د. عباس العزاوي: الحقيقة الصادمة التي أثارت إيران في بطولة الخليج العربي
ثارَت ثائِرة أحفاد كسرى في دولة فارس، فهَاجوا ومَاجوا بعد أن أُقيمَت البطولة الكروية لكأس الخليج العربي في مدينة البصرة. بحجةِ أنَّ نَعت الخليج العربي ووصفه بهذه الصفة(القومية) التاريخية يتقاطع مع رؤاهم وأحلامهم التوسعية الشرِّيرة التي تُبيح لهم كما هُم فاعلون بنَسَب الخليج العربي الى بني فارس. هذا هو ما حاول نظام الملالي في قمّ وطهران اظهاره أمام المَلأ متظاهرين بغير ما هُم يُبطِنون، فالحقيقة التي من أجلها أقاموا الدنيا ولم يقعدوها تختلف كُليَّاً عمَّا يَزعمون. وقبلَ أن نتبيَّن مع القاريء الكريم خفايا الهيَجان الفارسي خلال اقامة مباريات بطولة الخليج العربي في البصرة الفيحاء مدينة المدن، نَمرّ في عُجالةٍ على معنى المدينة في اللغة، وتاريخ بنائها وما أهميّتها ودورها التاريخي منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا.
ما تَعنِيه تَسمِيَة البَصْرَةُ
الحجر الأبيض الرَّخو، وبها سُمِّيَت البصرة، وهي أرضٌ حجارتها جِصّ، أو قيل هي الطين العَلِك، والنَسَب الى البصرة: بِصريٌّ بكسر الباء أو: بَصريٌّ بفتح الباء، كما جاء عند ابن منظور في لسان العرب،ج4،ص76-77، وكانت أولى المدن العربية التي أنشأها العرب المسلمون خارج الجزيرة العربية، حيث أسَّسها وبناها الصحابي الجليل عتبة بن غزوان في موضع البصرة الحالي في العام 14للهجرة بأمرٍ من الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، من هنا كان المؤرخون العرب يطلقون عليها تسمية( البَصرة العُمَريَّة). توَّلى من بعد عُتبة البصرةَ المُغيرة بن شعبة ثمّ وُلِّيَ عليها أبا موسى الأشعري. صارت البصرةُ مركزاً ادارياً وعسكرياً مهمَّاً في العراق، وهي تُعَدُّ من أشهر المدن العربية وأكثرها أدباً وعلماً وعمارةً وتجارة، وتتَميَّز بدورها الكبير في تاريخ الثقافة العربية الإسلامية، وكانت مساجدها ومدارسها تَعجُّ بالفقهاء والعلماء والأدباء، وفيها ظهرت المدرسة العقلية للمعتزلة، ومدرسة اخوان الصفا الفلسفية.
البصرةُ تُنجب الفقهاء والعلماء والفلاسفة
وأنجَبت البصرة عدداً لا يُحصى من الفُقهاءِ والمُحَدِّثين والعلماءِ والأدباءِ والفلاسفةِ والكُتَّابِ والخطباءِ والشعراءِ واللُّغويِّين والنَحوِيِّين منذ تأسيسها وحتى آخر أيام العباسيِّين باقتحام المغول بغداد الرشيد، مدينة السلام وحاضرة الدنيا في سنة 1258م. ومن فقهائها وعلمائها وفلاسفتها ومحَدِّثيها ونحويِّيها:الحسن البصري، الخليل بن أحمد الفراهيدي، أبو الأسود الدؤلي، محمد بن سيرين، الفرزدق، سيبويه، بشَار بن برد، الأصمعي، أبو عثمان الجاحظ، أبو داود المُحَدِّث، اخوان الصفا، وكذلك انجبت القائد العربي المُهلَّب بن أبي صفرة. وقد دُفِن فيها عدد من الصحابة والتابعين وهُم كلٌّ مِن: طلحة بن عبدالله، الزبير بن العوَّام، عتبة بن غزوان، الحسن البصري، مالك بن دينار، وأنس بن مالك، وفيها أيضاً ماتت حليمة السعدية مُرضعة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم. وقد أسهَب ياقوت الحموي وأطال في ذكر البصرة في الجزء الثاني من كتابه “معجم البلدان”، وقال عنها أنَّها كانت تَتنافس ومدينة الكوفة في الفقه والتفسير ورواية الحديث النبوي الشريف. هكذا كانت البصرة، وهكذا كان أهلها وانجازاتهم التاريخية منذ تأسيس الدولة العربية الكبرى في بداية القرن الهجري الأول، وساهمت في الحضارة العربية الإسلامية بالكثير في مختلف المجالات كما قدَّمنا.
البَصريُّون يَقبرون أحلام الفُرس
وفي العصر الحديث وفي عهد الدولة العراقية الوطنية، وفي ظلّ نظامها الوطني والقومي المجيد، قدَّم أبناء البصرة أروع الأمثلة في الدفاع عن العراق والتضحية في سبيل ترابه الطهور، أُسوةٌ بأبناء الرافدين الآخرين، من أجل التصدي للعدوان الإيراني الفارسي العنصري، والذي كان يُراهن على مدينة البصرة لأسبابٍ طائفيَّةٍ مقيتة. فأظهر البصريُّون حقيقة انتمائهم وولائهم الى العراق وأهله وأمَّتهم العربية المجيدة، ففي العام 1982م وفي أثناء معركة القادسية الثانية التي تصدى فيها أبناء الرافدين النشامى للعدوان الفارسي على العراق، دَعا الخميني حينها أبناء البصرة للخروج الى الشوارع واستقبال حرسه المهزوم بالورود والرياحين!، وعكس ما كان يحلم به الخميني ويتطلَّع اليه، فقد ألقَت دعوته الخبيثة هذه استجابةً عاليةً من قبَل البصريين!، فقد اندفعوا يحملون بنادقهم، رجالاً وماجدات، شِيبةً وشباباً للدفاع عن البصرة الغالية، حيث ألقَت دعوة الخميني الهِمَّة والعَزم والحَماسة في قلوب البصريين، وألهَبَت مشاعرهم الوطنية، وعمَّقَت فيهم هُويَّتهم العراقية العربية، وحفَّزتهم على الاندفاع البطولي للذود عن تراب البصرة الطاهر. وفي حينها تَحدَّى بهم ومن خلالهم الرئيس الشهيد صدَّام حسين الخميني، فكانوا عند ثقة واستحسان وتقدير القيادة العراقية وكلّ العراقيين الأُباة. وهكذا استنفروا تاريخهم البصري العراقي العروبي التليد، وبطولات وانجازات أجدادهم العِظام، وعبَّروا عن وطنيَّتهم الحقَّة، التي أشعلت جذوة حماستهم ودفعتهم للتضحية بالدم الزكيّ من أجل حماية البصرة مع كلّ أبناء العراق من المقاتلين الأشاوس، من عدوان وغدر أحفاد كسرى الفرس المتغطرسين. فتَفجَّرت فيهم مكنونات القوَّة والعزيمة والبأس العامرة في النفوس، وتَوقَّدت مشاعرهم الوطنية الخالصة في سبيل الدفاع عن الأرض والتاريخ والكرامة والشرف ضدّ الأطماع الفارسية الشرِّيرة، هؤلاء هُم أبناء البصرة الغيارى، كما كان أسلافهم منذ عقودٍ مضت، أفلا تستحقّ البصرة تسميتها بـ(مدينة المدن)؟…..
العُرس العربي في البصرة
واليوم وفي هذا الاستقبال الحافل والمتألق الذي أبداه البصريون لأشقائهم أبناء الخليج العربي، أثبتَ العراقيون من أبناء البصرة الفيحاء أنَّهم العراقيُّون الأصلاء والعروبيّون الأوفياء، وأنَّ جذورهم وامتدادهم انَّما الى أمَّتهم العربية وليس الى غيرها. وأنَّ تَبَجُّح الفرس في ايران وادِّعائهم زوراً وبُهتاناً أنَّ العراقَ وخاصة مدينة البصرة(العُمَريَّة) التاريخية مفتوحة الأبواب على مصراعيها لبني فارس وليس لغيرهم!، ليس إلَّا أباطيلاً وكذباً وأحلاماً بائسةً من نسج خيالهم. وها هُم أبناء البصرة يبرهنون بالفعل على الأرض أنَّ البصرةَ مفتوحةٌ أبوابها ومُشرعةٌ لأشقائهم العرب في خليجهم العربي وفي كل أرض العروبة من الخليج العربي الى المحيط الأطلسي. ها هُم أبناء العراق الكرام في بصرتهم الغالية يُقدِّمون كلّ ما يستطيعون من الجود والعطاء بكلّ شهامة ونخوة العرب الأصلاء، لأشقائهم الوافدين ليس لحضور البطولة الكروية فحسب، بل للقاء أشقائهم في البصرة والعراق بعد فراقٍ طال لأكثر من ثلاثين سنة بفعل أرباب الشرّ من أمريكان وصهاينة وفرس. لقد ساحَ بهم أبناء البصرة وتَجوَّلوا معهم في كلَّ المعالم الأثرية والتاريخية لهذه المدينة البطلة، وخاصة في مدينة الزبير، وطافوا بهم ومعهم في كلِّ الشَواهِد والشواخص والمنجزات التي تحقَّقت في عهدِ وظلِّ نظام العراق الوطني والقومي. فأيّ جهة يتوجَّهون والى أيّ صوبٍ يرومون فثمَّة شاخصٍ ومَعلَمٍ من معالم ثورة السابع عشر من تموز الظافرة عام1968م، ففي أول هبوطٍ لطائرات الأشقاء في البصرة يستقبلهم مطارها الدولي الذي بُنيَ وفق أفضل المواصفات العالمية لشركة من ألمانيا من قبل الثورة. وحال مغادرتهم أرض المطار سيَمرُّون ببناءٍ ومرفَقٍ مهمٍّ هو مشروع “وفاء القائد” الكبير الذي بدأ العمل به وانجازه في تسعينيات القرن الماضي، والذي يقوم بايصال الماء الصالح للشرب من مدينة(البدعة) في محافظة ذي قار الى البصرة. وفي طريقهم سيمرّون على بوَّابة البصرة ثمّ يَطلّ عليهم نصب جامعة البصرة وبوابتها(التاريخية) الجميلة التي أُنشِأت في ثمانينيات القرن الماضي، وزوِّدَت بأحث المختبرات العلمية، واستكمالاً لطريق الشرق، ستقابلهم محطة كهرباء الهارثة الحرارية التي تُغذّي كل العراق من خلال ربطها بالشبكة الوطنية، وتمّ تأسيسها من قبَل شركة يابانية في سبعينيات القرن الماضي، وكانت حينها من المحطات المتقدمة.
وعند التوّجه الى الشرق فإنَّ الزائرَ سيعبر شط العرب الى الضفة الشرقية، والذي شهدَ معارك ضارية في القادسية الثانية، فتَعطَّرت مياهه بدماء العراقيين الزكيَّة، بالمرور على جسر خالد المتحرّك الذي تمَّ انجازه في عهد الثورة. وعندما يتوَّجه الزائرُ الى الجنوب والشرق سيجد معمل الحديد والصلب، ومعمل الأسمدة الكيمياوية على امتداد شط العرب اللذان تم افتتاحهما في العهد الوطني. وباستكمال الطريق بمحاذاة شط العرب نحو الجنوب حتى مصبّه في الخليج العربي عند مدينة الفاو”مدينة الفداء وبوَّابة النصر العظيم”، عندها سيدخل الزائر العربي من بوَّابة هذه المدينة التي شهدت قتالاً أسطورياً شرساً من أبناء الجيش العراقي الوطني الباسل بعد أن استطاع العدو الفارسي أن يحصل على موطيء قدم فيها، وعندها تدافعت وحدات الجيش العراقي لتحرير الفاو من دَنس الاحتلال الفارسي، وتَكلَّلت المعارك الضارية بالنصر المؤزَّر لأبناء الرافدين، وطُرِد منها الجيش الإيراني، شرّ طردةٍ، مَلوماً مَحسوراً، يَجرّ أذيال الخيبة والخسران، مُتكبِّداً الآلاف من القتلى والجرحى. وقُبَيل أن تضع الحرب الملحمية أوزارها والتي خاضها العراق دفاعاً عن ترابه الوطني وتاريخه ووجوده، كانت الفاو قد أُعيد بناؤها بشكلٍ عصريٍّ في غاية الجمال والرقيّ. وغير هذا وذاك كثيرٌ من مُنجزات العراقيين في عهدهم الوطني السابق مما لا يمكن حصرها وعدّها هنا، وجلّ هذه المعالم التاريخية الكبيرة والانجازات الوطنية تمَّ تدميرها في العدوان الثلاثيني الغاشم، ولكنَّ أبناء العراق الأشاوس قد أعادوا بناءها من جديد بامكاناتٍ ذاتية محليَّة، تحت شعار”يُعمِّر الأخيار ما دمَّره الأشرار”. وعندما يَجول أهل البصرة ويَتَجوَّلون مع أشقائهم العرب على ضفاف نهر شط العرب الخلَّابة وكورنيشه الجميل بمناظره الأخَّاذة، فإنَّهم سيحكون لهم فعل الأيادي الخبيثة للحكومات العميلة وأحزابها الولائية في هدم النُصُب التذكارية لشهداء الجيش العراقي الوطني الباسل من القادة والضباط في مختلف صنوف القوات المسلحة العراقية، وهم يُشيرون بأياديهم الى العدو الإيراني الفارسي المَاثِل والقائِم على الحدود الشرقية للعراق، وعلى بوَّابة الأمة العربية الشرقية.
ولثوَّار تشرين مواقفٌ خالدة في البصرة
أمَّا ثوَّار تشرين الأماجد فقد تَجوَّلوا بالضيوف وجالوا معهم الى ميادين وساحات الثورة قرب وأمام مبنى المحافظة الجديد في(المعقل) والقديم في(العشار) وأماكن أخرى انتفضوا وثاروا فيها على حكومة الاحتلال الباغية، وعاينوا مع أشقائهم العرب أماكن ارتقاء الشهداء من الشباب الى بارئهم، فهنا سالت دماء الشهيد (أحمد) وهنا تَعطَّر المكان بدم الشهيد، والشهيد….ويُوجزون لأشقائهم بأنَّ أبناء البصرة كما هُم أبناء العراق لا يزالون في ثورتهم التشرينية المباركة حتى الخلاص التام من العملاء والخونة من الحاكمين وأحزابهم وميليشياتهم المجرمة. وفي الجانب الآخر، فقد أقامت العشائر العراقية الأصيلة السرادق والخِيَام للاحتفال بالحضور العربي في البصرة مدينة المدن، وبحضور أبناء العراق من كافة المحافظات في شمال العراق العزيز وغربه ووسطه وشرقه، يُقدِّمون لهم وجبات من الأكلات العراقية، وبعضها تُقدِّم القهوة العربية والشاي للضيوف. وهناك مبادراتٌ شخصيةٌ على مستوى الأفراد والأُسَر البصرية بما عُرف عنهم من الضيافةِ والكرم والطيبة، حتى أنَّ بعض النسوة من ماجدات البصرة أقمن (التنانير) على أرصفة الشوارع ليَقُمْنَ بالخبز وتقديمه ساخناً لضيوف البصرة من الخليج العربي.
ما سرّ هَيَجان نظام الملالي في طهران؟
هذا هو الكرم البصري العراقي على أصوله، فهل بعد هذا لا يغضب أحفاد كسرى في ايران من هذا العُرس العربيّ العراقيّ على أرض البصرة؟! أفبَعدَ هذا لايجنّ جنونهم، وقد كانوا يتصورون خاسئين أنَّهم ملكوا البصرة وأهلها، وهُم الأوفياء لعراقهم وأمتهم؟!وأنَّهم قد تسَيَّدوا عليهم، وأنَّ البصرةَ بل العراق كلّه قد أصبح حديقةً خلفية لأحفاد كسرى، وأنَّ العراق هو ضيعة من ضياع بني فارس، وشعبه العظيم يُؤمَر منهم فيُطيع! ألا خسئوا وخاب فألهم. من هنا فلم يكن هيجان نظام الملالي في قمّ وطهران وغضبهم كما الثور الهائج في معرضٍ للزجاج! بسبب تسمية الخليج العربي، لأنَّ كل الدورات السابقة تحمل نفس الإسم، وليس هذا بجديد، ولكن ما كان من ردّة الفعل الغاضبة والجنونية هو موضوعٌ آخر وقضية أخرى ليس لهما علاقة بالإسم العربي للخليج، انَّما هو ما قدَّمناه وما نحن بصدد الحديث عنه من حقائق خافية، هو ما أثار نظام الملالي وهو ما جعلهم يهيجون ويموجون. فالذي أغضَب الفرسَ هو أن يعود العرب الى العراق من جديد بعد طول فراق وتباعُد وفتور في العلاقة، أن يعود العراق الى حضن أمته العربية، ليس على المستوى الرسمي فحسب، بل على المستوى الشعبي، الجماهيري وهو الأساس، فالحكومات تَتغيَّر وتتَبدَّل ولكنَّ الشعوب باقية يخلف بعضها بعضاً ويَرِث الخلَف ما كان للسَلَف من تَثبّت على الهُويَّة الوطنية والانتماء للأمة، ومن مآثر وانجازات بل ومشاعر وأخلاقيات وسلوكيات لا تخرج عن الثوابت الأصيلة الراقية. ما أغضب الفرس هو أنَّ أبناء البصرة النجباء وكلّ العراقيين الأصلاء احتضنوا أشقائهم العرب، في عيونهم وبين جوانحهم، واستقبلوهم كما تستقبل الأرض العطشى زَخَّات المطر، فتروي عطشها، استقبلوهم كما يستقبل مَن فارق عزيزاً وحبيباً طال فراقه، استقبلوهم استقبال المشتاقين الولهانين. فكانت فرحة الأشقاء في خليجنا العربي لا توصف، عندما وجدوا أبناء العراق قد جاؤوا أرتالاً تتلوها أرتالا، رجالاً وماجدات، ليلتقوا أشقاءهم على أرض البصرة الأبيَّة الشامخة، مدينة البصرة التي أذاق أهلها حرس خميني الذُلّ والهَوان في القادسية الثانية، وهي التي انتخى شبابها لشعبهم العراقي فخرجوا بصدورٍ عارية لمواجهة الآلة الوحشية والسلاح الفتَّاك لأجهزة الأمن الحكومية، والعصابات والميليشيات المنفلتة، مطالبين بتَغيِّير النظام الباغي الفاسد، وبخروج المحتلّ الإيراني الفارسي من أرض العراق، فالتَحقوا بثوَّار تشرين من أول لحظة في العام 2019م وحتى اليوم. لقد تَنفَّس أبناء الخليج العربي الصعداء وهُم يرون العراقيين على العهد باقون، وأنَّهم لم ولن يخنعوا أو يخضعوا لبني فارس، كما يَدَّعي اعلام حكومة الاحتلال المارقة وأحزابها الطائفية، فما وجدوه يتقاطع على اطلاقه مع أبواق الاعلام الفارسي والصهيوني والغربي. فالعراقيُّون في البصرة وكلّ المدن العراقية لم يتزحزح انتماؤهم وولاؤهم لأمتهم العربية قيد أنملة ما داموا أحياء.
هذا العُرس العربي على أرض البصرة العراقية العربية، هو ما أغضب الفرس وتَسَبَّب في هيجانهم، فهي بطولةٌ ليست تتنافس فيها فرقٌ كرويةٌ لأبناء الخليج العربي كما في الدورات السابقة، بل هي بطولةٌ تَنافسَ فيها أبناء العروبة مع بني فارس، وتَحوَّلت الى رِهانٍ وتَبارٍ بين أبناء الأمة سواءً في الخليج العربي أم العراق، وبين أحفاد كسرى، وقد حُسِمَ الرهان لصالح العراقيين والأشقاء العرب منذ البداية، فالتنافس الحقيقي لم يكن في ساحة الملعب الكبير، وباللاعبين والمشجعين، بل المنافسة الحقيقية خارج الملعب، في هذا العدد الهائل من أبناء الأمة الذين تحتضنهم البصرة، وبين أحفاد كسرى خارج الحدود وأذنابهم من خونة الدار والديار في الداخل. لقد انتصر العراقيون أيَّما انتصار وفي مقدِّمتهم أبناء البصرة النجباء، انتصر أبناء العروبة في الخليج العربي، وهُزِم المشروع الإيراني الفارسي العنصري على أرض البصرة الأبيَّة، وفشلت أحلام العملاء وأسيادهم الأمريكان والصهاينة والفرس.
وفي الختام نقول: أنَّ الهيجان الفارسي له ما يُبرّره فقد استيقظ نظام الملالي في رُعبٍ وخوفٍ، بعد أن تبيَّن لهم: أنَّ نفوذهم وتَمدّدهم في المنطقة العربية لم يأتِ أُكله بعد هذه السنين الطِوال، وأنَّهم إذا كانوا أوصياء على الحاكمين الأوغاد في العراق، فإنَّ الوقائع على الأرض أثبتت لهم أنَّ العراقيين لن يرضخوا أو يستكينوا لهم، وعبَّروا عن هذا الرفض بثورتهم التشرينية، وبهذا العرس العربي في البصرة اليوم، وتالياً فقد أثبتَ العراقيون وأشقاؤهم العرب عن قوَّة وثبات الاتصال والتواصل فيما بينهم، وأن العلاقات الأخوية الوشيجة لن تنقطع، مهما حاول أعداء الأمة، وبكلّ وسائلهم وأساليبهم الخبيثة. وأثبت أبناء الأمة أصالتهم وثباتهم في الانتماء لهذه الأمة العربية العريقة، وخابت أحلام الفرس والصهاينة والأمريكان في ثني ارادة أبناء العراق الاُباة وأشقائهم في خليج العرب، والحمدلله ربِّ العالمين..
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز