علم الاتحاد الأوروبي يُثير أزمة جديدة بين الأحزاب الفرنسية
على الرغم من تصويت الجمعية الوطنية الفرنسية الخميس بأغلبية 130 صوتاً مقابل 109 بعد نقاشات حادة على مشروع قانون يُلزم كافة البلديات التي يزيد عدد سكانها عن 1500 شخص برفع العلمين الفرنسي والأوروبي أمام مبانيها، إلا أنّ الجدل لم ينتهِ بعد بين معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون وغالبية أحزاب المعارضة، خاصة وأنّ ما يزيد عن 66% من الفرنسيين يرفضون تعليق أي علم آخر باستثناء علم بلادهم.ودافع النائب ماتيو لوفيفر من معسكر الرئاسة عن نص القانون باعتباره يحمل “نطاقاً رمزياً بارزاً” يهدف إلى تعزيز قيم الجمهورية وتكريس ممارسة منتشرة على نطاق واسع حيث يتم بالفعل تعليق علم الاتحاد الأوروبي أمام مداخل الكثير من المؤسسات الرسمية في فرنسا، ويُذكّر بالقيم الأوروبية التي تلتزم بها فرنسا في خضم الحرب في أوكرانيا، وذلك قبل نحو عام واحد من الانتخابات الأوروبية.
وفي هجوم حاد على مشروع القانون الذي يستعد مجلس الشيوخ لإجراء قراءة جديدة لبنوده، اعتبر جان فيليب تانغي النائب عن حزب التجمع الوطني اليميني أنّ علم الاتحاد الأوروبي “لا يحمل أي دلالة” مؤكداً أنّ “هناك ثلاثة ألوان فقط ينحني أمامها الفرنسيون هي الأزرق والأبيض والأحمر” في إشارة للعلم الفرنسي.
كما انتقد النائب أنطوان ليومنت ما أسماه محاولة صرف النظر عن أزمة المعاشات التقاعدية، مُعتبراً القانون الجديد مُخالفاً لمبدأ الإدارة الحرة للبلديات “. ومن جانبه تحدث النائب توماس ميناجي عن “التزام جديد عديم الفائدة” من وجهة نظره ويُمثّل مصدر قلق على الأرض بعيداً عن الواقع.
من جهتهم اعتبر نواب حزب اليسار الراديكالي “فرنسا المتمردة” تقديم مشروع القانون من قبل نواب المعسكر الرئاسي بمثابة “محاولة إلهاء” لطي صفحة إصلاح نظام التقاعد الذي لا يزال يُثير انقسامات واسعة، وذلك بينما تمّ تأجيل مشروع قانون الهجرة الخلافي للعام القادم.
بالمقابل وصف عضو البرلمان الأوروبي مانون أوبري القانون الفرنسي الجديد بأنّه “إيمان ديمقراطي” مُعتبراً أنّ رفض العلم الأوروبي يعني رفض رمز السلام والحرية، مُهاجماً اليمين المُتطرّف الذي برأيه يُعبّر عن كراهيته لأوروبا من خلال رفض رفع العلم الأزرق الذي يحتوي على اثني عشر نجمة أمام مداخل البلديات جنباً إلى جنب مع العلم الفرنسي.
أما بالنسبة إلى الكاتب والخبير السياسي ديفيد ديسجويل، فإنّ العلم الأوروبي ليس له أي أساس قانوني على الإطلاق ولا مكان له في المؤسسات الرسمية، وذلك بالاستناد إلى رفض الفرنسيين في عام 2005 لمشروع المعاهدة الدستورية الأوروبية ما شكّل حينها نكسة سياسية كبيرة لدول الاتحاد الأوروبي. ليتساءل ديسجويل بالمقابل “لماذا لا يكون علم الأمم المتحدة أو علم منظمة الفرنكوفونية هو البديل للعلم الأوروبي؟”.
إريك أنسو المؤرخ والمحاضر في جامعة السوربون، اعتبر أنّ رفع العلم الأوروبي وتزيين قوس النصر الشهير به هو ممارسة مناهضة للجمهورية الفرنسية. ويرى أنّه بينما تُحارب أوكرانيا من أجل سيادتها الوطنية واحترام حدودها، تُصر الرئاسة الفرنسية على رفع العلم الأوروبي.
يُذكر أنّ وزير الخارجية الفرنسي السابق روبرت شومان هو من أعلن في مايو (أيار) عام 1950 عن تشكيل مجموعة أوروبية للحديد والفحم بمُشاركة 6 دول، والتي تغيّر اسمها لاحقاً عدّة مرّات كالمجموعة الاقتصادية الأوروبية عام 1957، والجماعة الأوروبية في عام 1965، وصولاً إلى الاتحاد الأوروبي الذي تأسس بتوقيع معاهدة ماستريخت في عام 1992.
ويُشار إلى أنّ علم الاتحاد الأوروبي مكون من 12 نجمة صفراء موضوعة بشكل دائرة على خلفية زرقاء. وعدد النجوم ثابت لا يتغير بتغير عدد أعضاء الاتحاد (28 دولة حالياً)، حيث يُمثّل الرقم 12 الكمال فيما يرمز الشكل الدائري للوحدة.
24