تبون: على الجزائريين الحصول على تأشيرات فرنسية لمدة 132 عاماً
اعتبر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن رفع فرنسا قبل أيام القيود عن التأشيرات الممنوحة للجزائريين تعد خطوة منطقية نظراً لتطورات الأمور، مذكراً بأن حركة المواطنين بين الجزائر وفرنسا تم تنظيمها بموجب اتفاقيات إيفيان عام 1962 واتفاقية عام 1968، ولافتاً إلى أن هناك خصوصية جزائرية مقارنة مع البلدان المغاربية الأخرى، تم التفاوض عليها ويجب احترامها.
وقال في مقابلة لصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية: “اسمحوا لي أن أعيد عبارة صديق أخبرني مؤخراً، من باب الممازحة أنه يجب على الجزائريين الحصول على تأشيرات فرنسية لمدة 132 عاماً”، وهي مدة الاستعمار الفرنسي في الجزائر.
وسئل عما إذا كانت الحكومة الجزائرية من جانبها قد قامت بزيادة عدد جوازات المرور القنصلية التي تسمح بتنفيذ الالتزامات بمغادرة الأراضي الفرنسية بالنسبة للأشخاص غير المرغوب فيهم، فأجاب بأن مصطلح غير مرغوب فيه قابل للنقاش، لأنه يشير إلى الأشخاص الذين لا يتمتعون بنفس الوضعية، إذ إن هناك مزدوجي الجنسية الذين يجب معاملتهم كفرنسيين، وهناك من يحملون الجنسية الجزائرية فقط. هؤلاء من يجب عليهم بالطبع أن يحترموا القانون الفرنسي، مضيفا أن هناك جزائريين أصبحوا متطرفين في فرنسا، لكن يتعين علينا معرفة السبب، لأن التطرف ليس جزائرياً.
وأكد تبون أن حجم التصاريح القنصلية زاد، لكن ليس العدد هو المهم، “إنه احترام المبادئ. لا توجد دولة بمفردها غير الجزائر تتمتع بمثل هذه الكثافة من التبادلات مع فرنسا”.
وهل طلبت فرنسا من حكومته زيادة شحنات الغاز مقابل قرارها بشأن التأشيرات، قال الرئيس الجزائري إنه عندما يكون لدى بلاده فوائض، فإنها تشاركها مع الآخرين، والاتحاد الأوروبي وفرنسا ليسا خصمين لبلده، وهو ملزم بعلاقات حسن الجوار، وبالتالي إذا طلبت فرنسا من الجزائر زيادة صادراتها من الغاز فإن حكومته ستفعل ذلك، مشيراً إلى أن إيطاليا طلبت ذلك، وقد شرعت الجزائر في إنشاء خط أنابيب غاز ثانٍ بين سواحلها وصقلية، من أجل زيادة حجم شحناتها، عاماً بعد عام، من 25 إلى 35 مليار متر مكعب ولجعل إيطاليا مركزًا نحو بقية أوروبا.
التحرر من عقدة المستعمر
وهل يمكن ان تصير العلاقات بين فرنسا والجزائر هادئة يوماً ما؟، قال تبون إنه يتعين على فرنسا أن تتحرر من عقدة المستعمِر وأن تتحرر الجزائر من عقدة المستعمَر. ففرنسا هي قوة عالمية ومستقلة، والجزائر قوة أفريقية لم تعد تشبه ما كانت عليه في عام 1962، مشددا على أنه من الملح فتح عهد جديد من العلاقات الفرنسية- الجزائرية، والمضي قدماً بعد أكثر من ستين عاماً على الحرب، وإذا كانت الذاكرة جزءاً من الجينات المشتركة، فإن الجزائريين والفرنسيين يتشاركون أيضاً في العديد من الاهتمامات الأساسية، حتى لو كانت وجهات نظر البلدين مختلفة.
وبخصوص الذاكرة، شدد على ضرورة نزع الطابع السياسي عن جزء من الاستعمار وإعادته إلى التاريخ، ويتعين الأخذ في الاعتبار 132 سنة من الاحتلال، لأن كل شيء لا يبدأ مع حرب الاستقلال، إذ إن “هناك حقائق مثبتة ومؤرشفة وموثقة لا يمكن إخفاؤها وتشهد عليها الوثائق المكتوبة. نعم، في القرن التاسع عشر، كانت هناك مذابح ونهب للأراضي… ثم شارك الجزائريون في الحربين العالميتين إلى جانب فرنسا. في الثانية، قتل أربعة آلاف من شمال أفريقيا خلال الحملة الإيطالية وحدها، وأصيب نحو 16 ألفاً. في مواجهة تحرير فرنسا، لم يتم الوفاء بوعد الاستقلال، ومن هنا جاءت انتفاضة سطيف عام 1945 والمذابح التي تلتها”.
تدربس الفرنسية
ولماذا تراجع تدريس اللغة الفرنسية في الجزائر، قال إنه ليس هناك من تراجع، وأن الأرقام تتحدث عن نفسها. في عام 2022، بلغ عدد المتحدثين بالفرنسية في الجزائر 27 مليوناً من 45 مليون نسمة. لذا فهي أكثر من ذلك بكثير. لكن لا يجب أن تفرض الفرنسية على الجزائريين، الأمر متروك للعائلات. والجزائر لم تحرر نفسها لتكون جزءاً من بعض الكومنولث اللغوي. اللغة الإنكليزية شائعة لأنها لغة عالمية”.
24