آراء

د. عبدالسلام سبع الطائي: طوفان الأقصى ردع لتغطرس “إسرائيل”

يا أصحاب الجلالة والاقدام، مجاهدي غزة الكرام
سيظل طوفان الأقصى وسام فخر لكم ولكل العرب والمسلمين. وسيبقى تاجا على الرؤوس ونبراسا لمعارك تحرير فلسطين القادمة. ولابد هنا من الإشارة، بان هذا الطوفان ما هو الا امتدادا لمعركة سيف القدس وما سبقها من معارك التحرير الدفاعية والهجومية ضد (إسرائيل) ، بما فيها معركة “الفرقان” ، ثم معركة “حجارة السجيل” و”العصف المأكول” ثم “سيف القدس” في 2021 وأخيرا “طوفان الأقصى”.
حصار غزة كارثة انسانية
لقد فاق حصار غزة سيناريو سرايفو. التي مساحتها تعادل نصف أراضي غزة، اما سكانها فهم يعادلون حجم سكان غزة تقريبا. لقد كان لهيمنة الخط الديني المتطرف في الحكومة الإسرائيلية بقيادة “ابن غفير” ومن على شاكلته أدى الى ازدياد غطرسة المحتل، حتى بلغ حدا لا يُطاق .ناهيكم عن ما تتعرض له الأسيرات الفلسطينيات من تصرفات مهينة خادشه للدين والعفة والحياء، عدا غيرها من أسباب . نجم عنها هذه العملية البطولية ان تضع جماهير غزة حدا لتصرفات وافعال الكيان الصهيوني المستمرة.
الغزوات حصاد الاستفزازات
كان لاستفزاز أوكرانيا لروسيا سببا في غزوها، وهو ذات ما حصل قبلها عند استفزاز الكويت للعراق . وقدر تعلق الامر، بغزوة غزة العز بطوفان الاقصى على من استكبر وتجبر، ما هي الا رد فعل لفعل المحتل الاستفزازي. فكانت جهنم لهم مرصادا. لقد تعرض المسجد الأقصى لانتهاكات لا أخلاقية ولا قانونية من قبل الاحتلال ، فضلا عن تعرض المرابطين والمرابطات لجرائم أثارت مشاعر العرب والمسلمين ليس في غزة فحسب، بل في العالمين العربي والإسلامي. ناهيكم عن عمليات الحصار اللاإنسانية، لغزة ،وقبلها للعراق.
أهمية غزة الإقليمية والدولية
تقع مدينة غزة على خط قناة بن غوريون وتحاذيها شرقا قناة السويس وجنوبا صحراء سيناء، فهي تعد ممرا مائيا إستراتيجيا في حروب المياه التجارية والعسكرية.
ولتلك الأهمية، شكلت إسرائيل تحالف “دول شرق البحر المتوسط ” في القمة الخامسة التي عقدت في 20/12/2018 بينها وبين اليونان وقبرص ، كي لا تصبح ايران قوة اقليمية بدول البلقان تهدد مصالح اسرائيل، التي زاد من قلقها عسكرة القواعد الايرانية والروسية البحرية في قاعدتي طرطوس وحميم بسوريا.()
ونظرا لما تمتلكه ايران من تأثير جغرافي واقتصادي وسياسي، لازالت امريكا تعول عليها وعلى واسرائيل، لأهمية موقهما، حيث تهيمن ايران على مشارف البحر الاحمر ومضيق هرمز والبحرين، الأحمر والأبيض بالميليشيات، وتسيطر اسرائيل على ميناء ايلات وقناة بن غوريون قبالة السعودية وقناة السويس والعقبة الأردني، فضلا عن محاذاتها للبحر الابيض قبالة سوريا ولبنان. ومن الجدير ذكره على المستوى الاجرائي، ان إسرائيل تسعى الى تحقق طموحاتها واحلامها بما فيها انشاء وتطوير قناة بن غورين لتحل محل قناة السويس، التي تسبب غلقها مع مضيق تيران اندلاع حرب 1967 . ولكن لا يفوتنا أن ننوه، بان تحويل مضيق تيران الي ممر دولي ستفقد فيه مصر سيطرتها عليه . وتجدر الإشارة هنا، بان إسرائيل تعتزم انشاء ممر بري وخط سكة حديد يربط البحر الاحمر بالبحر المتوسط. ولتحقيق هذا المشروع الصهيوني لابد من تغيير الغلاف السكاني لمدينة غزة والضفة الغربية والبحث عن اماكن لهم بدول الجوار ، مصر والعراق المجاور للاردن.

وهذا الامر يتطلب ملئ الفراغ الديموغرافي لسكان غزة بجماعات تشكل حاجزا لاسرائيل واخرى موالية لها لتكون حرس حدود وخفر سواحل لاسرائيل، على غرار ميليشيات حزب الله الإيراني في لبنان والعراق وسوريا الموالين لإيران. ولا يفوتنا ان ننوه، بان هذا المشروع وفقا لموازين القوى قد يؤدي الى محاصرة الأردن والسعودية ومصر وان كان ظاهره او بين سطوره تخادم وتفاهمات مشتركة.
-2-
وبعين الوقت، سيمهد السبيل الى صفقة القرن بوسائل متعددة بما فيها، الحصار، تغير الغلاف الديموغرافي من اجل تغير الجغرافيا العربية بالديموغرافيا اليهودية وبالأقليات المتعاونة معها لتحويل فلسطين ودول جزيرة العرب الكبرى الى جزر صغرى كجزيرة السنة والشيعة والكرد والدروز و… لتصب تلك الجزر الصغرى بجزيرة إسرائيل الكبرى نهاية المطاف، حينها سيصبح الطريق يسيرا لإعادة ترسيم خارطة الشرق الأوسط.
-3-

تهجير سكان غزة صفقة القرن القادمة
ان سيطرة على الارض من عناصر القوة الديموغرافية في تشكيل السلطة. وان التغير الديموغرافي يؤدي الى تغيير الخارطة الجيو/سياسية لا محال. لذلك تسعى إسرائيل الى تغير غلاف غزة السكاني. ان مخطط تهجير سكان غزة نظريا الى العراق ومصر قد اعد منذ سبعينات القرن الماضي، أي قبل اكثر من نصف قرن. وان الاستحضارات العملية لتنفيذ هذا المشروع قد دخلت حيز التنفيذ منذ قرابة سنتين . فمن المؤمل ان تكون مدينة الرطبة العراقية المحاذية للأردن بديلا لفلسطيني سكان الضفة الغربية، وان تصبح شبه جزيرة سيناء بديلا لسكان غزة.

ان هدف تهجير أهل غزه رغم صغر مساحتها والتي تشكل قرابة 3% من ارض فلسطين سيكون لصالح (صفقة القرن) . وان ذلك التهجير القسري لم يحصل ما لم يكن هناك اتفاق مبرم سابقا مع تلك الدول مثل، العراق، الذي تهيمن عليه ايران..
تداعيات طوفان الأقصى الجيوسياسية على:
تركيا وايران
لا نبالغ بالقول، ان جيوش دول بكامل تسليحها عدة وعتادا لم تجرؤ على ما فعله المجاهدون الفلسطينيون في أيام معدودات، فقد ابهرت هزيمة وتقهقر الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر العالم. وقد اعترفت صحيفة هآرتس” الإسرائيلية” في افتتاحيتها بان: “الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن أوطانهم.. إنهم فعلا أصحاب الأرض ومن غير أصحاب الأرض يدافع عنها بنفسه وماله وأولاده بهذه الشراسة وهذا الكبرياء والتحدي!!
وعلى الصعيد الجيوسياسي الخارجي الإيراني ، فقد بدا واضحا بان الحرس الثوري وفيلق القدس والخطاب الناري الإيراني تجاه القدس بانه كان مجرد دراما اعلامية. وهو امر ليس بغريب عليهم ولا علينا كعراقيين، فأهل مكة ادرى بشعابها. لان الفرس عبر التاريخ، هم من حالوا اغتيال صلاح الدين الايوبي ، محرر القدس، وهم أيضا من قتل صدام حسين، يرحمه الله، الذي دك تل ابيب بعشرات الصواريخ التي اثلجت ايران بها صدر اسرائيل بقتله. ومن زاوية أخرى، أعلنت البعثة الإيرانية بالأمم المتحدة: إن قواتنا المسلحة لن تشتبك مع إسرائيل شريطة ألا تغامر بمهاجمة إيران ومصالحها ومواطنيها لا وبل وقد بلغ وزير خارجية ايران امير عبد اللهيان، تشكيلاته العسكرية في العراق وسوريا ولبنان بان عليهم الاكتفاء بالتظاهرات وإصدار البيانات وإقامة الصلوات.
ولعل الشيء بالشيء يذكر، عندما تعرض العراق لهجوم 30 دولة 1990، ابلغ نائب رئيس جمهورية ايران نائب رئيس جمهورية العراق : بان أي اعتداء على ارض كربلاء هو اعتداء على ايران!! وحينما وقع الهجوم على جيش العراق ، وقفت ايران مع اميركا ودول العدوان، و بعثت بمجاميع مسلحة من داخل أراضيها لطعن الجيش العراقي من الخلف والتغلغل داخل الأراضي العراقية وتحويل المقدسات الشيعية في كربلاء والنجف الى مسالخ بشرية لإعدام العسكريين العراقيين . ونذكر هنا، عسى ان تنفع الذكرى، بما صرح به أبطحي نائب رئيس الوزراء الإيراني بعد احتلال العراق إذ قال في حينها (لولا إيران ما سقطت أفغانستان والعراق). وفي عام ٢٠٠٣ سمحت إيران بدخول القوات البريطانية اراضيها وعمل حركة التفاف خلف القطعات العراقية والدخول إلى البصرة بعد ان عجز الإنكليز في مواجهة الجيش العراقي. والحليم من اتعظ بغيره.
تركيا من جانبها، دعا رئيس حزب السعادة” تمل قرة مولا أوغلو” وهو من المساندين الى دعوة رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، لتدخل تركيا من أجل وقف العدوان على غزة. ربما قد يعد ذلك ضوءا اخضرا لتدخل تركيا بشكل فعلي لمناصرة اهلنا في غزة، كما حصل بسوريا، اثناء قيام الميليشيات الشيعية الولائية المذابح ضد اهل السنة في حلب وغيرها.
‎وبهذا الصدد ، فان “بخجلي، رئيس حزب الحركة القومية المُتحالف مع، اردوغان والذي يُعتبر من الشخصيات المهمة في اتخاذ القرارات الحاسمة لتركيا، نادى بوجوب تدخل تركيا وبأسرع وقت، مؤكدا بان علينا حماية غزة بكل ما نمتلك لان غزة إرث اسلافنا واجدادنا. ومن الجدير هنا بالملاحظة، فان القرارات الحاسمة والمهمة؛ قبل ان تُعلنها الدولة التركية يخرج السيد دولت بخجلي ويُصرح بها، وكانه ناطق رسمي مخول.
خلاصة القول، ان طوفان الأقصى، جعل القضية الفلسطينية تتصدر من جديد المحافل الدولية.
 وادت الى تجريف صفقة القرن.
 و تجريف قناة بن غوريون التي كان مخططا لها ان تصبح بديلا عن قناة السويس
 علاوة على تجريف ميناء حيفا الذي كان مخطط له ان يصبح بديل عن ميناء بيروت بعد تدميره .
‎العراق ومصر وسوريا والسعودية
النشاط الدبلوماسي مازال قائما على قدم وساق من اجل جعل مدينة الرطبة العراقية المحاذية للأردن بديلا لفلسطيني سكان الضفة الغربية، وشبه جزيرة سيناء بديلا لسكان غزة.
وعلى صعيد المملكة العربية السعودية، فان اسرائيل تسيطر على ميناء ايلات وقناة بن غوريون وهما قبالة السعودية وكذا الحال بالنسبة الى ميناء العقبة الأردني، فضلا عن محاذاتها للبحر الابيض قبالة سوريا ، فهي وامريكا يتطلعان للاستحواذ على الأحواض الرسوبية للنفط والغاز السوري بهضبة حلب، وأحواض الفرات.
. ولأسباب جيوسياسة وتجارية وعسكرية تسعى إسرائيل الى تحقق طموحاتها بتطوير قناة بن غورين لتحل محل قناة السويس لتعطيل النشاط التجاري البحري لجزيرة صناقير السعودية .(4)
-4-

كشفت مصر لأول مرة تفاصيل تتعلق باتفاقية “تيران وصنافير” الموقعة بين القاهرة والرياض العام الماضي، تتضمن قبولا إسرائيليا بها، وتعهدات سعودية بالوفاء بالتزامات مصرية متعلقة باتفاقية السلام، وإشارة إلى اتفاق أردني لاحق. تضمنت الوثائق التي نشرتها الجريدة الرسمية المصرية سبعة خطابات رسمية بخمسة مبادئ وثلاثة تعهدات بشأن الاتفاقية (الجزيرة) 18/8/2017
نافلة القول: فان إستراتيجية الخروج تتطلب من تل أبيب التي ذاقت صواريخ المجاهدين، أن تتخلى عن حلمها الزائف بإسرائيل الكبرى . وان تطبق الأمم المتحدة قراراتها على إسرائيل منذ احتلالها لفلسطين.
او بعودة جميع اللاجئين اليهود المحتلين لفلسطين الى دولهم كل حسب جوازه
لئلا ان يكون اخر الداء الكي، الا وهو مواجهة الدمار بالدمار وكسر الحصار ولو بالنار.

جميع المقالات تعبـر عن رأي كتابها ولا تمثـل يـورو تـايـمز

زر الذهاب إلى الأعلى