تقرير: التخلي عن الدولار يكتسب زخماً بين الأنظمة الاقتصادية الناشئة
تواجه هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية تحدياً كبيراً، يتمثل في توسُّع الكتلة الاقتصادية التي تشمل الصين، وفقاً لبحث أجرته مجموعة “إي إن خي” الهولندية للخدمات المالية والمصرفية، تزامناً مع الالتفات إلى إنشاء اتحاد للعملات، قبل قمة بريكس الأسبوع المقبل.
لا يزال اليوان أقل جاذبية من الدولار الأمريكي
وتمثل رابطة قوامها 5 اقتصادات وطنية ناشئة، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، نحو ربع الاقتصاد العالمي، ونحو 41.9% من سكان العالم.
وقال المحللون الماليون كريس تيرنر وديميتري دولغين وجيمس ويلسون، التابعون للمجموعة الهولندية: “نعتقد أن انحسار الدولرة ربما يكتسب بعض الزخم صيف العام الجاري عندما يجتمع قادة دول بريكس”.
وفي هذا الإطار، قالت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست”، في تقرير أعدته ميا نوليمايتي: “صعَّدت بكين انتقاداتها لواشنطن بسبب استخدامها الدولار الأمريكي “سلاحاً” خلال العام ونصف العام الماضيين، مُستشهدة بالعقوبات الغربية على روسيا لغزوها لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، وتجميد أصول البنك المركزي الروسي، ونبذها من نظام “سويفت” للدفع العالمي، وكذلك حرمان موسكو من الوصول إلى الدولار الأمريكي”.
دعوات التخلص من الدولار تكتسب زخماً
وأضاف التقرير “يبدو أن دعوات التخلص من الدولار اكتسبت زخماً في الأشهر الأخيرة، إذ دعا الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا علناً إلى تسويات بالعملة المحلية، عوضاً عن الدولار الأمريكي، خلال زيارته للصين في أبريل (نيسان) الماضي”.
وتابع أن هذه الاتحادات النقدية المُقترحة هي في الواقع اتفاقيات حكومية دولية تضم دولتين أو أكثر تشترك معاً في العملة ذاتها.
وفي الشهر الماضي، قال ألكسندر باباكوف، نائب رئيس مجلس الدوما الروسي، إن روسيا تقود الجهود الرامية إلى إنشاء اتحاد للعملات يخدم التجارة عبر الحدود بين عدد من الدول النامية، وفقاً لما جاء في بوابة معلومات بريكس.
وصرحت شركة شيشانغ الصينية للأوراق المالية في تقرير أصدرته بتاريخ 4 أغسطس (آب) بأنه “من المتوقع أن تضيف الأخبار زخماً لنزعة إلغاء الدولار الصاعدة في الاقتصاد العالمي. فإذا نجحت الدول المعنية بإصدار عملة منافسة، فمن المتوقع أن تؤدي إلى تراجع قيمة العملات الائتمانية، كالدولار الأمريكي، مقارنة بالذهب على المدى المتوسط إلى البعيد”.
وذكرت وكالة “رويترز” للأنباء، الخميس الماضي، أن عملة بريكس غير مطروحة على طاولة المناقشات، وذلك نقلاً عن مسؤولين من جنوب أفريقيا.
وكان من المتوقع أن تصبح العملة العالمية الجديدة المقترحة شبيهة باليورو لدى الدول غير الغربية. في غضون ذلك، يتزايد استخدام عملة الصين في التسويات التجارية والمدفوعات الدولية ومعاملات الصرف الأجنبي مؤخراً.
ففي تقرير السياسة النقدية الفصلي، الصادر يوم الخميس الماضي، تعهَّد بنك الشعب الصيني بتعزيز تدويل اليوان الصيني، وتوسيع نطاق استخدامه في التجارة الدولية والاستثمارات العابرة للحدود، والارتقاء بسوقها الخارجية.
تنويع احتياطيات النقد الأجنبي
وتُعجِّل اقتصادات أخرى بتنويع احتياطياتها من النقد الأجنبي. ويشمل ذلك تبني عملات تنتمي إلى الاقتصادات الناشئة، كاليوان الصيني.
وقالت مجموعة “إي إن خي” الهولندية: “تتجلى عملية انحسار الدولار في المقام الأول في الاحتياطيات الدولية للبنوك المركزية، إذ تحل مجموعة متنوعة من العملات محل الدولار الأمريكي، وعلى رأسها اليوان”.
ووفقاً للمجموعة المصرفية الهولندية، تراجعت حصة الدولار الأمريكي من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية إلى 53.6% في عام 2022، مسجلة بذلك أدنى نقطة لها منذ توفُّر البيانات لأول مرة في عام 1995.
وجاء في تقرير المجموعة الهولندية أنه “بالنظر إلى التطورات على المدى البعيد، من الواضح أن الدولار الأمريكي قد حلّت محله العملات الآسيوية، وعلى رأسها اليوان الصيني والين الياباني”.
وقالت المجموعة الهولندية إن مسارات المبادلة الثنائية مع مختلف البنوك المركزية التي أنشأها بنك الشعب الصيني منذ عام 2009 كانت “مثالاً رئيسياً” على أن نبذ العالم للدولار الأمريكي يقتضي تحدي دوره الدولي في التجارة الدولية.
وبالنظر إلى أن العوائد الأعلى على أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي تجعله جذاباً للقطاع الخاص، فقد ارتفعت حصته في احتياطيات النقد الأجنبي العالمي على نحو طفيف إلى 59.2% في الربع الأول من عام 2023.
وبالنسبة لمستثمري القطاع الخاص، لا يزال اليوان أقل جاذبية من الدولار الأمريكي، إذ زادت حصته من الأصول الدولية خارج احتياطيات البنك المركزي من 5% إلى 6% فقط طوال 7 سنوات، مقارنة بحصة الدولار البالغة 49% في العام الماضي.
وأشار التقرير إلى أن الدولار الأمريكي لا يزال رائداً في سوق السندات الدولية، إذ ما برحت حصته في المطلوبات الأجنبية تقدَّر بـ 48% للبنوك و51% للقطاعات غير المصرفية.
24