د. عبدالرزاق محمد الدليمي: عندما نمشي وراء الحمير
استعرت هذه الفقرة من كتاب* (نحن والحمير في المنعطف الخطير)للأديب اليماني محمد مصطفى العمراني.يتحدث فيها عن معاناة أهل قريته الذين ينقلون مياه الشرب من عين ماء، حيث لا بدّ لهم أن يسلكوا في طريقهم إلى العين، ممرّاً أو منعطفاً خطيراً بجانب وادٍ سحيق، تسبب بوفاة عدد من الأطفال نتيجة سقوطهم مع الحمير بهذا الوادي أثناء عبورهم ذلك المنعطف. وبعد عقود من الزمن كان وجهاء القرية يجتمعون في منزل أحدهم، يناقشون موضوع المنعطف وكيفية إيجاد حل لهذه المشكلة.وعندما سألهم الكاتبالذي تعرّض أكتر من مرّة للسقوط في الوادي عندما كان طفلاً يذهب مع الحمار إلى العين):لماذا لا تسلكون طريقاً آخر آمن للوصول إلى العين؟؟!!!!فوجئ بإجابة مُفزِعة:نحن نمشي وراء الحمير، وهي من تسلك بنا ذلك الطريق :فعلا نمشي وراء الحمير…
تداعيات الاحتلال
البنية الفكرية والنفسية للعراقي بحاجة إلى تفكيك العناصر المؤسِسة لها، وتحليلها. فالمواطن العراقي البسيط ظهرت لديه كثير من إلاختلالات وإلاضطرابات إنعكست على الدولة العراقية بشكل مدمر ناتجة عن تربيته وتنشئته في بيئة تتغلغل فيها المخططات الخارجية سيما الفارسية منذ زمن بعيد بغطاء ديني بهدف السيطرة على العراق، وتسخيره ونهب ثرواته..وظاهرة العملاء بشكل جماعي من قِبل الساسة ذيول طهران من الإسلاميين ومن معهم الذين إرتموا في أحضان نظام الملالي، وخانوا وطنهم، بل عملوا على تدمير ونهب ثروات العراق بشكل منظّم، ومتواصل، بحيث أصبح السياسي عدوا صريحا لبلده، ويقوم بأبشع الخيانات الوطنية.. وما ينفذه الساسة المتأسلمين هو حالة نادرة في تاريخ الخيانة والعمالة الجماعيةان سلوك وممارسات هؤلاء طيلة عقدين سوداوين تؤكد وجود مشكلة عميقة في تربيتهم داخل عوائلهم منذ البداية، لان وعيهم يتفتح على طقوس غريبة عن مجتمعنا تزرع في نفوسهم ، الكراهية ثم تتمدد مشاعر الكراهية للسلطة المعاصرة التي تقود الدولة العراقية ،وهنا يتم دمج السلطة والدولة في هذه الكراهية دون تمييز وتفريق، وتصبح هنا مشاعر الإنتماء الوطني لدى هؤلاء معدومة .
ان تربيه هؤلاء على حب وتقديس رجال الدين الصفويين، وتصويرهم على أنهم الوحيدين الذين يفهمون الدين أفضل من رجل الدين العراقي وان رجل الدين الصفوي هو وكيل الله على الأرض.. للاسف فأن هذا النوع من الهرطقات، والشعوذة الدينية يكرس عبادة شخصية رجل الدين الصفوي لدى اعداد من الشعب العراقي، ويصبح رمزا مقدسا لديهم، وصولا الى الاعتقاد ان كل شيء صفوي مقدسا وفي المقدمة منهم نظام الملالي وسلطاته ومخططاته الخبيثة العدوانية.(( لدرجة لا يصدق هؤلاء العراقيين لغاية الآن أن من أرسل المجرم “الزرقاوي” إلى العراق هي إيران، وأن من أرسل عناصر تنظيم القاعدة وداعش هي إيران بالتعاون مع سوريا والأحزاب والميليشيات الولائية في العراق.. لأن عقل هذا العراقي مُبرمَج على تقديس إيران بسبب تأثير هالة المراجع الفرس المتواجدين في النجف وكربلاء والكاظمية على مر الزمن))
ان عمليات غسل الدماغ التي تمارسها المرجعية الفارسية في العراق، و تسويق نفسها بإعتبارها جهة مقدسة، تحتكر ((علوم الأولين والآخرين)) وتتصل بأهل البيت، بحيث هناك إعتقاد ان المرجع الإيراني يلتقي بالإمام المنتظر صاحب الزمان، وربما يتلقى إلهامات معينة وتفويضات روحانية ربانية خاصة تزوده بالمعرفة الدينية والدنيوية..!!هذه الصورة الوهمية المغلوطة للمرجع الإيراني تؤدي إلى حالة انتقاص في الذات لدى هذا المواطن، وبالدونية ، وبالإنسحاق والنقص ينصاع صاغرا ذليلا إلى خدمة الإيراني، وطلب رضاه وبركاته إذ يغدو السياسي المتأسلم بحاجة إلى الإهانة والمذلة أمام سيده الإيراني، ويدمن على الخضوع والعبودية..
لقد استطاع الاحتلال ومن خلال نظام الملالي ان يجمع الساسة العراقيين مثل “الخرفان”، ويأمرهم بخيانة وطنهم وهم سعداء بهذه العمالة والخيانة لأنها تُشبِع حاجاتهم لانهم عبيد للملذات والشهوات التي يفترض انهم ابعد مايكونوا عنها.، ولكن أصابهم الضرر النفسي والعقلي من التراث الذي نقلوه الفرس بطريقة مشوهه.. وانصياعهم لمفاهيم التقديس للمراجع الإيرانيين… مما أثر سلبا على تغييب نمو الشخصية الوطنية.لصالح تغليب العمالة للنظام الصفوي في طهران. والمحزن ان هذا انعكس حتى من ادعوا انهم علمانيين الذي ظهر واضحا عدائهم لكل المفاهيم الوطنية وان الانتماءات الفرعية لهم أهم من مصالح العراق…!!ان المواطن العراقي ذو البُنّية النفسية والعقلية التي تؤمن بالعراق وشعبه، لاتخضع لسلطة احد الا الله والعراق، يشعرون بالانتماء الى بلدهم العراق، على خلاف من انحنوا للاحتلال وقبلوا ان يكونوا عبيدا له وهذه هي (الخيانة الوطنية) ، ان غالبية الشعب العراقي لديهم كل صفات الشجاعة والروح الوطنية، ويتمتعون بقدر جيد من الثقافة العامة، ومن هؤلاء وبهذه المواصفات ، هم المؤهلون أن يكونوا رجال وقادة الدولة الحقيقية، بمستوى اعلى وأفضل بكثير من سياسي الصدفة والعمالة للاحتلال بكل اشكاله الامريكي البريطاني الفارسي المتصهين .
لسنا ضد شعوب ايران
كان العراق ويبدو انه سيبقى يتعرض للعدوان من جيرانه ،فمنذ ان تمكن الجيش المغولي بقيادة هولاكو من تدمير بغداد بمساعدة الوزير ابن العلقمي، قام المغول بإبادة جماعية للمسلمين في بغداد وتعرضت بغداد لتدمير آخر على يد تيمورلنك. ثم تعرّض العراق في عهد الصفويين لهجمات دموية كانت هدفها بث الفرقة بين افراد الشعب الواحد بتخطيط ودفع بريطاني للضغط على الدولة العثمانية وفتح جبهه في جنوبها ،وكان إسماعيل الصفوي قد توجّه بجيش كثيف إلى بغداد، ودخلها سنة 941هـ وفتك بأهلها وأهان علماءها وخرّب مساجدها وجعلها اصطبلات لخيله، فاضطر السلطان سليمان القانوني إلى وقف زحفه في أوروبا،
وعاد بقسم من الجيش لمحاربة الصفويين وتأديبهم لكن الشاه عباس الصفوياستغل تغلغل العثمانيين في أوروبا وحروبهم مع النمسا والمجر، فعاد إلى مهاجمة بغداد، ودخلها سنة 1033هـ 1623م يقول العالم الاجتماعي د. علي الوردي متحدثاً عن حكم الصفويين لإيران والعراق “يكفي أن نذكر هنا أن هذا الرجل (الشاه إسماعيل الصفوي) عمد إلى فرض التشيع على الإيرانيين بالقوة، وجعل شعاره سب الخلفاء الثلاثة. وكان شديد الحماس في ذلك سفاكاً لا يتردد أن يأمر بذبح كل من يخالف أمره أو لا يجاريه. قيل أن عدد قتلاه ناف على ألف ألف نفس” أي مليون
العراق في عهد الخلافة العثمانية ،أدى انهيار الدولة الصفوية في إيران سنة 1722، وما صاحبه من فقدان للأمن وحروب الأمراء، إلى هجرة أعداد متزايدة من رجال الدين إلى النجف وكربلاء.وعن تأثر العراق بإيران يقول الوردي: “بعد أن تحولت إيران ((بالقوة)) إلى التشيع، أخذت تؤثر في المجتمع العراقي تأثيراً غير قليل. فقد بدأ التقارب بين الإيرانيين وشيعة العراق ينمو بمرور الأيام. وصارت قوافل الإيرانيين تتوارد تباعاً إلى العراق من أجل زيارة العتبات المقدسة أو طلب العلم أو دفن الموتى وغير ذلك .
توظيف الصراع الطائفي لاهداف سياسية
ان الطائفية والإرهاب هما شكلان لحقية واحدة، وان الممارسات الطائفية الذي يقع تحته سطوتها العراق الآن هي في خدمة مصالح بعض السياسيين الذي يرون فيه فرصة لهم لتفعيل قراراتهم داخل العمل السياسي على حساب المواطن العراقي، على أنّ هذا الشكل من أشكال الإرهاب كان دافعا مهما لظهور ظاهرة العنف الطائفي في العراق، ومن ثم له تأثيرات مهمة على التماسك الاجتماعي العراقي، إذ ساعدت بعض الكيانات السياسية التي تدعي زورا انها اسلامية على ازدهار الإرهاب كشكل للعنف واوجدت ظروفاً خاصة جعلتها أكثر خصوبة لازدهار هذه الظاهرة. واصبحت اليوم اشدّ وضوحا ، وكان ذلك فرصة لسلطات الاحتلال الأمريكي بعد عام 2003، لفرض حالة من التنافر بين مكونات المجتمع العراقي من خلال دفع تلك المكونات لعدم تقبل الرأي الآخر على أسس المواطنة والتعايش السلمي وقبول الآخر، وحل الاختلافات بالعنف وليس بالحوار والتفاهم، وذلك بغية زعزعة السلم الأهلي وتمزيق النسيج الاجتماعي العراقي، وإشاعة بيئة من العنف والصراع والاحتراب بين أبناء الوطن الواحد، مما هدد التعايش والسلم الأهليين، وبالتالي وحدة النسيج الاجتماعي العراقي التي تشكل شرطا ” موضوعيا” من شروط بناء الدولة المدنية ومؤسساتها الدستورية والديمقراطية.
إنّ القانون الذي يحكم السلوك الطائفي هو الظهور والاحتماء بالطائفة عندما يتعرض وجود الشخص أو وظيفته إلى الخطر، وهذا يفسر سبب عدم ظهور الطائفية في قبل الاحتلال ، ولكن بروزها في هذا الشكل يؤشر على أنها حالة اوجد الاحتلال بالتعاون والتخادم مع نظام طهران دواعي لظهورها وبروزها، إذ تداخل فيها الديني والسياسي، وإذا كان السلوك الطائفي ملازم للبعض من اصحاب العقلية البسيطة والساذجة، فان الغريب في هذا الأمر أن هذا السلوك اصبح يلازم قاده مثقفون ويحملون شهادات جامعية، إذ ينادى بعضهم لتشكيل تكتل ديني يضم وجوه دينية كانت إلى وقت قريب محسوبة على النظام الذي اسسه الاحتلال ، وأخرى تظهر بين الحين والأخر معارضتها لهذا النظام.
المطلوب الان
ان اهم مايجب ان تركز عليه كل القوى التي تنادي بالهوية الوطنية العراقية وتعمل على ان تكون هي اولوياتنا كعراقيين ان تضع الاسس الفكرية والعملية والاهتمام ببناء الدولة الوطنية وخلق المواطنة الصالحة، وهذا ما سيسرع بانـدحار الطائفية والمناطقية والعشائرية واضعافها في خطاب وسلوك العملاء بعد ان فقدوا مصداقيتهم في الوسط الجماهيري ،وبعد مرور عقدين من الزمن سادها كثير من محاولات المحتل الأمريكي البريطاني الفارسي المتصهين والهدف الإقليمي لتمزيق النسيج الاجتماعي العراقي وإشاعة الفتنة وضرب السلم الأهلي والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع العراقي وإشاعة ثقافة الانتقام واللا تسامح التي اتسم بها المشهد السياسي العراقي طيلة الفترة المنصرمة من عمر ما سمي بالعملية السياسية العراقية والتي اتسمت بأزمة سياسية مزمنة وتجاذبات انعكست أثارها وتداعياتها حتى على ثقافة التسامح في المجتمع وهو ما شكل تهديدا ” جديا” لوجود العراق، لذا واجب على كل من يدعي حب العراق ورغبته الحقيقية بالتغيير الجذري نحو الحياة الافضل للعراقيين ان يسعى ويدعو ويشجع على كل خطوة بأتجاه خلق البيئة المناسبة للتسامح الفعال والتعايش الإيجابي بين مكونات المجتمع العراقي، أكثر من أي وقت مضى، في عالم بات فيه التقارب بين الثقافات والتفاعل بين الحضارات المتباعدة يزداد يوماً بعد يوم بفضل ثورة المعلومات والاتصالات والثورة التكنولوجية التي أزالت الحواجز الزمانية والمكانية بين الأمم والشعوب، حتى أصبح الجميع يعيشون في بيئة اتصالية واحدة، وهذا مايجب ان يبرز تعايشنا وتسامحنا في بلاد الرافدين مهد الحضارة الإنسانية منذ أكثر من ثلاثين الف سنة.
نداء الى الشعب العراقي:
العراق مازال محتلا منذ عقدين وسيبقى كذلك وفيه اكبرالقواعد العسكرية الامريكية الضخمة واكبر سفارة امريكية ويدار العراق من قبل امريكا وبريطانيا و(اسرائيل) ونظام طهران والامم المتحدة المسيطر عليها امريكيا ،لذا لن ترى أيها الشعب العراقي الاستقرارمطلقا ،فلا تضيعوا وقتكم بمهازل لانتخابات وتشكيل الكتل والتوافقات ،فهذه لعبة المحتلين لاشغالكم بأكذوبة الديموقراطية الغربية المزيفة!!! ان استمرارية وجود المستعمرين على ارضكم وبينكم ،تكمن باستمرارية تفرقوكم وذهاب ريحكم علينا ان نطرد جميع المحتلين من ارض العراق ومن اتى معهم من المرتزقه ،دفعه واحدة وانهوا نزيف الدم ،حتى نستطيع ان نعيش احرارا في بلدنا وننعم بالامن والاستقرار والتنمية والحريه ،اسوة بجميع شعوب الارض ،وعلى كل المعنيين بالاديان في العراق ان يحددوا موقفهم بتحريم وجود الاحتلال ،والدعوة لاخراجه جميعا من ارض العراق . ولم تبقى حجج بعد عشرين عاما من الظلم وتدمير الحرث والنسل وقتل وتشريد الملايين وزرع الفتنة والفرقة بين ابناء العراق ،لذا يلزم كل رجال الدين المؤمنين الصالحين الذين يحبون تربة بلدهم وشعبهم من كل الاديان ان يعلنوا الدعم الكامل لثوار العراق الذي يضحون بالغال والنفيس لاخراج المحتلين وذيولهم من ارض العراق ،لقد سقطت ورقة التوت وبانت الأمور جلية ولن تنطلي على العراقيين الشرفاء بعد اليوم العاب العمالة والخيانة والدجل وما عاد الالعاب قادرة ان تغطي عورات السياسين وسيئاتهم…فارحلوا جميعا…فلقد رفضكم الشعب ورفسكم الى مزابل التاريخ..
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز