فرنسا تواجه أسعار الكهرباء المرتفعة بإجراءات وقائية جديدة
تكشف السلطات الفرنسية النقاب بين الحين والآخر عن تدابير جديدة لحماية المستهلكين والشركات من أسعار الكهرباء المرتفعة، في حين يسعى المسؤولون لبث الطمأنينة بشأن إمدادات الطاقة في البلاد.
وفي ضوء ذلك، أعربت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، عن ثقتها الكبيرة بشأن وضع إمدادات الطاقة في بلادها خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مستشهدة بهبوط مستويات الاستهلاك، وفق ما نشرته وكالة رويترز.
وذكرت بورن -في تصريحات أدلت بها لمحطة إذاعة “فرانس إنفو” اليوم الثلاثاء 3 يناير/كانون الثاني (2023)- أنه كان من المتوقع أن ينكمش معدل التضخم بعدما بلغ ذروته في أوائل العام الحالي (2023)، ولكن باريس ستمضي قدمًا نحو تنفيذ خططها الهادفة إلى حماية المستهلكين والشركات المستهدفة من وطأة أسعار الكهرباء المرتفعة حتى نهاية هذا العام (2023).
وضع الطاقة مطمئن
في معرض ردها على سؤال بشأن إمدادات الطاقة، قالت بورن: “كلي ثقة بشأن وضعها خلال الأسابيع المقبلة”، مشيرة إلى أنها قد ناقشت الوضع مع شركة الكهرباء الفرنسية “إي دي إف”، الرائدة عالميًا في مجال حلول الطاقة منخفضة الكربون.
وسلطت بورن الضوء على الخطط التي تنتهجها باريس لمساعدة أصحاب المخابز على مواكبة فواتير الطاقة المرتفعة، والسماح لهم بسداد مدفوعات الضرائب المستحقة عليهم على عدد من المُدد، مع احتمالية “سداد فواتير الطاقة الخاصة بهم عن الأشهر الأولى من السنة”.
وفي ضوء هذا الملف، قال وزير المالية الفرنسي برونو لومير، إن الشركات المتخصصة في تزويد الطاقة في فرنسا لا تقدم ما يكفي لمساعدة أصحاب المخابز على تحمل أسعار الكهرباء المرتفعة.
وأضاف لومير، أنه سيتقابل مع ممثلين عن شركات الطاقة في وقت لاحق اليوم، لاستعراض الأمر معهم، بحسب تصريحات أدلى بها مساء الثلاثاء 3 يناير/كانون الثاني (2023)، ونقلتها رويترز.
وفي الأسبوع الماضي، أكد رئيس “سي آر إي”، هيئة تنظيم قطاع الطاقة في فرنسا إيمانويل وارجون، أنه لم تكن هناك أي مخاطر بشأن إمدادات الكهرباء في البلاد، حتى أواسط يناير/كانون الثاني (2022)، إذ كانت الأسر والشركات تمتثل -آنذاك- للدعوات المطالبة بخفض استهلاك الطاقة.
وحددت الحكومة الفرنسية مستهدفًا لخفض مستويات استهلاك الطاقة عند 10%، بحلول عام 2024، من مستويات عام 2019، في إطار خطة واسعة تشمل إطفاء الإنارة، وترشيد استعمال الأجهزة الكهربائية، بغية تفادي انقطاع الكهرباء والغاز، خلال أشهر الشتاء الباردة، في ظل استمرار الحرب الأوكرانية.
وفي الأسبوع الماضي، قالت “آر تي إي”، الشركة المسؤولة عن تشغيل شبكة الكهرباء في فرنسا، إن مستويات استهلاك الكهرباء هبطت بما نسبته 8.7% على مدار الأسابيع الـ4 الماضية، قياسًا بمتوسط المدة ذاتها خلال المدة من 2014-2019.
هبوط تاريخي
تراجعت مستويات استهلاك الكهرباء من مصادر الإنارة العامة في فرنسا بنسبة تاريخية بلغت 20%، ما بين منتصف الليل والساعة الـ4 صباحًا في الـ27 من ديسمبر/كانون الأول (2022)، مقارنة بعام 2021، في حين تتنامى المخاوف العامة إزاء انقطاع محتمل في الكهرباء، نتيجة مشكلات تتعلق بمفاعلات البلاد النووية، وفق ما نشره موقع “يورونيوز” الأوروبي.
ورصدت “إنديز” -الشركة المسؤولة عن تشغيل شبكة توزيع الكهرباء في فرنسا- هبوطًا ملحوظًا في استهلاك الكهرباء من مصادر الإنارة العامة في النصف الأول من ديسمبر/كانون الأول (2022)، التي تمثّل 40% من معدلات استهلاك الكهرباء السنوية في الكثير من المجتمعات بالبلد الكائن غرب أوروبا.
وتواجه فرنسا تحديات ناتجة عن انقطاع محتمل في الكهرباء بسبب مشكلات تتعلق بأسطول البلاد من المفاعلات النووية.
وكانت الحكومة الفرنسية قد كشفت عن خطة لترشيد الكهرباء في أكتوبر/تشرين الأول (2022)، بغية تقليص مستويات الطلب على الطاقة.
وكان من المتوقع أن تسجل فرنسا أدنى معدل إنتاج سنوي من الكهرباء المولَدة من الطاقة النووية في 2022، إذ توقفت العديد من المفاعلات بعد اكتشاف وجود تآكل بها نتيجة التأخيرات في أعمال الصيانة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”.
وتوجد في فرنسا -الآن- 16 مفاعلًا نوويًا متوقفًا عن العمل، وفق ما ذكرته شركة الكهرباء الفرنسية “إي دي إف“.
11 مليون نقطة إنارة
تنتشر 11 مليون نقطة إنارة في عموم فرنسا، إذ يعادل الطلب على الكهرباء بوساطة مصادر الإنارة العامة نظيره من الكهرباء المولَدة بوساطة مفاعل نووي، وفق ما ذكرته “إنديز”، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتبذل السلطات الفرنسية جهودًا حثيثة لخفض استعمال مصادر الإنارة العامة عبر إطفاء الأنوار في أوائل الليل، وهو الإجراء المُطبق في أغلب المدن والبلدات الصغيرة.
وفي المقابل تمنح المدن الكبيرة أولوية لتقليص أعمال التدفئة في البنايات العامة، كما تطبق خفض الإنارة العامة في بنايات أخرى.
وفورات الطاقة
في أوائل ديسمبر/كانون الأول (2022)، قلّلت الأسر والشركات في فرنسا -أيضًا- معدلات استهلاك الكهرباء، مع بلوغ هذا الانخفاض أكثر من 10% في حالة الأسر.
وفي أوروبا، طالبت حكومات الدول مواطنيها والشركات العاملة لديها بتوفير الطاقة جراء نقص إمدادات الغاز الروسي، في إطار ردة فعل موسكو على العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الحرب الأوكرانية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق الصيف الماضي على خفض الطلب على الغاز بنسبة 15%، قبل موافقته في سبتمبر/أيلول (2022) على خفض إلزامي في استهلاك الكهرباء إبان ساعات الذروة، بجانب خفض نسبته 10% في الطلب على الكهرباء بوجه عام.
وجاءت تلك التدابير في إطار الحاجة إلى ترشيد الغاز وسط أزمة طاقة مستفحلة في عموم القارة العجوز.