إنعـام كجه جي: الهـرشـة السـابـعـة
يقوم المشاهد بجولة سريعة على مسلسلات رمضان ليقرر ما يستجيب لذائقته ويود متابعته. وبعد حلقتين كان هناك ارتياح لمسلسل «الهرشة السابعة». ما معنى العنوان؟ وفي المعجم فإن هَرَشَ يَهرُشُ هرشاً يعني حكّ رأسه بيده.
هناك فيلم للمخرج الأميركي بيلي وايلدر عنوانه «حكّة السنة السابعة»، إنتاج 1955، بطولة مارلين مونرو. تقف الممثلة فوق منفذ هواء تحاول تهدئة الأطراف المتطايرة لفستانها الأبيض. لقطة من الفيلم هي الأشهر في ثقافتهم الشعبية للقرن العشرين. فما هي تلك الحكّة، أو الهرشة، وما علاقتها بالرقم 7؟
هي نظرية ظهرت في الولايات المتحدة، يعتقد أصحابها بأن الفرد الإنسان يميل إلى تجديد أسلوب حياته وعلاقاته كل سبع سنوات. ينضج وتتغير قناعاته ويستيقظ ذات صباح وهو راغب في مغادرة منزله وأفراد أسرته، بل ترك المدينة والبلد إلى أرض جديدة لا يعرفه فيها أحد. تؤكد الأرقام أن مئات الآلاف من الرجال والنساء يفعلون ذلك في الغرب، كل عام. لا أرقام عن الشرق وبلادنا.
على ذلك المنوال، يرى خبراء القلوب أن العلاقة الزوجية تتدهور بعد السنة السابعة من العيش تحت سقف واحد. حتى لو تمّ الارتباط بعد حب. وهناك من يختصرها في ثلاث سنوات. بعدها يبرد الولع، ويتبدد الشغف، وتموت الرغبة، وتسقط السعادة تحت مطارق الملل والاعتياد.
«الهرشة السابعة» مسلسل مصري من تأليف مريم نعوم وإخراج كريم الشناوي. تمثيل أمينة خليل ومحمد شاهين في الدورين الرئيسيين. مكتوب بذكاء ويبدو أنه قد نُفّذ برشاقة. حميم عصري وجريء. على أمل أن يستمر على هذه الوتيرة ولا يصيبه خسوف بعد الحلقة السابعة. كل واحد من الممثلين يبدو مقنعاً في دوره. علي قاسم وأسماء جلال، والكبار عايدة رياض وحنان سليمان ومحمد محمود. القدماء المعتقون ينطقون الكلام بشكل واضح، والأصغر سناً يبتلعون نهايات الجمل والكلمات. هل يشترط الحوار الحميم أن يتمتم الممثلون ويوشوشون فلا نفهم الكثير من مخارج الألفاظ؟
الحديث ليس عن المسلسل. ما زال في بداياته ولا يمكن تقييمه. الموضوع هنا أمينة خليل. فنانة لا تشبه النجمات. نجحت خلال فترة قصيرة نسبياً في احتلال موقع في الصف الأول. وجه هو امتداد لوجوه تركت عطرها على الشاشة. لها تلقائية فاتن حمامة وعفوية عبلة كامل وخفر سميرة أحمد. ثم هناك تلك الجاذبية الكامنة في نظراتها وابتسامتها. مغناطيس يصعب تفسير مكوناته. خلطة سريّة تمنحها لذوعة ولذاذة.
بعد تعدد الأدوار، تأكد المخرجون أن أمينة خليل تصلح لمختلف الشخصيات. الطيبة والشريرة، العاقلة واللعوب، الفقيرة والغنية. صارت رقماً مطلوباً وظهرت في السنوات العشر الماضية في نحو من أربعين فيلماً ومسلسلاً. كانت هناك أدوار صغيرة ثم كبرت. بات حضورها أليفاً في رمضان.
تلفت أمينة الانتباه إلى أنف طبيعي لا يدخل في قوالب الأنوف المقررة على المشاهدين. كانت تملأ الشاشات وصارت في كل مكان. الشوارع والمكاتب والجامعات. وتصوّر البعض أن الممثلة، بعد نجاحها، ستسارع إلى أول عيادة تجميل في الجوار. ستخرج بأنف مايكل جاكسون وتستريح من التعليقات وتمضي قُدماً. لا بد أن كثيرين وكثيرات نصحوها بهذا.
الثقة بالنفس جزء من الكاريزما. وهي أدركت أن تقويسة أنفها هي الملمح الأول في وجهها. ولم تحاول أن تمنح للكاميرا الزاوية التي تموّهه. وهو ما كانت تفعله سعاد حسني. ربّ ضارة نافعة. حافظت أمينة خليل، بشجاعة، على أنف غير ملعوب به.
نقلا عن :الشرق الاوسط