخصصاته بالاضافة طبعا الى المبلغ الاولي نظير هذا العمل والذي قد يرتفع جدا وقت الصراعات والحروب..
اذن الاختراق ممكن ان غابت الامانة..اما دقة النظام ومراحل تدقيقه وتحققه والقوانين التي تحرسه فكلها ثانوية..
فاذا كانت منظومة القضاء الذي هو احد عناصر الدولة الرئيسية رصين وعادل وصارم لا يعرف الختل ولا المداهنة ولا يمكن اختراقه فانه سيقمع بقوته وقوانينه اي خيانة واخلال في الهيكل الاداري للدولة ان ظهر وان اكتشف فساد او خلل وتقصير
فماذا ان كان القضاء ايضا ضعيفا او مخترقا ؟ !!
هنا سنعيش حالة الدولة الهلامية شكلية الوجود وستظهر البلطجة وتتقوى بين الناس التقسيمات الاجتماعية الاثنية والعشائرية والحزبية لكي تأخذ اكبر من دورها وتمارس على الاغلب دورا سلبيا مدفوعة بغياب الحساب والعقاب وايضا بالمصالح والتنافس على المكاسب على حساب المجموع فتضيع الحقوق وتعم الفوضى.. وتغدو الدولة كيان مهمل يعلوه التراب
والخاسر الاكبر سيكون الضعفاء والفقراء والمثقفون واصحاب القيم المعولون على الدولة والقانون ..

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى