د. عبدالرزاق محمد الدليمي: عندما يستخدم الدين ضد اهله
في لقاء اجرته صحيفة وول ستريت جورنال الاحد 15/1/2023 عبر محمد شياع السوداني رئيس مجلس وزراء دولة الاحتلال في العراق عن تأييده لبقاء قوات الاحتلال الى اجل غير مسمى،والملفت عن هذه الجزئية من اجاباته على تساؤلات هذه الصحيفة بالغة الاهمية والانتشار،ان الاطراف المليشياوية وجماعة الاطار التابعين لنظام ملالي طهران كالمالكي وهادي العامري وقيس الخزرجي ومن لف لفهم ،كانوا يرفعون اصواتهم كذبا انهم يعملون لانهاء وجود قوات الاحتلال رغم علمهم ان هذه القوات هي التي جلبتهم ونصبتهم وأمنت لهم كل مايمكنهم البقاء في السلطة ايضا الى اجل غير مسمى!!!
منذ عقود حينما برزت ظاهرة ما يسمى الإسلام السياسي ونحن نسمع مقولة استخدام الدين في السياسة من قبل الأوساط الرسمية العربية بمختلف تجلياتها وتصنيفاتها، وذلك في معرض الهجوم على القوى الإسلامية التي تطرح برنامجا ذا صبغة إسلامية.
ان ظاهرة تسييس الدين والطائفية البغيضة ظاهرة نعيشها اليوم في العراق وعدد من الانظمة العربية وبالوان مختلفه ظاهرا الا انها متوافقة مضمونا علما ان العيب ليس في الدين وانما في كيفية التلاعب بحيثياته الى الدرجة نرى امامنا تجارب مشوهه كما هو حاصل في العراق.
لو عدنا عقودا إلى الوراء حين كانت القوى الإسلامية ضعيفة وهامشية، فسنرى أن تلك المقولة (استخدام الدين في السياسة) لم تكن موجودة، وتغير الحال حين مكنتهم القوى الخارجية التي اسست اغلب هذه الحركات …بينما كنا نسمع مثلا عن استخدام اليساريين مظالم الفقراء من أجل كسب أصواتهم أو تأييدهم، ولم تظهر تلك المقولة عمليا إلا بعد تسيّد الإسلاميين الساحة السياسية.
ان التطور في مسارات الاحزاب الوطنية في الوطن العربي ومنها العراق رافقة تحسب وانتباه من قبل الاعداء لذا كان طبيعي جدا ان نشهد كل هذا التحشيد ضد بلدنا من الغرب الصهيوني الى جيران السوء والتي اخذت مراحل متدرجة ابتداءا من سلسة المؤمرات الى التمرد في شمال العراق الى العدوان الايراني مرورا بأحداث الكويت وانتاءا بالحصار ثم احتلال بلدنا.
اذن ظاهرة الاسلام السياسي تؤشر لنا مرحلة من مراحل عرقلة مسيرة التقدم التي بدأناها في العراق منذ تموز 1968 وهذا مايفسر لنا بروز نشاطات حزب الدعوة والحزب الاسلامي قبل الاحتلال وبعده وظهر واضحا الدور المرسوم لهما ومعهم الاحزاب المتأسلمة العميلة والمليشيات الطائفية التي برزت بنشاطاتها التخريبية بعد الاحتلال وكانت العمود الفقري المشوه الذي اعتمد عليها الاحتلال في تشكيل عمليته السياسية سيئة الصيت والمحتوى.
المواطن العراقي الذي سبق وان خدروه بالشعارات والممارسات المناطقية والطائفية والعنصرية اكتشف (ولو بعد حين) انه كان هدف سهلا لمخطط دولي اقليمي محلي متناغم في المصالح بين جميع اطرافه القذرة ،فكثير من العراقيين بما فيهم اناس كانوا يعتقدون انهم على قدر من الفهم والوعي ما يمكنهم من كشف اغوار وطلاسم ماخطط له اعداء العراق ، حيث فهم اغلب شعبنا لاسيما الشباب منهم ان تجربة 20 عاما عجافا من الظلم والاستبداد وعمليات الهدم والتخريب والقتل والنهب والتهجير والتغييب كان جميعه عملا منظما تم يتم تنفيذه بدقة، فالهدف من احتلال العراق ليس (بناء دولة وتحقيق الديمقراطية )كما يحاول بعض المتخلفين والدجالين والآفاقين ،تمريره على العراقيين والعالم ، بل هو مشروع ديني صهيوني طائفي قديم جديد ،وكان العراق المستقل القوي المتقدم علميا عقبة في طريق تنفيذه،ولذلك كان احتلال العراق وقبله زجه بحروب خططوا لها رغم كل محاولات العراق تجنب تلك الحروب وغيرها.
المهم ان عمليات اللف والدوران عادت بأصحابها الى اصل الموضوع شاؤا ام ابوا وجائتهم الاوامر الصارمة من الرهبر الكبير في طهران (بالتوافق والتنسيق مع واشنطن ولندن) بأن عليهم ان يتفاهموا ويتقاسموا الغنيمة التي كلفوا بالهيمنة على الحكم من اجلها ومن اجل خدمة من جاء بهم،ومن يخالف يعرف كيف سيكون مصيره المظلم!!
رغم ذلك فأن بوادر الخلافات في مجالسهم السرية بدأت تطفو على السطح مما ينذر بتصاعد الصراعات على الكاسب والمغانم ناهيك عن مافي جعبة مقتدى الصدر الذي بدا واضحا انه يعد العدة للعودة الى مشهد الاحداث ولكن برداء وبسياقات اخرى،اي ان فترة الهدنة قربت على نهاياتها السائبة!؟
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز