آراء

نزار العوصجي: الحقيقة الصادمة

من خلال البحث عن حقائق ما يجري حولنا من متغيرات على الساحة السياسية المحلية والدولية ، تظهر لنا حقيقة صادمة تم تجسيدها بوضوح في كتاب نقدي قيم ودقيق لكاتب الماني ، نشر في عام 1976 ، عنوانه ( الحركات السياسية الدينية ) .. وللعلم فان الكتاب قد حظر من النشر بعد إشهر قليلة من صدوره ، نتيجة للضغوط المؤثرة ..

ملخص الكتاب باختصار شديد يشير الى ان كافة الحركات والاحزاب السياسية الدينية في العالم دون استثناء ، اليهودية والمسيحية والأسلامية ، التي تتبرقع باثواب دينية مزركشة ، هي من ابتكار وتصميم وتأسيس الماسونية العالمية ، وان الغاية من انشائها وتمويلها ودعمها وتمكينها من التوسع والانتشار ، هو التصدي للأحزاب الثورية التي تسعى الى تحرير الفكر الأنساني من العبودية الدنيوية ، الى جانب ذلك فان الحركات والإحزاب السياسية الدينية تهدف الى النيل من جوهر الاديان السماوية وتشويه صورتها ، من خلال تعزيز مبدء الانغلاق والتعصب والتشدد الفكري ، وتغيب منطق العقل لدى عناصرها والمنتمين اليها باساليب متقنة وممنهجة ومدروسة ، تتماشى مع متطلبات المرحلة ، دون ان يشعروا بمدى خطورة ذلك على المجتمعات التي يعيشون فيها ..

حين نحلل رؤية الكاتب فما ذهب اليه في نظريته ، نجد ان فيها من الواقعية الشيئ الكثير ، فهذا ما نلمسه ونراه بوضوح حين نتابع افعال المتشددين الهمجية بكافة اشكالهم وانتمائتهم ومعتقداتهم .. هذه النظرية تفضي الى حقيقة مؤلمة مفادها ان الحركات و الاحزاب الدينية لا علاقة لها بالدين على الاطلاق والدين منها براء ، بلأضافة الى انها تستغل سذاجة البعض من الجهلة محدودي الادراك بشعارات تلامس مشاعرهم ، وذلك ما لمسناه في احزاب الاسلام السياسي التي هيمنت على مقاليد السلطة في العراق بعد الاحتلال البغيض في 2003 .. هذا ما ارادته الماسونية العالمية التي إنكبت على احتضان وتوجيه المعممين والافنديه ( اللندنيين ) ، اصحاب الفتاوى والبدع العجيبة ، ودفعهم باتجاه سرقة خيرات وثروات العراق وكنزها في بنوكهم ، والشواهد كثيرة وبينة لكل من له عينان ترى واذنان تسمع .. بأسم الدين باكونا الحرامية ..

الأدهى من ذلك يتمثل في تكميم الافواه ، فحين تتصاعد الأصوات الشعبية التي تطالب احزاب السلطة بمغادرة الساحة السياسية ، لفشلها الذريع في ادارة الدولة ، وحين توجه القوى الوطنية الواعية الأنتقادات للعملية السياسية البائسة التي تهيمن عليها العصابات ، وحين تدان ممارسات قياداتها اللا اخلاقية واللا انسانية ، نجد ان هنالك من بتصدى ويقف بالضد من تلك المطالبات والإنتقادات والإدانات .. هؤلاء المتصدين هم ذات المراجع الذين يتبعهم الجهلة من كفيفي البصيرة ، وهم ذات الاشخاص الذين يتشدقون بالوطنية التي تنسب اليهم زوراً في هذا الزمن الاغبر ..

عندما تمارس الضغوط لتغيب الفكر السياسي ، تظهر طفيليات السياسة ، لذا فان الحقيقة المؤلمة التي يستشعرها اغلبية ابناء الشعب العراقي ، تكمن في ان من تناوب على حكم العراق خلال قرن من الزمن هم الهاشميون والشيوعيون والقوميون والبعثيون ، اي اربعة مراحل سياسية قد تناوبت على حكم العراق ، إمتلكت فكراً ومنهجاً سياسياً يحاكي تطلعات جماهيرها نحو الافضل .. وبعد انتهاء حقبة الفكر السياسي ، جاء المعممون الذين استشرى في زمن تسلطهم ، الأنحطاط الأخلاقي والفساد والأمية والبطالة والفقر والجريمة والرذيلة والتبعية والتمزق المجتمعي وضياع الهوية ، كل ذلك لم يشهده العراقيين إلا في ظل حكم ألمعممين ..

ختاماً نقول : غالباً ما تكون المظاهر خادعة ، ولكي يكون الانسان المدرك على بينة من الحقيقة ، عليه النظر الى المضمون او الجوهر ، دون ان يغره الشكل او المظهر ، فلو اردنا ان نتحدث عن بواطن الامور ستصدمنا الاحداث والوقائع بشدة ، لهذا يجب ان لا نعول كثيراً على الخطب الرنانة التي توجه لغسل الادمغة ، لانها تنيع من وادي سحيق ابعد ما يمكن عن الحقيقة ، فليس كل مايعرف يقال والعاقل يفهم ..

متى يفيق المغيبين من غفوتهم ؟؟
متى ينتبهوا الى حقيقة اولئك المارقين ؟

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى