تذكرة مترو باريس تودع محطاتها بعد 122 عاماً من العطاء
لطالما كانت تذكرة المترو الورقية العتيقة مصدر إلهام لصانعي الأفلام وكتاب الأغاني الفرنسيين، ولطالما استخدمت كفاصل بين صفحات الكتب، وها قد أوشكت اليوم، على الوصول إلى نهاية الخط.
تعمل هيئة النقل العام في باريس، على التخلص التدريجي من قطعة الكرتون المستطيلة التي أبقت مسافري العاصمة في حالة تنقل دائم على مدار الـ122 عاماً الماضية.
بعد 20 عاماً من نهاية استخدام التذكرة الورقية في قطار أنفاق نيويورك وبداية استخدام القطع المعدنية، ها هي تذكرة المترو التي يبلغ قيإسها 6.5 سم × 3 سم بشريطها المغناطيسي البني تبلغ رحلتها التاريخية الأخيرة بلا عودة. عبر القنال الإنجليزي، لا تزال لندن تسمح بشراء التذاكر الورقية الفردية ذهاباً وإياباً في شبكة الأنفاق الخاصة بها، ولكنها تفرض رسوماً تقترب من ضعف تكلفة تذكرة الذروة التي تعمل من دون لمس. وفق موقع «الغارديان» البريطاني.
كانت «سلطة النقل الإقليمية» في منطقة «إيل دو فرانس»، التي تعد باريس جزءاً منها، تأمل في انتهاء العمل بالتذكرة الورقية، لكن أزمة «كوفيد – 19»، والغزو الروسي لأوكرانيا، والنقص العالمي في الرقائق الدقيقة جميعها شكلت أسباباً في تأخير إدخال التكنولوجيا الحديثة.
في هذا السياق، قال لوران بروبست، المدير العام لشركة «إيل دو فرانس موبيليتيس» في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا في عجلة من أمرنا، لكن أزمة الرقائق أبطأتنا».
استخدمت تذكرة المترو لأول مرة في 19 يوليو (تموز) 1900. عند الساعة الواحدة ظهراً، عند افتتاح الخط الأول لـ«معرض باريس 1900» بتكلفة 25 سنتاً فقط للحصول على مقعد من الدرجة الأولى. وتبلغ تكلفة التذكرة الواحدة الآن 1.90 يورو.
في فيلم «Le Salaire de la Peur» إنتاج عام 1952، ظهر الممثل الإيطالي الفرنسي يافيس مونتاد يقدم تذكرة مترو باريسية رمز صداقة. وقبل ذلك بعامين، تحديداً في 1950، جاءت أغنية «بوينكونيور» (صانعو التذاكر) الذين اختفت وظائفهم مع وصول البوابات الدوارة الآلية لتحتفي بالعاملين في هذه المهنة. وتضمنت رواية ريموند كوينو «Zazie dans le Métro»، التي أُنتجت في فيلم من ستينات القرن الماضي للمخرج لويس مالي، بطاقة ورقية على غلاف دعاية الفيلم.
كتب غريغوار تونات، مؤلف كتاب «التاريخ القصير لتذكرة مترو باريس»، الذي نشر عام 2019. يقول: «منذ عام 1900، رافقت تذكرة المترو حياتنا اليومية. تلك القطعة الورقية التي كانت تقبع في أسفل جيوبنا، وفي محافظنا أو في منتصف صفحات كتبنا… ستختفي قريباً». واستطرد: «إنها أحد عناصر الحياة في باريس. عمرها قصير للغاية، نحو ساعة إلى ساعة ونصف، لكننا أصبحنا مرتبطين بها».
تعتقد سلطات النقل أن واحدة من كل 10 تذاكر تُفقد أو تُتلف أو تُنسى في أسفل الجيب أو في الحقيبة، لذلك يجري التخلص التدريجي من آلات إصدار التذاكر المنتشرة في شبكة المدينة. وبحلول عام 2025، ستكون تذكرة مترو باريس قد وصلت إلى محطتها الأخيرة، لتحل محلها تذاكر على الهواتف المحمولة أو بطاقات السفر.