السويد تواجه موجة قاتمة من عنف العصابات
في 15 أكتوبر، شاهد الآلاف من متابعي قناة على «إنستغرام» ما سيكون بثاً مباشراً مهماً. ووجدوا أنفسهم يشاهدون رجلاً ملتحياً يلوّح ببندقية رشاشة مطلية بالذهب، بينما كان يوجّه الشتائم إلى أعضاء عصابة منافسة، وكان مدعوماً بثلاثة ملثمين يحملون بنادق رشاشة. وكان الرجل الذي يحمل الرشاش الذهبي هو مصطفى الجبوري، وهو عضو قيادي في شبكة مخدرات سويدية تعرف باسم «فوكستروت». ويُعتقد أن الجبوري يعيش في العراق، وقد ظهر لتبديد شائعات وفاته وتهديد أعداء مختلفين، بما في ذلك المدعي العام السويدي.
وبدا البث المباشر سخيفاً، لكن التهديدات كانت خطرة. وعانت السويد لسنوات ارتفاع معدلات العنف المرتبط بالعصابات، لكنها تفشت على مدى العامين الماضيين. وفي الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، وقع 324 حادث إطلاق نار في السويد، 48 منها أدت إلى الوفاة. ومعدل جرائم الأسلحة أعلى بعدة مرات من مثيله في البلدان المجاورة. ولجأت العصابات إلى مهاجمة منازل المنافسين بالقنابل اليدوية والديناميت، وكان هناك 139 انفجاراً هذا العام.
وفي غضون ذلك، تعمل الحكومة – بشكل محموم – على تشديد القوانين وزيادة ميزانية إنفاذ القانون، لكنها متخلفة عن المنحنى. ويقول مستشار وزير العدل السويدي، دانييل بيرجستروم: «كان ينبغي لنا أن نتوقع حدوث ذلك، وأن نتخذ هذه الإجراءات قبل عشر سنوات على الأقل».
وموجة العنف الحالية مدفوعة – إلى حد كبير – بالخلافات المتعلقة بشبكة «فوكستروت». وتستمد العصابة اسمها من زعيمها راوا مجيد، وهو سويدي كردي يبلغ 37 عاماً، وراوا كلمة سويدية تعني ثعلب.
وهاجر مجيد من العراق مع والدته عندما كان طفلاً ونشأ في أوبسالا، وهي مدينة تبعد نحو 70 كيلومتراً شمال استوكهولم. وتقول الشرطة إنه على مدى السنوات القليلة الماضية، نجح في تحويل «فوكستروت» إلى أكبر موزع للمخدرات غير القانونية في البلاد، واستمالة المنافسين والاستيلاء على مناطق نفوذهم، وهو الآن يوجّه هذه الجهود من تركيا، حيث انتقل إليها بعد أن قضى فترة في السجن بتهم تتعلق بالمخدرات في السويد عام 2018.
مخاوف أمنية
وبشكل عام، تظل السويد دولة آمنة نسبياً، والمناطق التي تدور فيها الصراعات تبدو وكأنها أحياء فقيرة ملأى بالجريمة. وسكاربناك، إحدى ضواحي جنوب استوكهولم التي شهدت العديد من عمليات إطلاق النار والتفجيرات، هي حي أنيق يضم بنايات منخفضة وحدائق.
وفي اجتماع عقده مجلس المدينة أخيراً في كولتورهوس (مركز مجتمعي)، ضغط نشطاء المجتمع المحلي على أعضاء المجلس بشأن الإسكان المختلط الدخل، وطالبوا بالحفاظ على «مستعمرة الخفافيش» في حديقة محلية، لكن الحديث سرعان ما تحول إلى المخاوف الأمنية. وتقول عضو مجلس المدينة، مونيكا لوفستروم: «لقد شهدنا العديد من حوادث إطلاق النار في بداية عام 2022، ما أيقظنا حقاً». ووقعت ثلاثة انفجارات في المنطقة هذا العام، وفجّر أحدهم في 19 أغسطس درج مبنى سكني.
وغالباً ما تستخدم العصابات التفجيرات كتحذير، ولم يَقتل أي من أفراد العصابات في سكاربناك أيَّ شخص. وكان القتيل الوحيد في السويد هذا العام من المارة ويبلغ 25 عاماً، لكن في أوائل سبتمبر عُثر على صبي يبلغ 13 عاماً – من إحدى المناطق الأكثر ثراء والأكثر أماناً في المنطقة، في غابة جنوب المدينة – مقتولاً برصاصة في الرأس. ولم يكشف ممثلو الادعاء عن تفاصيل، لكنهم يقولون إن جريمة القتل كانت مرتبطة بعصابة. ولأن الحد الأدنى لسن المسؤولية الجنائية هو 16 عاماً، تقوم العصابات بتجنيد المراهقين الأصغر سناً للعمل في توصيل المخدرات، وفي بعض الأحيان كقتلة.
وتقول الشرطة إن بعض عمليات التجنيد تتم عبر تطبيقات الدردشة. ويتابع الأطفال في سن المدرسة، حسابات تنشر قوائم المهام والأسعار. وعادة ما يقومون بتوصيل المخدرات. وفي حالات نادرة جداً، قد يتم تسليمهم مسدساً ووصفاً للهدف، لكن مع عدم وجود تدريب فمن المرجح ألا ينجحوا.
إطالة الأحكام
ومن الناحية السياسية، فإن موجة الجريمة صعبة على الحكومة. وقاد رئيس الوزراء المنتمي إلى يمين الوسط، أولف كريسترسون، حزبه المعتدل إلى السلطة في انتخابات العام الماضي، من خلال إلقاء اللوم في عنف العصابات على الديمقراطيين الاشتراكيين من يسار الوسط، الذين يُديرون الأمور منذ عام 2014. ويتوقع الناخبون المحافظون تشكيل حكومة يمينية، ومعالجة الجريمة، خصوصاً أنها تعتمد على دعم حزب الديمقراطيين السويديين اليميني المتطرف المناهض للمهاجرين.
لقد قامت الحكومة بالفعل بإطالة الأحكام الجنائية، على الرغم من أن العديد منها مايزال أقصر من تلك الموجودة في دول أخرى شمال أوروبا. ويقول كريسترسون، إنه يريد اعتماد «العقوبات الدنماركية على الجرائم السويدية»، في إشارة إلى القواعد الأكثر صرامة في الدنمارك (على سبيل المثال، مضاعفة الأحكام على الجرائم المرتكبة ذات العلاقة بالعصابات). كما أنه يمنح الشرطة مزيداً من الصلاحيات، ويسمح لهم القانون الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من أكتوبر، بطلب المراقبة الإلكترونية بناء على أدلة تشير إلى تورط الهدف في نشاط إجرامي منظم. وفي السابق كان لابد من أن يكون المستهدفون مرتبطين بجريمة محددة.
وكانت بعض الأطراف تطرح أفكاراً أقل عملية. واقترح الديمقراطيون السويديون أن الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 13 عاماً، يجب أن يواجهوا عقوبات البالغين لارتكابهم جرائم خطرة، بما في ذلك السجن مدى الحياة، وترحيل أعضاء العصابات من ذوي الخلفيات غير السويدية. وطرح زعيم الديمقراطيين الاشتراكيين فكرة استخدام الجيش، على الرغم من أن ما يمكن أن يفعله بشأن انضمام المراهقين إلى العصابات ليس واضحاً.
تركيز حصري
ويعتقد آخرون أن التركيز الحصري على التنفيذ هو قصر نظر. ويقول نائب عمدة استوكهولم، جان جونسون الذي كان مدير مدرسة في أحد الأحياء الصعبة: «علينا أن نركز على مكافحة تدهور قيم الشباب». وهو يريد تدريس الأخلاق المدنية بشكل منهجي في المدارس، وزيادة التمويل لمراكز احتجاز الأحداث، حيث يتم توقيف المجرمين الشباب.
ويبدو من غير المرجح أن يؤتي هذا ثماره قريباً، لكن الحد من عنف العصابات من خلال إنفاذ القانون، سيكون مهمة صعبة أيضاً. والعديد من الشخصيات البارزة في الشبكات الإجرامية مثل مجيد (زعيم عصابة فوكستروت)، ليسوا في السويد. وفي أواخر أكتوبر تم القبض على خمسة أشخاص مرتبطين بالشبكة في تونس. وفي 31 أكتوبر، ورد أن رجلاً آخر كان عضواً في «فوكستروت» قُتل في سراييفو.
وتعلم الشرطة جيداً أن النجاحات في حرب المخدرات عادة ما تكون مؤقتة. وفي عام 2020، تمكنت الشرطة الهولندية والفرنسية من فك شبكة مشفرة تسمى «أنكروتشات»، كانت شبكات المخدرات تستخدمها للتواصل. واستخدم المدعون السويديون الأدلة لإرسال عشرات الشخصيات من العصابات التي كانت مهيمنة آنذاك، مثل «بانديدوس» و«ساتوداراه»، إلى السجن. وكان التأثير هو فتح المجال لشخص جديد وفقاً للمحققين، وبعد سنوات قليلة كانت «فوكستروت» تدير المشهد.
• تعمل الحكومة السويدية – بشكل محموم – على تشديد القوانين وزيادة ميزانية إنفاذ القانون، لكنها متخلفة عن المنحنى.
• 139 انفجاراً وقعت العام الجاري في السويد.
• تعلم الشرطة جيداً أن النجاحات في حرب المخدرات عادة ما تكون مؤقتة.