آراء

د. نزار محمود: الإعلام المنافق و”ليّ” أعناق الحقائق

السياسة والإعلام وسيلتان خطيرتان في الكشف عن الحقائق والدفاع عنها أو تشويهها وطمسها. والأخطر فيها هي تعاشق الإعلام المنافق والمضلل مع السياسة الموجهة والراشية. عندها لا يعدو الإعلام أن يصبح أكثر من عاهرة تعيش على بيع الهوى في جسدها.

لست في معرض التطرق الى نظريات الإعلام المختلفة، ولا أدعي أنني الخبير والمختص فيها، لكنني، كإنسان ينعكس عليه فعل الإعلام في حياته، فلا بد له من شيء من الوعي حول ذلك.
من السهولة بمكان أن يقول المرء محدداً مهمة الإعلام باعتبارها كشف الحقائق للمتلقين من خلال تسليط الضوء عليها وتفسيرها كي يعينهم على فهم ما يجري.
وكذلك السياسة في دورها كونها تتعامل مع الامكانات والمعطيات والظروف لتحقيق أكبر فائدة ومصلحة لمن هي موكلة في أمر رعاية شؤونهم.

ومنذ قديم الزمان ووفق طرق وأساليب اختلفت وتطورت مع مر الزمان كان للإعلام دوره في حياة حكم البشر.
لقد حدثنا التاريخ عن إعلاميين ضحوا من أجل شرف مهنتهم في كشفها عن الحقيقة، وكذا عن من قضوا في محاولتهم ذلك! بيد أن السياسة والساسة ما انفكوا يجندون الإعلام لخدمة مصالحهم، بطرقهم المعلنة وغير المعلنة، وكذلك المشروعة وغير المشروعة.
ومنذ أن أصبح الإعلام مؤسأساً وبالتالي محتاجاً الى دعم مالي وسياسي كبير، ضاقت على كثير من الإعلامين المهنيين مساحات الحرية في إعلامهم المحايد النزيه.
هذه الاشكالية لم يجد الاعلاميون بداً من الانخراط في مؤسسات حكومية للتمكن من ممارسة مهنهم من خلالها، مع كل ما لذلك من ثمن! أو الانخراط في مؤسسات الإعلام الرأسمالي القائم على عوامل الربح والخسارة والتي لا تكون كذلك بمعزل عن السياسة والأمن!

هناك مسألة غاية في الأهمية والخطورة،
هي دور الإعلام بتشكيل الوعي العام وبالتالي التحديد المسبق لوقعه وتأثيره.

ان ارتباط الاعلام واعتماده على مموله الحكومي يجعله متقيداً بضوابط نظام تلك الحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر.
حتى في الدول التي تدعي الحرية والديمقراطية فإن الإعلام لا يعيش كامل الحرية الطوباوية التي ينخدع بها الساذجون!
اعلام وسائل التواصل الاجتماعي:
مع تطور الحياة وتقنيات تواصلها أصبح الإنسان على مدار الساعة في مرمى الاخبار والاعلام من كل لون وحدب وصوب. اختلط الحابل بالنابل، والاخضر مع اليابس، والصادق والكاذب، والغث والسمين!
لكن دوائر الحكومات العالمية ليست بالغافلة عما يحدث، ولا بالساكنة تجاهها، واستطيع الجزم أن ذلك أصبح محط اهتمامها الرئيس.

أما الجواب حول نفاق الإعلام في لي أعناق الحقائق، فهو تحصيل حاصل لتدهور القيم الإنسانية وجنوحها الى المادية وبيعها للذمم في أسواق رأس المال الاحتكاري المهيمن والاستغلالي.

برلين/ ألمانيا

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى